الكون مليئ بالغموض والأسرار وليس عليك ان تذهب بعيداً لإيجادها، بعض الأسرار الغامضة في حياتنا اليومية تحدث بين جنبات اجسادنا مثل سبب تحول شعر الرأس للون الأبيض وسبب اختلاف اصوتنا عبر المسجل والتي قد تكون مثيرة لأهتمامنا أكثر من سبب تكوّن الثقوب السوداء أو تمدد الزمن.
الجسم البشري من الأشياء الغريبة والغامضة والمحيرة التي تتميز بالدقة المبهرة والكفاءة منقطعة النظير، وبالرغم من استكشافنا المستمر لها إلا انها مازالت مليئة بالأسرار المحيرة والأحداث الغير منطقية التي عانينا كثيراً لفهم الغرض منها وطرق حدوثها، وقد تحدثنا في مقال “أمور غامضة عن الجنس البشري لم يتمكن العلم من حلها بعد” بجزئية الأول و الثاني عن تلك الأمور التي لم يكشف ستار الغموض عنها إلى الأن ولكن اليوم ولحسن حظنا هناك من العلماء من عكفوا على دراسة بعض الأمور وكنتيجة لعملهم المضني نحن الأن نعلم اجابات بعض الأسئلة والأسرار التي لطالما حيرتنا وسوف نناقشها معاً من خلال هذا المقال الجديد بأجزائه الثلاثة.
لماذا نظهر دائماً بشكل غريب في الصور؟
إذا كان هناك شيئاً اكثر احباطاً من سماع صوك عبر المسجل فهو النظر الى صورة قديمة لأصدقاءك ثم تلاحظ في ركن بعيد من الصورة شخصا ما ينظر اليك نظرة غريبة ومريبة ثم تدرك .. يا إلهي أنه أنا لقد تأكدت مراراً وتكراراً.. انه انت، حسنا ولكن هذا بالتأكيد ليس ذلك الشخص الذي تتلهف لرؤيته كل يوم في المرآة أو الذي تراه مصادفة في زجاج النوافذ وشاشات الكومبيوتر المعتمة. بعد تلك الصدمة إليك الأخبار الجيدة، أن تبدو مختلفاً في الصور الفوتوغرافية هو أمر طبيعي جداً وذلك لعدة اسباب، أولها واهمها ان كل صورة نراها لأنفسنا هي “إنعكاس” لنا بينما الصورة التي نراها في المرآة هي صورة “معكوسة” لنا، في الواقع الصورة المقلوبة او المعكوسة هي الصورة التي اعتدت عليها واحببتها طوال فترة حياتك. عندما يقتنص احدهم صورة لك فأنت في الواقع ترى خصائصك وخصالك معكوسة بالشكل الصحيح ولأن الأوجه في الغالب غير متماثلة يصاب دماغك بالفزع لعدم ادراكه لحقيقة ذلك الإختلاف.
السبب الثاني ان الكاميرا سواءاً المستخدمة في التقاط الصور او الفيديو تظهرنا بشكل نختلف وغريب وذلك لان عدسة الكاميرا تعمل بطريقة 1_123125_123073_2156470_2158678_070222_exp_10lbstn .jpg.CROP.original-originalمختلفة عن عدسة العين البشرية. وهناك شئ اخر دائماً ننساه وهو انه لا يوجد طريقة موضوعية تبدو بها الأشياء، الأمر كله يعتمد على طريقة العين أو الآلة لمعالجة الضوء المنعكس، انت تبدو غريباً عبر عدسة الكاميرا ولكنك ستلاحظ انك تبدو اغرب لو تمكنت من النظر لنفسك عبر عيني قطة مثلاً. يجب أيضاً ان تضع في اعتبارك ان عدسة الكاميرا لا تعمل فقط بطريقة مختلفة عن عدسة العين وانما عدسات الكاميرات المختلفة تعمل بطرق مختلفة ايضاً.
العدسات المقربة على سبيل المثال تقلل المسافة بين العدسة وبين الشئ الذي يتم تصويرة، الأشياء او العناصر الثابتة لا تتأثر كثيرا بهذا الأمر ولكن قد يتأثر مظهر الإنسان كثيراً عندما تعمل العدسة على تقليص المسافة بين انفه واذنيه فتظهر ملامحة اكثر توازناً واتساقاً بينما قد تؤدي عدسات اخرى للعكس تماماً فتظهر بشكل اعرض من الواقع وقد تبدو سميناً أيضاً، حتّى ارتفاعك وطولك قد يتاثر تماماً بنوع العدسة المستخدمة في التقاط صورتك وهناك ايضاً عامل مهم جداً ومؤثر وهو الإضاءة والتي تؤثر بشكل كبير جداً على ملامحك ومظهرك، بالنظر إلى العوامل السابقة مجتمعة تجد انه من غير المستبعد ان تبدو في الصور افضل أو أسوأ مما تبدو عليه في الواقع وقد يكون من المستحيل عليك انت شخصياً ان تدرك أي الحالتين تمثلها الصورة التي امامك لأن كل مظهر تبدو به يعد غير موضوعياً ولا يمكن منطقياً ان نعتبر ان احدهم هو مظهرك أو شكلك “الحقيقي”، اجلس الأن قليلاً وفكر في ذلك لبرهة. [1 2 3 4]
لماذا ترى في بعض الأحيان خطوطاً متعرجة ونقط صغيرة امام عينيك؟
العينين من الاجزاء الحيوية جداً في جسم الإنسان فهي نافذتك الأهم لإدراك ما حولك وهي في نفس الوقت من الأعضاء المعقدة جداً في تركيبها وحساسيتها مثلها مثل سائر الأعضاء الاخرى التي حبانا الله بها، ولكن هناك شيئاً غريباً يحدث من حين لأخر معي ومعكم وهو رؤية خطوط قصيرة ومتعرجة تطفو امام عينيك ثم تختفي في اللحظة التي تحاول ان تركز نظرك عليها لتظهر في موضع أخر. ثم هناك النقط المضيئة الصغيرة التي تشبه النجوم وتظهر امام عينيك عندما يكون جسدك مجهداً او بعد ان تعطس او عند فرك عينيك او عندما تقوم بمناورة فالسالفا وهي ان تقوم بضغط الهواء لخارج جسمك مع غلق فمك وانفك.
في الواقع كلا الظاهرتين شئ طبيعي ولكن الغرابة تظهر عند معرفة تفسيرهما، في البداية تلك الأشكال التي تراها لم تحدث بسبب شئ ما سقط في عينيك، العينين مليئتان بمادة هلامية تعرف بالسائل الزجاجي – vitreous وتمر هذه المادة الهلامية بعدة تغييرات كلما تقدمت في السن إذ تبدأ في التقلص وتفقد نعومتها لتصبح أكثر خشونة وقد تزداد سيولتها او ميوعتها لتسمح بذلك للألياف المجهرية الموجودة في عينيك بالتجمع وتكوين شتلات او مجموعات كبيرة بالقدر الكافي الذي يسمح للعينين بملاحظتها ورؤيتها ولكنها في نهاية المطاف سرعان ما تتحرك نحو قاع العينين ولا تتمكن من رؤيتها.
أمّا بالنسبة للنقط المضيئة فتسمى فوسفين – phosphenes وتحدث عندما يتم العبث بالخلايا الموجودة في شبكية العين وهو ما يحدث عندما تقوم بفرك عينيك مثلاً أو عندما تتعرض لصفعة قوية على وجهك وقد لاحظ العلماء ان بإمكانهم ايضاً تحفيز الفوسفين من خلال تمرير الكهرباء عبر الجزء المسؤول عن الإبصار في الدماغ، الأمر الأخر المثير للدهشة هو عندما تخرج لتنظر بتمعن للسماء الزرقاء الصافية لترى نقاط بيضاء خافتة تتحرك عند اطراف مجال رؤيتك، ما تراه في الواقع هو خلايا الدم البيضاء اثناء مرورها من خلال الأوعية الدموية الموجودة في مقلة العينين لأن الضوء الأزرق الموجود بكثرة في السماء يعمل على جعل الأوعية الدموية والخلايا الأخرى شفافة بالنسبة لعينيك لتظهر لك خلايا الدم البيضاء الموجودة بداخلها بشكل واضح. [1 2 3 4 5 6]
لماذا تحدث لنا الحازوقة؟
لا شك ان جميعنا قد خاض هذه التجربة من قبل في مرحلة ما في حياته بل ان الدراسات تؤكد ان الأجنة تصاب بالحازوقة في أرحام أمهاتهم، ذلك الفعل اللارادي يأتي ويذهب بسرعة للعديد من الناس ولكنه في أغلب الاوقات شئ مزعج وقد يكون مصدر ازعاج دائم لبعض الأشخاص مثل Charles Osborne الذي أصيب بالحازوقة لمدة 68 عاماً دون انقطاع حيث أصابته في عام 1922 عندما كان يحاول حمل خنزير ليقوم بسلخة وكانت تحدث بمعدل 40 مرة في الدقيقة الواحدة واستمر على هذا الحال إلى عام 1990 أي قبل وفاته بعام واحد فقط.
العلماء لم تكن لديهم أي فكرة عن سبب حدوث الحازوقة او كما تعرف بالزغطة ولكن لهم بعض التفسيرات في هذا الشأن، أحدثها تلك النظرية التي اقترحها Daniel Howes وفحواها ان الحازوقة قد تطورت كطريقة يستخدها الرضع من اجل طرد الهواء المحتجز في معدتهم ليتمكنوا من الحصول على المزيد من الحليب والرضاعة بشكل اكثر كفاءة، إذ ان انقباض وتقلص الحجاب الحاجز يتسبب في احداث فراغ ينتج عنه خروج الهواء عبر الفم، يمكننا ان نعتبرها عملية تجشؤ ذاتية يقوم بها الرضيع. ويبرهن دانيال هوز على نظريته بأن الثدييات فقط وتحديداً الانواع التي تعتمد على الرضاعة هي التي تصاب بالحازوقة وتحدث بكثرة في بدايات مرحلة النمو. استمرار وجود هذا الأمر في مرحلة البلوغ مع قلة حدوثة هو ببساطة امتداد لهذه الخاصية كما انه اشارة الى وجود هواء في معدتنا بسبب الأكل او الشرب بشكل سريع. [1 2 3 4]
لماذا نصاب بغُصّة في الحلق؟
حسناً قد يكون هذا الشئ الوحيد في في مقالنا بأجزاءه الثلاثة الذي لم يختبره الجميع لانه مرتبط بالحزن، هل سبق لك الشعور بحزن شديد جداً وكنت على وشك البكاء ثم شعرت بتلك الغُصّة المؤلمة في حلقك؟، انت تشعر وكأن هناك شيئاً ما يقف في حلقك ولكنك تعلم يقيناً انه لا يوجد اي شئ مادي هناك، هذا أمر شائع الحدوث لمن وصل به الحزن منتهاه وكان على وشك الإنفجار في البكاء.
الإحساس بغُصة الحلق هو نتيجة لصراع المقاومة او الهروب الموجود داخلنا، والذي يتم إثارته عندما نكون في موقف خطر او تحت وطأة ضغط واجهاد شديدين، في تلك المواقف العاطفية يقوم الجسم بضخ المزيد من الدم والاكسجين للمخ والعضلات لكي تستجيب بشكل اسرع وهذا هو سبب ضربات القلب المتسارعة من اجل توفير الدم بالإضافة للتنفس بشكل سريع من اجل توفير القدر الكافي من الاكسجين. لتسهيل الأمر، الاحبال الصوتية والشقوق التي بينها (المزمار) تبدأ في التمدد من اجل السماح لكمية اكبر من الهواء المحمل بالاكسجين بالمرور عبر الحلق وعندما يحاول الشخص ان يقوم ببلع ريقه لابد ان تُغلق تلك الشقوق مجدداً وهنا يحدث تعارض في حركة العضلات ونشعر بتلك الغُصّة.
ملاحظة: عند البلع لابد ان تغلق الشقوق الموجودة بين الأحبال الصوتية وما نعرفه بلسان المزمار لكي لا يدخل الريق او الطعام والشراب إلى القصبة الهوائية ونصاب بالإختناق
ملاحظة اخرى: التعارض الذي حدث في حركة العضلات سببه ان هناك امر بالتمدد من اجل السماح بمرور المزيد من الأكسجين وأمر اخر استثنائي ومفاجئ بالإنقباض من اجل عملية البلع فيحدث تضارب في حركة العضلات وتعمل ضد بعضها البعض مسببة الشعور بالألم أو الغُصّة. [1 2 3 4]
متلازمة الإهتزاز الوهمي
إذا كنت تستخدم الهاتف الذكي او أي جهاز إلكتروني اخر مزود بخاصية التنبيه بالإهتزاز فمن المرجح انك تعرضت لمتلازمة الإهتزاز الوهمي من قبل دون ان أغلب البشر يشاركونك نفس الأمر. الأمر ببساطة هو انك تشعر بإهتزاز في جيبك فتخرج جهازك الإلكتروني لتكتشف انه لم يحدث شئ ولا يوجد تنبيهات تستدعي الإهتزاز بالرغم من انك شعرت بالإهتزاز ومتأكد تماماً من ذلك.
في عام 2010 هناك دراسة وجدت ان 68% من الأشخاص الذي يستخدمون اجهزة إلكترونية تتضمن خاصية التنبيه بالإهتزاز يشعرون بتلك الإهتزازات الوهمية بشكل متكرر، التفسير المرجح لهذا الأمر هو ان الدماغ يقوم بتفسير المعلومات الحسّية الأخرى مثل حركة الملابس الطفيفة مثلا او المفاتيح والعملات المعدنية في جيبك بشكل خاطئ ويعتبرها اهتزازات لانه في حالة توقع وتأهب مستمر لورود تلك التنبيهات عبر الجهاز. انت تركز لاارادياً على هاتفك لانك تتوقع ان يهتز في اي وقت لذلك يقوم عقلك بذلك بالنيابة عنك ويجعل الهاتف مثلاً من اولوياته وبمجرد حدوث حركة خفيفة يترجمها بشكل خاطئ ويقوم بتنبيهك بنفس الطريقة التقليدية لأنه يعرف مسبقاً شكل وطريقة التنبيه، تخيل نفسك مثلاً انك تجلس في منزلك وتنتظر ان يقوم احدهم بالطرق على بابك في اي لحظة ومعه خبر مصيري ستجد انك قد تترجم اقل حركة او طرق في داخل او خارج المنزل على انه طرق على الباب. [1 2 3 4]
دُوار البحر
دُوار البحر أو غثيان البحر أو الغثيان المصاحب للحركات الاخرى المختلفة عبارة عن مجموعة من الأعراض تظهر على عدد غير قليل من الأشخاص الذي يسافرون عبر السفن او السيارات وتتمثل في الدوار والقئ، تحدث هذه الحالة بسبب الإنفصال بين ما يراه الشخص وما يشعر به، في القارب الهزّاز (لعبة اطفال) مثلاً يشعر الجسم بالحركة من خلال الأذن الداخلية ولكن لا يمكنه رؤية تلك الحركة لأنه في الواقع ما زال في مكانه وهذا يتسبب في وصول معلومات متضاربة إلى الدماغ وهذا بدورة يُفَعّل تقنية دفاعية نفسية لدى الجسم،لأن هذا النوع من تضارب المعلومات والحواس يكون في الغالب بسبب الهلوسة والهذيان اللذان يحدثان بسبب السموم، والغثيان والقئ هما وسيلة الجسم للتخلص من السموم التي يظن العقل انها موجودة بداخلك وتؤثر على حواسك.
بجانب العقاقير المتخصصة للحد من حدوث هذا الامر يمكنك ببساطة ان تساعد عقلك على ادراك الواقع لكي لا تصاب بدوار البحر او الحركة، لو كنت في القارب انظر نحو الأفق ولو كنت في سيارة انظر من النافذة ولاحظ الأشياء التي تمر بسرعة بجوارك وبهذا سترسل العين معلومات متوافقه مع ما ترسله الأذن الداخلية وسيدرك العقل انك في حالة حركة ولن يقوم بتفعيل تقنياته الدفاعية المتقدمة تلك.
تفسيرات علمية لأشياء غريبة تفعلها اجسامنا ولا نعرف سببها – الجزء الثاني
تفسيرات علمية لأشياء غريبة تفعلها اجسامنا ولا نعرف سببها – الجزء الثالث