يتوقع خبراء ومحللون أن تشهد الأيام المقبلة ازدهاراً كبيراً في سوق الكتب المسموعة أو الصوتية وربما ستكون الحدث الأهم والمميز في عالم النشر-الذاتي مستقبلاً.
إن تكنولوجيا الكتب المسموعة التي تلقى إقبالاً ملحوظاً حالياً عبارة عن تسجيل لنص كتاب يتم قراءته، وهي بذلك تتيح الوصول إلى آذان المنشغلين عن القراءة ولديهم مجال للاستماع، فضلاً عن أن الاستماع إلى المعلومة يتيح استنباطها بشكل مختلف عن قراءة نصها.
فبهذه التكنولوجيا التي تقوم على تحويل النص الورقي إلى مقاطع صوتية كاملة وبأصوات مميزة بطريقتي mp3 وmp4 وطرحها على أسطوانات مدمجة ، أصبح بمقدور الغالبية العظمى من القراء الذين حرمهم انشغالهم الدائم من القراءة أن يتابعوا كتبهم المفضلة وهم يقودون سياراتهم أو أثناء وجودهم بمكاتبهم أو عند ممارستهم الأعمال المنزلية ، حتى وهم في فراشهم فضلاً عن ذوي الإعاقة البصرية أو المكفوفين .
ولنستحضر هنا رأى الكاتبة الأمريكية كالدويل المحامية السابقة في المحكمة المدنية، والباحثة المقيمة في كلية شيكاغو للقانون، التابعة لجامعة لويولا، عندما شرحت تجربتها مع النشر التقليدي بإصدار 13 رواية، ثم تجربتها مؤخراً بإصدار أول كتاب مسموع بطريقة النشر الذاتي، لتؤكد ، بكثير من الشواهد من حولها، تزايد الإقبال على سماع الكتاب الصوتي، فضلاً عن اكتشافها جانباً مثيراً جداً عندما تحوّل بعض أبطال أداء روايتها صوتياً إلى شركاء في العمل، وأحدهم أصبح مدير أعمالها.
وتستذكر كالدويل كيف أنها لم تكن مهتمة بالنشر الذاتي أو الصوتي قبل خمس أو ست سنوات، ثم كيف بدأت تعطي انتباهها لهذا الموضوع، ومناقشته من قبل مؤلفين أصدقاء لها، وكيف أن الكفة بدأت تميل لغير مصلحة النشر التقليدي.
و تستهدف الكتب الصوتية شرائح أوسع من المتلقين قد تكون نسبة كبيرة منهم من غير قراء الكتب المطبوعة أو الإلكترونية.
وفي ضوء ذلك يرى بعض المعنيين بمستقبل سوق النشر أن الاهتمام بالكتب الصوتية يجب أن يلقى اهتمام كل من يؤلف كتاباً ويريد له الرواج والانتشار.
لهذا ظهرت مشاريع عربية " وإن كانت بأعداد قليلة " من ناشري الكتب المسموعة المتخصصة في إنتاج الكتب الصوتية الرقمية العربية، على الإنترنت والجوال (الهاتف المحمول) كطريقة أسرع من أجل الوصول إليها بسهولة ويسر.
ويتطلع أصحاب تلك المشاريع إلى بناء مكتبة صوتية رقمية فريدة ومتميزة خلال الخمسة أعوام القادمة يمكنها أن توفر أكثر من ألفي كتاب صوتي باللغة العربية، منها كتب التطوير والتنمية الحديثة، وكتب التراث العربي، الأدبي والديني، وكتب ودواوين الشعر العربي القديم والحديث، والكتب الفكرية والتاريخية، والروايات والقصص، والمجلات الإخبارية ومجلات الأعمال، وكتب وقصص الأطفال.
وفي هذا السياق نذكر موقع "أوديوبوكار" (audiobookar.
com)
الذي يقدم نفسه على أنه «مكتبة الكتب المسموعة والمسرحيات الإذاعية»، مع إشارة إلى هدفه «توفير كتب صوتية ومسموعة مفيدة للعالم العربي، كمساهمة في نشر الثقافة، وفي النهوض بعالمنا الإسلامي والعربي، ودعوة القراء للمشاركة في التعريف بالموقع عبر المنتديات ومواقع التواصل.
وتزخر الصفحة الرئيسة للموقع بإعلانات وتعريفات لإصدارات صوتية مثل رواية «الأيدي الناعمة» لتوفيق الحكيم، ومسرحية « الأشباح» لهنريك ابسن، ورواية «الخطيئة الأولى» لجورج برنارد شو، وكتاب قصة حياة شارلي شابلن، وكتاب «في النفس والمجتمع» لمحمد قطب، و«رحلتي من الشك إلى الإيمان» لمصطفى محمود، و«حوار مع صديقي الملحد» لمصطفى محمود، إلى جانب العديد من الكتب لجبران خليل جبران.
ومثل هذه الإصدارات، الأقرب إلى التراثية تمثل بدايات جيدة، لكنها تحتاج إلى الكثير من الجهد لتشكل وتلبي سوقاً مستقبلياً.
ولا شك أن إنتاج الكتب المسموعة قد يتطلب مؤسسات أو شركات متخصصة وليس أفراداً أو جهوداً ذاتية ، خاصة عندما لا يكون السوق ذا خبرة كافية بهذا المجال مثلما الحال في السوق العربي ، حتى يكون الإنتاج العربي من الكتب الصوتية ذو تسجيلات عالية الجودة لتلاوة نصوص الكتب بفن وإتقان من قبل فريق مختص بهذا الشأن، يتمتع المشاركون فيه بمواهب صوتية وأداء يحترف القراءة التعبيرية وتقمص أصوات الشخصيات المطلوبة لاسيما في الأعمال الخيالية.
كما سيكون بمقدور هذه المؤسسات الكبرى توفير أفضل التقنيات والطرق لتخزين الكتب المسموعة واستخدامها بجودة تكنولوجية عالية، من خلال كوادر هندسة صوتية، ومتخصصين باللغة العربية لتدقيق النصوص وتشكيلها وإنتاج نصوص مسموعة خالية من الأخطاء المنفّرة.