"بناء الفعل المضارع"
السلام عليكم : في هذا الموضوع سأحاول شرح بناء الفعل المضارع باختصار مع اعطاء أمثلة لزيادة التوضيح .
أولاً-الأصل أن الفعل المضارع معرب فيكون مرفوع اذا لم يسبقه شيء أو منصوب اذا سبقه ناصب أو مجزوم اذا سبقه جازم .
ثانياً-استثناءاً يبنى الفعل المضارع في حالتين :
1- يبنى على السكون اذا اتصلت به نون النسوة وتعرب نون النسوة ضمير متصل في محل رفع فاعل ، كقوله تعالى :(( والوالداتُ يُرضِعْنَ أولادَهُنَّ حولَينِ كاملَينِ )) فهنا الفعل المضارع مبني على السكون والأصل (يُرضِعُ) لكن استبدلت الضمة بالسكون ، وتعرب الجملة كالآتي : (والوالداتُ) ال(و) حسب ما قبلها الوالدتُ مبتدأ مرفوع وعلامة رفعه الضمة الظاهرة (يُرضِعْنَ) فعل مضارع مبني على السكون لاتصاله بنون النسوة ونون النسوة ضمير متصل مبني في محل رفع فاعل (أولادَهُنَّ) أولاد مفعول به منصوب وعلامة نصبه الفتحة الظاهرة وهو مضاف والهاء ضمير متصل في محل جر مضاف اليه والنون علامة الجمع والتأنيث [أي إنها تجمع وتؤنث الضمير الذي تتصل به ، وهو الهاء في مثالنا هذا] والجملة الفعلية في محل رفع خبر للمبتدأ (الوالدات) .
2- يبنى على الفتح اذا اتصلت به نون التوكيد الثقيلة أو الخفيفة ، ونون التوكيد لا محل لها من الإعراب
أ- تكون نون التوكيد الثقيلة مشدّدة مفتوحة وهي الأكثر استعمالاً كقول تعالى :((لَئن لم تنتهوا لنرجُمَنَّكم وليمسَّنَّكم مِنّا عذابٌ أليمٌ)) [سورة ياسين / آية 18] فهنا الفعلين (نرجُمَنَّكم) و(يمسَّنَّكم) مبنية على الفتح لاتصالها بنون التوكيد الثقيلة وأصلهما (نرجُمُ) و(يمسُّ) لكن استبدلت الضمة بفتحة لوجود نون التوكيد ، فالفعل نرجمَنَّكم فعل مضارع مبني على الفتح لاتصاله بنون التوكيد الثقيلة ، ولاحظ نون التوكيد التي تكون مشدّدة مفتوحة في نهاية الفعلين مارَّي الذكر حيث أنها تكتب هكذا (نَّ) .
ب- نون التوكيد الخفيفة تكون خالية من التشديد وساكنة وهي أقل استعمالاً ، كقولنا (لأنصرَنْ كُلَ مظلومٍ) فهنا الفعل المضارع أيضاً مبني على الفتح لاتصاله بنون التوكيد الخفيفة وأصله (أنصرُ) لكن استبدلت الضمة بفتحة لوجود نون التوكيد الخفيفة ، ولاحظ نون التوكيد الخفيفة التي تكون خالية من التشديد وساكنة حيث تكتب هكذا (نْ) ، هناك ملاحظة حول النون الخفيفة : يجب كسر النون الخفيفة اذا جاء بعدها اسم مُعرّفاً ب(ال) أو لفظ الجلالة (الله) اذ لا يجوز إلتقاء ساكنَين كقولنا (لأعبُدَنِ الله) حيث تعرب (لأعبُدَن) (ل) واقعة في جواب القَسَم (أعبُدَن) فعل مضارع مبني على الفتح لإتصاله بنون التوكيد الخفيفة وكسرت النون لإلتقاء ساكنَين والفاعل ضمير مستتر تقديرهُ أنا (الله) لفظ الجلالة مفعول به منصوب وعلامة نصبه الفتحة الظاهرة ، وأصلها (لأعبُدَنْ الله) لكن كسرت النون لإلتقاء ساكنين .
ثالثاً- توكيد الفعل المضارع نوعان :
1-- وجوبي اذا وقع جواباً لقَسَم حيث تسبقه (ل) تسمى (ل واقعة في جواب القسم) فهنا يلزم توكيده كقول الله :((تَاللّهِِ لأكيدَنَّ أصنامكم)) حيث تعرب : (تَاللّهِ) قسم (ل) واقعة في جواب القسم (أكيدانَّ) أكيد فعل مضارع موكد وجوباً مبني على الفتح لاتصاله بنون التوكيد الثقيلة ونون التوكيد الثقيلة لا محل لها من الاعراب الفاعل ضمير مستتر تقديره أنا (أصنامكم) أصنام مفعول به منصوب وعلامة نصبه الفتحة الظاهرة وهو مضاف والكاف ضمير متصل مبني في محل جر مضاف اليه والميم علامة الجمع .
2- توكيد جوازي : يكون في حالتين ،
أ- اذا سبقته (أِمّا) التي تتكون من أِن الشرطية ومدغمةً بها ما فتكتب (أِمّا) حيث يكون توكيد جوازي ، كما في قول تعالى :(( فإمّا تَثْقْفَنََّهُم في الحربِ فشرِّد بهِم مَن خلفَهُم) [سورة الأنفال / آية 57] فهنا يجوز لنا التوكيد أو عدم التوكيد .
ب- اذا سبقه استفهام أو نهي ، مثل (أتكملَنَّ عملك اليوم ؟) ، أو قولنا (لا تصاحبَنْ كذّاب) هنا أيضاً التوكيد جوازي فلنا التوكيد أو عدمه ، فالفعل تكملَنَّ فعل مضارع موكد جوازاً مبني على الفتح لاتصاله بنون التوكيد الثقيلة .
رابعاً- يمتنع التوكيد في احدى حالتين :
1- اذا لم تتوفر شروط التوكيد الوجوبي او الجوازي ، كغياب (لام القسم) أو عدم سبق الفعل المضارع بإمّا أو بنهي أو استفهام اذ يكون الفعل معرباً ان لم يتصل بنون النسوة .
2- اذا فصل بين اللام وبين الفعل الذي يليها فاصل ، كقول الله :(ولسوف يعطيك ربُّك فترضى)) وواضح وجود سوف التي فصلت بين اللام وبين الفعل يعطيك ولو حذفنا سوف سيصبح (وليعطيَنَّك ربُّك)وهنا أيضاً يكون معرباً .
خامساً- لا يجوز بناء الفعل المضارع اذا حال بين الفعل وبين نون التوكيد (ألف الإثنين أو واو الجماعة أو ياء المخاطبة) وهي حالة الأفعالة الخمسة ، حيث يكون الفعل معرباً فيرفع وينصب ويجزم ، وتعرب الألف والواو والياء ضمائر متصلة في محل رفع فاعل ، ولكن تحذف نون الأفعال الخمسة في حالة الرفع وذلك لتوالي الأمثال (أي لتوالي النونات) وكالآتي :
أ- ألف الإثنين تفصل بين الفعل ونون التوكيد وتأتي النون الثقيلة فقط بعدها وتكون مكسورة للتثنية [أي أنها تعامل مثل نون المثنى التي تكون مكسورة] ، مثل (واللهِ لتنصرانِّ المظلومَ) فيعرب تنصرانِّ فعل مضارع مرفوع وعلامة رفعه النون المحذوفة لتوالي الأمثال وألف الإثنين ضمير متصل مبني في محل رفع فاعل والنون نون التوكيد الثقيلة لا محل لها من الإعراب وكسرت للتثنية .
ب- واو الجماعة تفصل بين الفعل المضارع وبين نون التوكيد لكنها تكون محذوفة ومستبدلة بضمة ، كقوله تعالى :((لتركبُنَّ طَبَقاً عن طبقٍ)) فيعرب تركبُنَّ فعل مضارع مرفوع وعلامة رفعه النون المحذوفة لتوالي الأمثال والواو المحذوفة المستبدلة بضمة ضمير متصل مبني في محل رفع فاعل والنون نون التوكيد لا محل لها من الاعراب .
ج- ياء المخاطبة وحكمها نفس الواو لكنها تستبدل بكسرة ، مثل (هل تزورِنَّ صديقتكِ) فتزور فعل مضارع مرفوع وعلامة رفعه النون المحذوفة لتوالي النونات وياء المخاطبة المحذوفة المستبدلة بكسرة ضمير متصل في محل رفع فاعل والنون نون التوكيد الثقيلة لا محل لها من الاعراب .
ملاحظة : التمييز بين النونات :
1- نون النسوة تكون غير مشددة والحرف الذي قبلها ساكن وهي مفتوحة تكتب هكذا (نَ) مثل يرسمْنَ ، نون التوكيد الثقيلة تكون مشددة مفتوحة والحرف الذي قبلها مفتوح وتكتب هكذا (نَّ) مثل يرسمَنَّ ، نون التوكيد الخفيفة تكون غير مشددة وساكنة والحرف الذي قبلها مفتوح فتكتب هكذا (نْ) مثل يرسمَنْ .
2- نون النسوة ضمير رفع متصل حيث تعرب (ضمير متصل في محل رفع فاعل) ولا تعرب مفعول به وهي تتصل بالأفعال فقط دون الأسماء أو الأحرف ، نوني التوكيد الثقيلة والخفيفة لا محل لهما من الاعراب وإنما تستخدمان للتوكيد فقط والثقيلة توكّد الفعل المتصلة به أكثر من الخفيفة .
وفي الختام أرجو أن أكون قد وفقت في شرح الموضوع ، وإلى اللقاء في موضوع آخر ان شاء الله .