بيروت: محمد حنبلي - القاهرة: أشرف فتحي
غالباً ما يعتمد أهل الإعلام والصحافة في حواراتهم ومقابلاتهم على ما يمكن تسميته بأسئلة «الفخ»، فهي أسئلة يعتمدها أهل الإعلام للوصول بالحوار لمنطقة لم يتوقع الضيف أن يخوض فيها. فسؤال عقب سؤال سيشده لإجابة قد لا يرغب في الإفصاح عنها.
وهو الأمر الذي يجعل بعض الضيوف يشترطون نوعية الأسئلة قبل بدء الحوار أو على الأقل الاطلاع عليها مسبقاً، ليحذفوا ما لا يناسبهم.
وهو أمر يقبل به بعض الصحفيين، بدرجات متفاوتة. في حين أن آخرين يرون أن هذه الشخصيات عامة ويحق لجمهورها مشاركتها تفاصيل حياتها الخاصة ويومياتها.
وترى الفئة الأخيرة، أن الجمهور لم يعُد يقبل بالقليل، فهو يبحث عن المزيد من التفاصيل، ويطرح أسئلته الصعبة التي لا يقبل بقاءها من دون إجابة، وهو الأمر الذي يجاريه الإعلام بتتبع فضائح وخصوصيات المشاهير والاستقصاء عن أدق تفاصيلها.
فإن جاءت الإجابة بشكل مباشر من الفنان كان بها، وإن لم تأتِ فلن يكف البعض عن تتبعها بمختلف الوسائل.
وهو الأمر الذي جعل موضة العام في الإعلام العربي تتجلى في «برامج الأسئلة الجريئة»، التي لم نكن في السابق نرى الفنانين يجيبون عنها، نذكر من هذه البرامج، برنامج «المتهم» الذي يقدمه الإعلاميان اللبنانيان رجا نصرالدين ورودولف هلال، وبرنامج «الحكم» الذي تقدمه الإعلامية وفاء الكيلاني.
لا نتعدى الخطوط الحمراء
يقول الإعلامي اللبناني رودولف هلال: «النجوم يأتون إلى برنامجنا لأنهم يثقون بنا، ويحبون البرنامج، فنحن لا نخترع الأخبار، بل نواجه النجم بما كتب وذكر عنه في الصحافة، فيكون له حق الرد على كل ما كتب، نحن نناقش الضيف بأمور هو فعلها أو قيل إنه فعلها».
وأضاف هلال: «ولكن طبعاً نحن لا نتعدى الخطوط الحمراء في الحوار، ولا نتدخل في حياة الفنان الشخصية أو نتحدث في موضوع لا يريد النجم أن يتحدث فيه، فنحن لسنا برنامج فضائح.
هناك بعض الأمور يفضل النجم ألا يتحدث بها، فيقولها بطريقة «ناعمة» وسلسلة في سياق الحديث رداً على أسئلتنا».
ويتابع: «برنامجنا هو البرنامج الوحيد الذي استطاع أن يستقطب نجوم الصف الأول، وطبعاً برنامج «الحكم» الذي تقدمه الإعلامية وفاء الكيلاني.
ولكن يمكنك أن تقول إن برنامجنا هو الرقم الصعب في البرامج الحوارية، وكثيرون يحاولون تقليدنا ولكن في النهاية يفشلون».
هلال رأى أن برنامج «المتهم» اجتمعت فيه عوامل كثيرة جعلته قوياً وناجحاً، أولها أنه «يعرض على محطة الـ»lbc»، وثانياً لأنه وزميله رجا نصر الدين يعملان في إذاعة «صوت الغد» التي يعتبرها قوة لهما أيضاً، إضافة إلى وجوده هو ورجا في البرنامج، فهذه العوامل الثلاثة هي سبب نجاح البرنامج، والسبب الذي يجذب النجم ليطل من خلاله.
منبر للنجوم
ويضيف الإعلامي اللبناني رجا ناصر الدين على كلام زميله هلال فيقول: «كما قالت النجمة هيفا وهبي في حلقتها معنا إنها لم تكن تريد أن تطل في برنامجنا ولكنها شعرت أنها بحاجة لذلك لتتكلم عما يزعجها.
فالنجم يحتاج إلى منبر يطل من خلاله كي يبرئ نفسه أمام الرأي العام ويوضح الأمور التي تحكى عنه، قد تكون هذه الأمور في أحيان كثيرة غير صحيحة. أرى أن هذا هو السبب الرئيسي لمشاركة النجوم في برنامجنا».
وأضاف: «نحن لدينا 3 أسئلة في البرنامج يختار النجم أحدها ليجيب عنه حسب جرأته،
وعن سبب مشاركة النجوم في برنامج «الحكم» الذي تقدمه الإعلامية وفاء الكيلاني أجاب: «أنا أحب وفاء كثيراً وأحترمها وهي إعلامية كبيرة، بعض النجوم يحلون ضيوفاً على برنامجها لشخصها وآخرون يلبون دعوتها من أجل المال الذي تدفعه محطة mbc لهم ليطلوا في البرنامج، وهذا أمر معروف».
وتابع ناصر الدين: «بعض الضيوف لا يحبون أن يطلوا معنا في «المتهم» وهذا أمر طبيعي، ولكن من حل ضيفاً في برنامجنا أعرب عن سعادته بعد انتهاء الحلقة، بغض النظر عن حدة الأسئلة التي تطرح والانفعالات التي تصدر عن النجم أثناء الحلقة، فنحن مهما كنا أصدقاء مع النجوم إلا أننا نفصل بين صداقتنا وبين العمل، فساعة التصوير ننسى الصداقة وبعد التصوير نخرج ونضحك ونمزح معا».
«كل شخص فينا متهم»
يقول الصحفي علاء مرعب معد برنامج «المتهم»: «كل الضيوف الذين يطلون في «المتهم» يثقون بأنفسهم جداً، ولا شيء لديهم يخفونه عن جمهورهم، فهم يعرفون أن أسئلة البرنامج جريئة وواضحة وحقيقية وليست اعتداءات أو كذباً أو تأليفاً. فنحن في البرنامج نستخدم أخباراً قد لا يعرفها الجمهور، أما نحن كصحافيين وإعلاميين نعرفها بطريقتنا، ولكن ليست فضائحية لأن برنامجنا ليس للفضائح».
وأضاف: «الفنان الذي لا يطل معنا في البرنامج يكون خائفاً من أمر ما قد نعرفه ويخاف أن نحدثه عنه، أو يكون لا يثق بنفسه كما يجب أو لا يعرف كيف يجيب على أسئلتنا».
مرعب تابع: «النجم الذي يطل معنا ويواجه رجا ورودولف وفريق العمل يعرف أننا نحبه ونحترمه وأيضاً يعرف أن محطة الـ»إل بي سي» هي محطة محترمة، ويملك الجرأة ليجيب عن كل الأسئلة والأخبار التي نواجهه فيها ليضع النقاط على الحروف، لإرادته بتعميم الحقيقة».
وأكد أن «المتهم» في البرنامج غير مدان، فكل شخص فينا متهم، والمتهم يخضع لاستجواب المحققين ويجيب عن الأسئلة التي يريدها فقط، ويمكن أن يجيب بطريقة ذكية على أسئلة أو اتهامات لا يريد أن يؤكدها».
وعن ردّات الفعل السلبية لبعض الضيوف قال: «بعض الضيوف أخطأوا بردات فعلهم وكانوا أقل ذكاء من أن يخفوا عن المشاهدين خوفهم من بعض الأسئلة التي طرحت عليهم، ومنهم من كانوا أكثر ذكاء لينفوا على طريقتهم خبراً نحن نعرف أنه صحيح، ففي النهاية هذه لعبة الفنان والذي لا يملك هذه الخاصية في شخصيته لا يكون فناناً ناجحاً».
اعترفت دون حرج
الفنانة فيفي عبده من الفنانات اللاتى بُحن بأدق أسرارهن في أكثر من برنامج، واعترفت دون حرج بعدد الزيجات الرسمية والعرفية في حياتها، وعن أسباب قبولها الظهور في مثل هذه البرامج والرد على الأسئلة الخاصة التي تفضح الخفايا تقول: «أولاً أنا لم أتحدث في أمور تغضب الله سبحانه وتعالى أو تجرح مشاعر الناس وتخدش حياءهم، بالعكس بُحت بأمور حقيقية حدثت لي في حياتي ولا أخجل منها أو تخجل منها بناتي، وأسرتي تعلم ذلك لأني لم أفعل شيئاً محرماً والعياذ بالله أو أرتكب جرماً،
بل كانت رسالتي التي أحب أن أوصلها للناس هي أني لم أولد بفمي ملعقة من ذهب، بل كافحت وعرقت وشربت المرّ حتى وصلت إلى ما أنا عليه الآن من نجومية وشهرة، ولا أتمنى لأحد غيري أن يمرّ بما مررت به».
وحول ما إذا كان ترحيبها بهذه النوعية من البرامج قد جاء بسبب المبالغ التي تتحصل عليها نتيجة ظهورها أجابت: «أولاً أنا مش محتاجة فلوس، مستورة و الحمد لله، المسألة لا علاقة لها بالمال أبداً، بل قناعتي شخصية بأن من حق الجمهور أن يعرف كل شيء عن الفنان، أنا باختصار امرأة مكافحة لا تخجل من ماضيها أبداً».
كتاب مفتوح
أما الفنانة رانيا يوسف التي ظهرت هي الأخرى في عدة برامج مؤخراً مثل «الحكم» مع وفاء الكيلانى و»الخزنة» مع أمير كرارة فقد أشارت إلى أنها وافقت على الظهور في تلك البرامج الحوارية الناجحة ذات المشاهدة العالية حتى تتحدث بصراحة وتظهر الحقيقة للجماهير الكثيرة التي تتابعها،
وأيضاً لتنفي الشائعات المغرضة التي طالتها في السنوات الأخيرة خاصة موضوع طلاقها من زوجها الثاني كريم الشبراوي وما نتج عنه من مشاكل وقضايا، منها قضية المخدرات التي لفقت لها بمعرفة ذلك الرجل الذي تعتبر زواجها منه أكبر غلطة في حياتها، أو خلافها الأخير مع زوجها الأسبق المنتج محمد مختار والد ابنتيها،
وأضافت: «أنا أحترم هذه النوعية من البرامج التي تكشف الحقيقة بالصوت والصورة وأتصور أنها أفادتني معنوياً وليس مادياً لأن المقابل المادي عنها غير مجزٍ وربما يغطي بالكاد تكاليف الإقامة والسفر ذهاباً وإياباً»!، وأشارت رانيا إلى أن حياة الفنان أصبحت كتاباً مفتوحاً ولم يعُد لديه ما يخفيه خاصة في ظل الصحافة الإلكترونية ومواقع التواصل الاجتماعي.
لم أبِع أسراري
ومن النجمات اللواتي تحلين بالجرأة للمشاركة الفنانة غادة عبدالرازق التي شاركت في برامج كشف المستور، وعن هذه المشاركة قالت: «أولاً أنا صريحة بطبعي ولم أتعود أن أخفي شيئاً عن جمهوري ولا المتابعين على مواقع التواصل الاجتماعي، ثم أين الفضائح التي بحت بها؟ أنا تكلمت عن عدد مرات زواجي وكلها على سنة الله وأسباب الفشل والنجاح فيها، فما العيب هنا؟
أما مسألة الضعف أمام المبالغ التي تدفعها الفضائيات فأتصور أنها لم تكن يوماً هدفاً بالنسبة لي، وأنا لست ممن يبيع أسراره ولو بمال الدنيا ثم أنا ليس عندي أسرار في حياتي حتى أخفيها أو أبيعها!».
تقليد قد نصاب بعدواه
على النقيض من تلك الآراء تماماً ترى الفنانة آثار الحكيم أن هذه البرامج التي تفتش في الأسرار تتعدى على الخصوصية في حياة الفنان الذي هو في الأصل إنسان وهي تشبه الصحافة الصفراء والبرامج الرديئة،
وأتصور أنها تقلد البرامج الأجنبية في أمريكا وفرنسا التي تقدم اعترافات مخجلة من أفواه الفنانين والفنانات كما حدث مؤخراً مع كيم كاردشيان التي منحوها لقب نجمة تلفزيون الواقع والتي قبلت الحديث في أمور غاية في الخصوصية مثل العلاقة الزوجية، ولا يجوز أبداً الكلام فيها لأنه محرم في جميع الأديان،
وأخشى ما أخشاه أن تنتقل هذه العدوى إلى فضائياتنا العربية. وأضافت: «أليس من العيب أن تتحدث فنانة عن عدد الزيجات في حياتها بالكلام عن «كم جوازة عرفي وكم جوازة شرعي» وكأن زواجي العرفي «أبو ورقتين وبس» أصبح حلالاً! طبعاً عيب وأنا أرفض هذه النوعية من البرامج التي تتسلل بلا حياء أو خجل وللأسف تجد من الفنانات من تستجيب لها وتوافق عليها».
من حقه الرفض
وعلق الفنان أمير كرارة مقدم برنامج «الخزنة» على هذا الموضوع قائلاً: «سأتحدث عن برنامجى «الخزنة» الذي أحاول فيه الحصول على معلومات وأسرار لم تنشر من قبل وأعتقد أنها معلومات لا تجرح أو تخدش حياء المتحدث أو المشاهد على حد سواء»،
وأضاف: «لاشك أن هناك «سكريبت» أو «نص» يطّلع عليه الفنان قبل الظهور على الهواء أو التسجيل ومن حقه أن يرفض الإجابة عن الأسئلة التي يرى فيها إحراجاً له، فهو ليس مجبراً على شيء أو مضطراً عليه تحت أي ضغط»، وأشار أمير إلى أن الفنانين والفنانات يقبلون الظهور معه بصفة شخصية لثقتهم فيه كزميل وليس طمعاً في مال يتقاضاه كما يتخيل البعض!.
مشاهدات عالية جداً
أما الإعلامية المصرية وفاء الكيلانى مقدمة البرنامج المثير للجدل «الحكم» على قناة mbc فقالت: «ربما يكون هدف برنامجي كشف الخفايا ولكن ليس من أغراضه كشف الفضائح أبداً، هناك فرق بين الخفايا مثل الكلام عن بعض العلاقات العاطفية أو أسباب الفشل في زيجة سابقة أو التحدث صراحة عن علاقة النجم بزملائه وزميلاته،
وكذلك الرد إيجاباً أو سلباً على الشائعات التي تمس الجانب الشخصي مثلما يحدث مع كل ضيوفي وضيفاتي، وآخرهم قصي خولي ورانيا يوسف. أما الفضائح فليس لها مكان نهائياً لا في برنامجي ولا في المحطة التي أعمل بها»،
وأضافت: «الحمد لله برنامجي يحقق مشاهدات عالية جداً جداً ويفيد الفنان أدبياً ومعنوياً على مستوى الميديا التي تحول تصريحاته في برنامجي إلى مادة صحفية يشعلون بها مواقع الإنترنت وهذا أكبر نجاح لي ولضيفي»، فيما رفضت وفاء مقولة أن الفنان يبيع أسراره لأن هدف برنامجها استضافة الفنانين السوبر الذين لديهم قاعدة جماهيرية وهم ليسوا بحاجة إلى بيع أسرارهم أبداً.
تقرير روتانا