روتانا
الكثير يؤمن بتحضر الدول الأوروبية بشكل كبير لدرجة الحلم بالهجرة إلى تلك الدول والعيش في رغد الحرية والمساواة والعدل. ولكن للأسف فهذا ليس بصحيح، فعلى سبيل المثال وليس الحصر نجد أن فرنسا الدولة الأوروبية المتحضرة تتفشى فيها العنصرية لدرجة تكاد تمزقها. ففي حادثة ليست بغريبة عن المجتمع الفرنسي تعرّض النائب الفرنسي (ماكسنس بيتي) إلى حملة شرسة بسبب اعتناقه الإسلام منذ شهر تقريباً.
والنائب المسلم عضواً في الجبهة الوطنية، وقد قامت الجبهة الوطنية بتعليق مسؤوليات النائب المنتخب مؤقتاً، لحين انعقاد لجنة الخلافات للجبهة الوطنية للنظر في أمر إقصائه النهائي من الحزب وذلك بعد اتهامه بالتبشير للإسلام، وتستند الجبهة الوطنية في اتهامها على فيديو يشرح من خلاله (ماكسنس) سبب اعتناقه الإسلام، حيث تحدث عن معجزات علمية يحويها القرآن.
وأكد (ماكسنس) أن الفيديو كان مرسلاً إلى 10 من معارفه في إطار تبادل لرسائل إلكترونية. وقال أيضاً عبر صفحته الخاصة بموقع التواصل الاجتماعي فيسبوك، إن تحوله للإسلام، ليس من المفروض أن يكون حدثاً لأنه سلوك شخصي ينم عن قناعات شخصية، ولا يؤثر لا من قريب ولا من بعيد على المبادئ التي يكرسها الحزب.
وكان قبل هذا بوقت ليس ببعيد حادثة من نفس النوع حيث حكمت محكمة فرنسية على أوليفييه بورلا النائب عن بلدية صغيرة في منطقة "هوت سافوا" في الألب وينتمي إلى اليمين الفرنسي المتطرف غرامة قدرها 3 آلاف يورو بسبب تغريدة نشرها تتعلق بوزيرة العدل كرستيان توبيرا والتي تنحدر من أصول لاتينية من جمهورية غويانا ووصفها بالقرد، ومن الجدير بالذكر أنه ينتمى للجبهة الوطنية أيضاً حيث قامت بطرده لمحو صورتها كحزب عنصري. وقد سبق أن صدرت عدة أحكام في قضايا مشابهة.
ومن جهة أخرى أكد تقرير اللجنة الوطنية الاستشارية لحقوق الإنسان بفرنسا والذي أكد تفشي العنصرية في فرنسا وتغلغلها في كافة طبقات المجتمع. وأوضح التقرير أن مستوى التسامح في البلاد في تراجع مستمر وأن العنصرية تتطور وأصبحت أكثر خبثاً ولم تعد حكراً على المجموعات المتطرفة.
والدليل على هذا المناخ هو زيادة عدد الفرنسيين الذين يقرون بعنصريتهم بحسب استطلاع أجراه معهد "بي في ايه" لصالح اللجنة الوطنية الاستشارية لحقوق الإنسان لدى عينة شملت 1026 شخصاً.
وقامت الكثير من المظاهرات والاحتجاجات مناهضة للعنصرية، فالعنصرية ليست فقط ضد المسلمين ولكن أيضاً المواطنين الذين ينحدرون من أصول أفريقية وغيرها، ولكن هل تبدأ فرنسا بوصفها دولة متحضرة اتخاذ التدابير والإجراءات المناسبة لوضع حد لهذه العنصرية والتطرف.