إنّهُ وقتُ الرَحيلْ .. أمَاه .. إنّيْ رَاحلْ .. فِيْ الظُلمةِ الشَاحبةِ مِنَ الفجرِ المُوحش .. عِندَمَا تَمُدّينَ ذِراعيْكِ لِـطفلكِ فِيْ الفِراشْ .. عَلّيَ أنْ أقولْ "الطِفلُ ليسَ هُنَا" .. أمَاه .. إنّيْ رَاحلْ .. سَأكونُ تَيارَ هواءٍ رقيقْ .. وألاطفكِ .. سَأتموجُ فِيْ المَاءِ حِينَ تَستحمينْ .. وأقَبِلُكِ .. وَ أقَبِلُكِ مرةً أخرى .. فِيْ الليلِ العَاصفْ .. عِندَمَا يَقرعُ المَطَرُ بِخفةٍ عَلى العُشبْ .. سَتَسمَعينَ هَمسِيْ فِيْ فِراشِكِ .. وَ ضَحِكِيْ .. سَيُومِضُ بَرقَاً مِنْ خِلالِ نَافذةِ غُرفَتكِ المَفتُوحة .. وإذَا استَلْقيْتيْ .. وَ بَقيتيْ يَقظَةٌ .. سَأغُنّيْ لَكِ بِصُورَةِ النُجُومْ .. " نَامِيْ .. أمَـاه .. نَامِيْ " .. فِيْ شُعَاعِ القَمرِ الشَاردِ .. سَأنْسَلُّ فِيْ فِرَاشِكِ .. و أتَمَددُ عَلى صَدرِكِ أثنَاءَ نَومَكِ .. سَأكونُ حُلماً .. وَمنْ خِلالِ جِفنَيكِ المَفتُوحيْنِ قَليِلاً .. سَأنسَلُّ دَاخِلَ عُمقِ نَومِكِ .. وَ عِندَمَا تَستَيقِظِينَ وَ تَنْظُرينَ حَولَكِ بِفَزع ..! سَأطِيرُ خَارِجَاً فِيْ العَتمَةِ .. كَالفرَاشةِ المُضيِئةِ .. وَ فيْ احتِفَالِ عِيدِ الأمِّ العَظيمْ *.. عِندَمَا يَأتِيْ أطفَالُ الجِيرانِ وَيَلعَبونَ حَولَ المَنْزِلْ .. سَأذُوبُ فِيْ مُوسيقَى المِزمَارْ .. وأنْبُضُ فِيْ قَلْبِكِ طُوَالَ اليَومْ .. وَ سَتَأتيْ العَزِيزَةِ "سنتاي"* مَع هَداياكِ لِعيدِ الأمِّ وستسألكِ : " أيْنَ ابْنُكِ يَا أختِيْ ؟" .. وَ سَتُخبِرِينَها بِهُدوءْ : " هُوَ فِيْ بُؤبُؤ عَينَيّ .. هُوَ جِسميْ .. وَ رُوحِيْ " ..!
لـ طاغور..