عبد الكناني ـ كاتب عراقي
في كل فجر وقبل أن تطوق الشمس الكون بأشعتها الذهبية ،ينطلق تغريد جميل وساهر ، يشنف الآذان ، ويحفز احواس الكامنة على الانطلاق وينعش القلوب التعبى التي تتطلع إلى يوم جديد لعله يحمل المسرات والافراح لها . ذلك التغريد الجميل كان مفتتحاً للاذاعة العراقية قبل أن يبدأ البث بتلاوة آي من الذكر الحكيم ،ثم البرامج على وفق توزيعها بين الفترات اليومية... وعند تلك الترانيم البديعه، يكون الكثيرون قد بدأوا يومهم بنشاط وحيوية لاسيما الذين يبكرون في العمل ، حيث يستمع الجميع من خلال محالهم ، او مواقع رزقهم الاخرى ، إن كان عربة شوربة او حليب او ركن مأكولات صباحية، او في المقاهي او افران الصمون والمخابز يستمعون إلى بلبل الاذاعة وهو يغرد ويطلق انغامه الشجية .. وعاش الجميع على هذا الواقع المفرح المبهج وكان بلبل الاذاعة الثاني هو المذيعة الشهيرة كلادس يوسف ، والتي ارتبطت شهرتها إلى جانب كونها الشحرورة الساحرة للاذاعة ،ارتبطت بنشرة الساعة السابعة صباحاً اشهر نشرة اخبارية في الاذاعة ،مع نشرة الثانية والنصف ظهراً. فقد كان المستمعون يحصلون على متعة اخرى بسماعهم نشرة اخبار الساعة السابعة بصوت المذيعة ذات الصوت القوي والمؤثر والرخيم كلادس يوسف هذه المذيعة التي كانت في فترتها الذهبية أي نهاية الستينيات وبداية السبعينيات تعد اقدم مذيعة في إذاعة بغداد حيث التحقت بالعمل الاذاعي عام 1956 وانتقلت إلى قسم المذيعين عام 1961 بعد أن تاكدت صلاحية صوتها كمذيعة متمكنة .وهي مذيعة دؤوب وقارئة نهمة ، حيث قرأت لكبار الكتاب العرب والغربيين ،وفي مقدمتهم نجيب محفوظ ، وكاتبها الاثير جبران خليل جبران. وقدمت برامج عدة من بينها (ركن المرأة ،طرائف،انغام ) وهي كانت ترى أن المذيعة الجيدة لابد أن تكون مالكة لصوت جيد ،ومتمكنة من اللغة وعلى قدر من الثقافة العامة .وتعتقد أن المذيع العراقي مظلوم ،حيث يتربص له صيادو الأخطاء . ورفضت العمل في اذاعة بلدعربي بسبب عدم قدرتها على مفارقة بلدها.جمعت بين موهبتها كمذيعة ورسالتها كمربية في احدى المدارس الابتدائية وكنت في احد الايام مرتبطاً بعمل باحدى دوائر الاعلام ،فوجدت شقيقتها الادارية الناجحة نرجس يوسف تدير عملها في تلك الدائرة بنشاط وحيوية والابتسامة لاتفارق محياها وهي طيبة مع الجميع ومرة سألها المرحوم ابراهيم دابة عن من الافضل هي ام شقيقتها كلادس فضحكت مؤكدة أن العمل الطيب واللطيف والإنساني هو المعيار في مثل هذه الامور.