و عندما تَحجب شمسَ العمرِ سحابة
فكأنَّ العمرَ قد حُجِبَ زهوهُ و شبابهْ
و هبّت الريح تعدو و هي صارخة
كأنَّها الإنذار في دنيا تُقيّدها الرتابة
و هكذا الأيام تمضي و هي موحشة
فيبدو إبن آدم حزيناً و تعلوهُ تُرابة
و نامت العيون و هو يفترش الحصى
و لا مَن يُسَلّيه أو يُسمعه دعابة
و قد بَخلَ السمّار بِاللقاء حتى بَعدوا
فبانت الحياة كأنَّها هائمة و بِلا رقابة
و الأحباب كُثْرٌ حين تذكرهم و تعدّهم
و لكنّ أغلبهم و بالملمّات يُوصِد بابهْ
و القدر قد تشظّى و مِن كل جانب
و بات الليل بلا قمرٍ و لا نجم أنابهْ
و كل مغرورٍ تباهى يوماً بغروره
فلابد أنّه سيرى الغرور يمحوهُ سرابهْ
فمتى الإنسان يعرفُ يوماً قدرَ نفسه
متى ما يعرفُ مَن يحبّهُ و مَن يهابهْ
و فُتات العمر قد صار يحتاج لملمةً
فلا حرجٌ على كل مَن لملمَ أحبابهْ
فإنَّ الحياة ليس زهوها بالتمنّي
بل بالحبّ و طيب الروح تزهو بصلابة
فمَن هو ظمآنٌ للهوى و حلو محبّةٍ
فيختار مَن يهواه يرافقهُ بأحلى ثيابهْ
لِيحلّ الربيع بعمرهِ مجدداً و مشرقاً
فيعيشهُ فرِحاً بالزهور لا وسط غابة
و زهو العمر يبدأ من جديد و بغبطة
و يرى الليالي مقمرات و ينتهي عذابهْ
فتبتسم الأيام لكل مَن عاشَ سمحاً
و يغمرهُ ربيع العمر حتماً و له مثابة
و الروح تستعيد نشاطها بالتفاؤل
فينعم الإنسان بالخير و يرويه شرابهْ
و فُتات العمر يصبح زاهياً و مسلّياً
و يجتمع الخِلّان حول مَن سَمنَ ثوابهْ
.
.
.