;">كان العرب يأتون لرسول الله صلى الله عليه وسلم ليسألوه عن أمره وكيف صار رسولا من الله وهم يعلمون بفهمهم وفطرتهم أنه لابد له من تأهيل خاص يجعل بشريته قابلة لهذا الأمر العلى ، واسمعموا لحديث سيد بنى عامر وكبيرهم الذى أتى رسول الله صلى الله عليه وسلم ليستوثق من أمره قبل أن يسلم ، فقا">يا ابن عبد المطلب إني نبئت أنك تزعم أنك رسول اللـه إلى الناس أرسلك بما أرسل به إبراهيم وموسى وعيسى وغيرهم من الأنبياء ألا وإنك تفوَّهت بعظيم ، إنما كان الأنبياء والملوك في بيتين من بني إسرائيل ، بيت نبوة وبيت ملك ، ولا أنت من هؤلاء ولا من هؤلاء ، إنما أنت من العرب ممن يعبد الحجارة والأوثان ، فما لك والنبوة؟ ولكل أمر حقيقة فأنبئني بحقيقة قولك وبدء شأنك؟ فأعجب النبي صلى الله عليه وسلم مسألته ، وقال يا أخا بني عامر ، إن حقيقة قولي وبدء شأني دعوة أبي إبراهيم وبشرى أخي عيسى ، إني كنت بكرا لأمي وإنها حملتني كأثقل ما تحمل النساء وإن أمي رأت في المنام أن الذي في بطنها نور ، قالت: فجعلت أتبع بصري النور ، فجعل النور يسبق بصري حتى أضاء لي مشارق الأرض ومغاربها ، ثم إنها ولدتني ، فلما نشأت بغِّض إلي الأوثان والشعر ، فاسترضعت في بني بكر ، فبينما أنا ذات يوم في بطن واد مع أتراب لي ، إذا برهط ثلاث ، معهم طشت من ذهب ملآن نور وثلج فأخذوني من بين أصحابي ، فعمد إلى أحدهم فأضجعني إلى الأرض إضجاعا لطيفا ثم شق ما بين صدري إلى منتهى عانتي وأنا أنظر ، فلم أجد لذلك شيئا ثم أخرج أحشاء بطني فغسلـه بالثلج ، فأنعم غسلـه ثم أعادها في مكانها ثم قام الثاني فأدخل يده في جوفي فأخرج قلبي ، وأنا أنظر فصدعه فأخرج منه مضغة سوداء رمى بها ، ثم إذا بخاتم في يده من نور: نور النبوة والحكمة يخطف أبصار الناظرين دونه ، فختم قلبي فامتلأ نورا وحكمة ثم أعاده مكانه ، فوجدت برد ذلك الخاتم في قلبي دهراً ، ثم أمرَّ الثالث يده بين ثديي وصدري ومنتهى عانتي فالتأم الشق بإذن اللـه ، ثم أنهضني من مكاني إنهاضا لطيفا ، ثم قال الأول: زنوه بعشرة من أمته ، فوزنوني فرجحتهم ، فقال: زنوه بمائة من أمته ، فوزنوني فرجحتهم ، فقال: زنوه بألف من أمته ، فوزنوني فرجحتهم ، فقال: دعوه فلو وزنتموه بأمته جميعا لرجحهم ، قال:ثم أقبل الحي بحذافيرهم ، فجاءت ظئري حتى أكبت علي فضمتني إلى صدرها وإن يدي لفي يد بعضهم فظننت أن القوم يبصرونهم ، فإذا هم لا يبصرونهم ، فجاء بعض الحي ، فقال: هذا الغلام أصابه لمم أو طائف من الجن ، فانطلقوا به إلى الكاهن ينظر إليه ويداويه فقلت لـه: يا هذا ليس بي شيء مما تذكرون ، فذهبوا بى إلى الكاهن فقصصت عليه أمري فضمني إلى صدره ونادى بأعلى صوته: يا للعرب اقتلوا هذا الغلام واقتلوني معه ، واللات والعزى لئن تركتموه ليبدلن دينكم وليسفهن أحلامكم وليخالفن أمركم وليأتينكم بدين لم تسمعوا بمثلـه ، فقالت ظئري: لأنت أعته منه وأجن ولو علمت أن هذا يكون من قولك ما أتيتك ، ثم ردوني إلى أهلى ، وأصبح أثر الشق ما بين صدري إلى منتهى عانتي كأنه شراك ، فذاك حقيقة قولي وبدء شأني فقال العامري: أشهد أن لا إلـه إلا اللـه ، وأن أمرك حق">فللقصة دلائل كثيرة تدلُّ على أن الله جهَّز بشريته صلى الله عليه وسلم تجهيزا خاصاً لحمل الرسالة فصارت بشريَّةً نورانيَّةً ، ولذا لما سمع سيد بنى عامر القصة من النبى أدرك وفهم ووجد الإجابة عن تساؤله وأسلم فى الحال ، بل لما سمع الكاهن ذلك علم أنه النبى المنتظر الذى يعدُّ لحمل الرسالة فى المستقب">وأنظروا إليه صلى الله عليه وسلم لما وزنوه بعد أن جهزوه وطبعوه بخاتم النور والحكمة ، ماذا كانت النتيجة؟ كان وهو فردٌ وحيدٌ يساوى الأمة كلها ببشريته التى أعدها الله بقدرته فجعلها نورانية فى صورة