القاهرة - روتانا
في الوسط الفني نجوم لهم مواقف سياسية بلا لون أو طعم أو رائحة ليسهل تطويعها أو تغييرها إذا لزم الأمر، حسب الموجة السائدة أو حجم المكاسب المحققة، فالذين كانوا بالأمس معه، انقلبوا اليوم ضده،
نقول هذا الكلام بعد الحكم القضائي المفاجئ الذي صدر أخيراً بتبرئة الرئيس المصري الأسبق محمد حسني مبارك من تهمة قتل المتظاهرين في ثورة يناير عام 2011.
وهو الحكم الذي جاء ليكشف النقاب عن تلك النوعية من الفنانين أصحاب المواقف المذبذبة منذ قيام ثورة يناير والإطاحة بنظام مبارك حتى الآن.
غادة ألد أعداء الثورة
لنبدأ الكلام عن الفنانين الذين ركبوا الموجة بالفنانة غادة عبدالرازق التي كانت من ألد أعداء الثورة والمحسوبين على نظام مبارك، إذ لم تكتفِ بالمداخلات الهاتفية، بل نزلت بنفسها إلى ميدان مصطفى محمود،
ودعت جميع أنصار مبارك للنزول، وسبّت الثوار ووصفت الثورة بالمؤامرة، لهذا السبب قاطعها المخرج خالد يوسف، وبعد نجاح الثورة أطلت علينا بشخصية أخرى تماماً،
حيث أكدت الفنانة في برامج تلفزيونية ولقاءات صحفية أنها لم تهاجم الثورة ولم تنادِ ببقاء مبارك، إنما كانت تنادي فقط بالاستقرار والأمان، مشيرة إلى أنها فقط كانت ضد إهانة الرئيس الأسبق، وفي لقاء آخر بكت على الشهداء،
وشكرت الثوار على القيام بالثورة، وفي عهد الإخوان ظهرت في فضائية مصرية وتحدثت عنهم بمنتهى الود والاحترام ، وعندما سقطوا أقامت الأفراح والليالي الملاح، وأعلنت تأييدها الصريح للرئيس السيسي، لذا لم يكن مفاجئاً للمتابعين أن تطل عليهم غادة لتهنئ مبارك بالبراءة من خلال حسابها الرسمي على موقع "أنستجرام"، إذ كتبت قائلة: "رئيس مصر الأسبق وزعيم مصر الحالي تحيا مصر، خليهم كده حارقين دمكم دايماً إن شاء الله".
يسرا تلعب على وتر النسيان
وإذا انتقلنا إلى الفنانة يسرا فلابد أن نتذكر المكالمة الهاتفية التي أجرتها بالتلفزيون المصري وانتقدت فيها الثورة وطالبت بعودة الأمن والأمان إلى الشارع وبقاء مبارك، وبعد نجاح الثورة وضعت يسرا في القائمة السوداء لكنها لعبت على وتر النسيان عندما خرجت أكثر من مرة لتؤكد أنها لم تعادِ الثورة، بل أيدت مطالبها،
وأن أعمالها كانت تنتقد الأوضاع السيئة خلال فترة حكم مبارك، ولم تنسَ ركوب الموجة بتأييد الرئيس السيسي ودعمه، لكنها احتفلت ببراءة مبارك، وأقامت غداء لفريق عمل مسلسل "سراي عابدين" أثناء التصوير.
هالة صدقي ونذير الشؤم
وعن الفنانة هالة صدقي حدث ولا حرج فقد كانت واحدة من أقوى المدافعات عن مبارك ومن أشد أعداء ثورة يناير، لكن ما باليد حيلة، فمع وصول الإخوان للحكم باركت لهم، وتمنت للرئيس "المعزول" محمد مرسي أن يبعد عنه بطانة السوء،
وأنها ليس لديها أي مشكلة مع الإخوان ثم أصبحت تنتقد عدم تحقيق الثورة أهدافها طوال تلك المدة، وفي الذكرى قبل الماضية للثورة لم تشارك في الاحتفال بها، مؤكدة أن الدولة مع الإخوان تسير من سيئ لأسوأ،
وهنا فقط وجبت المشاركة في تصحيح مسار الثورة، لهذا شاركت في إسقاط الإخوان في 30 يونيو 2013، ولكن الثورة التي شاركت هالة صدقي في تصحيح مسارها أصبحت بعد ذلك مؤامرة ونذير شؤم على مصر.
هالة لم يفُتها الاحتفال ببراءة مبارك، إذ أكدت أن محاكمته طوال السنوات الماضية كانت إهانة لهذا الرجل المظلوم، حسبما وصفته، وأن محاكمته كانت بمثابة محاكمة للشعب المصري، وبراءته انتصار لإرادة هذا الشعب.
وفاء عامر و"بلوك للأبد"!
على العكس تماماً من شقيقتها الصغرى آيتن عامر التي علقت على الحكم ببراءة حسني مبارك، على صفحتها على "فيسبوك" بجملة: "مش مصدقة الحكم، فعلًا العدل مش على الأرض"، كان موقف شقيقتها وفاء عامر،
ففي بداية ثورة يناير وُضعت وفاء في القائمة السوداء بعدما أكدت غادة عبدالرازق أنها كانت معها في ميدان مصطفى محمود،
لتخرج وفاء وتكذب غادة وتقول إنها لم تذهب لميدان مصطفى محمود بل شاركت في مظاهرات ميدان التحرير بالنقاب، بحسب وصفها، متسائلة باستغراب عن السبب الذي يدفعها لتأييد نظام هددها ولفق لها قضية آداب برئت منها، وبعد فوز الإخوان بالرئاسة رحبت وفاء بدخولهم الفن ومجال الإنتاج ووصولهم إلى الحكم، وسرعان ما انقلبت عليهم وشاركت في ثورة 30 يونيو، وأيدت الرئيس السيسي،
وإذا بها تحتفل ببراءة مبارك الذي هددها نظامه ولفق لها قضية الآداب فكتبت على صفحتها الشخصية: "من سيعلق على حكم قضائي وإهانة القضاة بلوك للأبد، فالقاضي هو المسؤول أمام الله تحيا مصر".
إلهام في قمة السعادة
وفي هذا السياق لا ننسى الفنانة إلهام شاهين التي رفضت ثورة يناير في بدايتها، وهاجمتها ووصفتها بأنها دعوة للتخريب واعتبرت مبارك رمزاً لمصر، ولكن سبحان مغير الأحوال فبعد نجاح الثورة،
أكدت إلهام أنها كانت معها وسعيدة جداً بها لأنها حققت مكاسب لكل المصريين وليس لمجموعة فقط، وانتقدت التفاوت الطبقي الذي تسبب فيه نظام مبارك، وقالت إنها كانت خائفة على متظاهري التحرير، وعندما حصل مبارك على البراءة بادرت بتصريحات قالت فيها إنها في قمة السعادة، وإنها كانت على ثقة بأن الرئيس الأسبق سيحصل على البراءة.
"كوكتيل" تناقضات حسن يوسف
أما الفنان حسن يوسف فهو "كوكتيل" تناقضات، لا ننكر أنه كان من أوائل الفنانين الذين قالوا "نعم لمبارك" في الأيام الأولى للثورة، ووصف شباب التحرير بأنهم "عيال ملعوب في مخهم وناكرون للجميل وأن الثورة مؤامرة خارجية، وظهر على إحدى القنوات وهو يبكي ويؤيد مبارك وبعد نجاح الثورة تبدلت مواقف وتصريحات حسن يوسف، فلم يعد يدافع عن مبارك، بل بدأ يطالب بالرحمة له بحكم سنه الكبير،
واعترف بأن الرئيس الأسبق أخطأ ولكنه رجل كبير في السن ومريض، وطالب الجميع بأن يرحموه قائلًا: "ارحم لكي ترحم"، وبدأت نبرة الفنان الكبير في الحديث عن الثورة تتغير، فلم تعد مؤامرة وإنما أصبحت ثورة حقيقية ذات أهداف نبيلة، وظل الفنان الكبير يدافع عنها وعن أهدافها فيما بعد،
وعندما حصل مبارك على البراءة، أعلن حسن سعادته بهذا الحكم، مؤكداً أنه يجب تهنئة مبارك وتوجيه خطاب شكر لوزير داخليته العظيم، حسب وصفه.