مررت بشيخ أصفر العقل و اليد يدبّ على ظهر الطريق و يجتدي ثقيل الخطى يمشي الهوينى بجوعه واحزانه مشي الضرير المقيّد و يمضي و لا يدري إلى أين ينتهي و لم يدر قبل السير من أين يبتدي و يزجي إلى الأسماع صوتا مجرّحا كئيبا كأحلام الغريب المشرّد يمدّ اليد الصفرا إلى كلّ عابر و لم يجن إلاّ اليأس من مدّة اليد فيلقي على الكفّ النحيل جبينه و يسأل هل في الأرض ظلّ لمسعد هو الشرّ ملء الأرض و الشر طبعها هو اشر ملء الأمس و اليوم و الغد وهذا غبار الأرض آهات خيّب و هذا الحصى حبذات دمع مجمّد رمى الشيخ فيما حوله نظرة الأسى ومرّ كطيف المستكين المهدّد فيا للفقير الشيخ يمشي على الطّوى و في مأتم الشكوى يروح و يغتدي يظنّ أكفّ الناس تهوي بجودها إليه و لم يبصر سوى وهمه الردي و جوع يلوّي نفسه في ضلوعة فينساق لا يدري إلى أين يهتدي ..
لـ عبدالله البردوني..