التصوير من" الصندوق" إلى “السلفي”رووداو
من قبل رندة صادق منذ 16 دقيقة
رندة صادق
حسب تعريف ويكيبيديا "فن التصويرهو التصوير الضوئي أو التصوير الفوتوغرافي، وهو المرادف لفن الرسم القديم فمن خلال العدسة يقوم المصور بإعادة إسقاط المشهد الذي أمامه على وسط يمكن من خلاله إعادة تمثيل المشهد فيما بعد".
حين نخرج من أدراجنا القديمة صورنا ونجلس لننظر إليها، نحن في حقيقة الأمر لا ننظر في الصورة التي كثيرا ما تثير دهشتنا ونجد أن شكلنا بها كان غريبا وملابسنا غريبة الطراز و قديمة، تسريحة شعرنا من القرن الماضي، تفاصيل تجعلنا نشعر أننا كنا كائنات مختلفة من عالم مختلف ،لكن في نفس الوقت الصورة لحظة جامدة سجلتها العدسة ووثقتها. حين نمسك ب "ألبومات الصور" نبدأ بتصفح عمرنا صورة صورة ومرحلة مرحلة.
الصور تثير حنيننا لزمن لم ولن يعود، عن لحظة ميتة من عمرنا التقطتها عدسة صادقة تمكنت من توثيق أحاسيسنا وجعلها في أرشيف يتحرك بين أيدينا، فحين نتأمل صورة ما نتخلى عن لحظتنا الآنية ونغرق في فوضى المشاعر التي نسترجعها من خلالها. وتكر سبحة الصور، يكر تاريخنا، تكر لحظات ملكتنا ولحظات ملكناها، عرائس الفرح ومواكب الحزن، لحظات انكساراتنا ولحظات انتصاراتنا، حالة من التماهي مع عالمنا الخارجي، تتقاطع بين تاريحنا الشخصي وتاريخ أوطاننا بين وجعنا الفردي ووجعنا الشعبي.
فلا أحد مثلا ينسى انتحار المصور كيفن كارتر بعد ثلاثة اشهر من التقاطه صورة الطفل التي صورها موثقا المجاعه بالصومال عام 1994 وحصلت على جائزة "بولترر"حيث أرشف المصور الشهير لحظة زحف الطفل وانتظار النسر موته ليأكله, فالنسر مخلوق راق لا يأكل غير الجيف وليس كالإنسان يأكل اللحم الحي.
الصورة أصدق من الذاكرة لأنها هي من تحفزها وتمنحها عالما لا لبس فيه . أما في زماننا هذا ومع تطور تقنيات التصوير لم يعد يقتصر الأمر كما كنا نفعل فيما مضى على التصوير وانتظار التحميض الذي كان يأخذ عدة أيام بل تطور إلى حد مخيف وعال في تكنولوجياته ، فمن الصور الفورية والصور بكاميرات "digital" بات بإمكاننا أن نوثق كل لحظاتنا بطريقة بسيطة وسهلة من خلال اجهزة الهواتف الذكية أو من خلال الأي باد أو الأي بود. فاليوم تغزونا ظاهرة "السلفي selfie" وهي ظاهرة التقاط الصور من قبل الشخص نفسه فهو يوثق كل لحظاته من خلال تصويره لنفسه .والطريف بالأمرظهورعصا مؤخرا يتم توصيلها بكاميرة الهاتف النقال أو أي كاميره أخرى مثل كاميره GoPro لتصوير النفس أوسيلفي وبدأ كثر يسخرون من هذي الظاهرة بطريقة أو بأخرى وأقصد تحديدا استخدام العصا، من جهة أخرى انتشرت هذه الظاهرة ، كالنار في الهشيم بيين عامة الناس والمشاهير لذا لم تعد الشهرة تقتصر على النخبة التي تعمل في مجال الأضواء كالتمثيل أو الغناء أو الإعلام الخ ..فاي صورة مرشحة لتغزو العالم وتحتل المرتبة الأولى، فنحن اليوم في قرية عالمية صغيرة تجمعنا العولمة .
وال"selfie" أصبحت مدار جدل وتناولتها الصحف العالمية والمحلية حتى وصل البعض لاعتبارها نرجسية مرضية تصل الى حد الهوس بل ذهب بعض علماء النفس الى الزعم أنها خلل عقلي يحتاج علاجا وهذه الظاهرة كما طالت المشاهير والعامة طالت كل الفئات العمرية من صغار وكهول وعجائز .ونحن اليوم أمام سؤال ماذا بعد ال"selfie" ؟ هل سيكتفي العالم بكل هذه الصور التي تجعل الحرية الشخصية من الزمن الماضي ، خاصة بعد نشر هذه الصور على شبكات التواصل من فيس بوك أو توتيتر او أنستغرام لدرجة وصلت حد استعراض المشتريات والمأكولات والملابس الشخصية؟ وبعد إلى أين...؟