نقف هنا وقفة مطولة في رحاب قوله تعالى: (يا أيها الناس إنا خلقناكم من ذكر وأنثى وجعلناكم شعوباً وقبائل لتعارفوا)تذكير بعنصر الزوجية والثنائية والتعددية التي قام ويقوم عليها الكون بكل مافيه؛ فلا انفراد ولا استفراد، بل اجتماع وجماعية؛ فتصور الوجود في الإسلام قائم على واحدية وأحدية ووحدانية الله تعالى، وزوجية وثنائية وتعددية كل ما عداه.ً وقبائل"
إقرار وتذكير بحقيقة "التنوع الإنساني" العرقي والاجتماعي والتاريخي، ومن ثم الفكري؛ فالتنوع في الألسن والألوان والأعراق يؤول - ولا بد - إلى تنوع في الدين والمذهب والمرجعية والرؤية الفلسفية والنظم السياسية والاقتصادية والاجتماعية والتعليمية.وكتاب هذا الدين، ليس للعرب وحدهم، (إن هو إلا ذكر للعالمين)فهذه هي طبيعة الدين نفسه؛ فهو ليس دعوة عربية ولا شرقية ولا غربية ولا عرقية ولا إقليمية، بل هو دعوة "للعالمين"، كل العالمين.وقبولنا للآخر غير المسلم ليس قبولاً بكفره أو شركه أو وثنه، وإنما هو قبول بالتكريم الإلهي له؛ قبول بحرية الاختيار التي كفلها الله له.إنه قبول شرعي بوجوده على ما هو عليه لا قبول عقدي بشرعه أو معتقده الذي يخالف شرعنا ومعتقدنا..
مقتبس..