لناس يشتكون ويعانون من الوحدة العازب والمتزوج الغني والفقير الذي وحده والذي في الزحام كلهم في الوحدة متساوون حتى الذي يعيش وسط الناس وبينهم يحس بالوحدة تزدحم المدن وتعلو العمارات ويتزاحم الناس فيها وفي الشوارع والاسواق والمدارس ووسائل النقل ووسط الزحام والازدحام مع الناس وبينهم يشعر الانسان بالوحدة بأنه وحيد ومعزول كأن جسده جزيرة معزولة تقترب الاجساد وتتباعد القلوب والارواح ويعاني الناس من أفظع انواع الوحدة انها الوحدة في الزحام الوحدة مع الناس وبين الناس وحدة الروح وليست وحدة الجسد إنها اقسى انواع الوحدة على الانسان حين يشعر انه وحيد والناس حوله وحيد في عمارته في غرفته في سريره في جسده والناس حوله اجساد بلا قلوب او قلوب بلا مشاعر كثيرون يعذبهم ذلك الاحساس وتلك الوحدة القاسية أن تتزوج ليس معناه انك ستنجو من الوحدة فقد تزداد وحدة لأن الآخر الذي معك وبجانبك قد يكون هو سبب وحدتك كم من متزوج صار وحيدا أكثر حين تزوّج فحين يغيب الحب وتموت المشاعر ويضعف التواصل لا يظل للجسد معنى ولا يبقى للحضور جسدا ويصير ذلك الحاضر هو الأكثر غيابا عندما لا يشعر بك ولاتحس به لا تعود تراه حتى لو كان بجانبك في متناول عناقك لكنه ليس في متناول قلبك اذن فالمسافة ليست مقياس الوحدة والجسد ليس علامة الحضور والوجود انها الوحدة القاسية
يعاني منها العزاب لكنها اقسى على المتزوجين لا ترحم قلوبهم ولا ينقذهم منها الزواج والارتباط والعيش تحت سقف واحد وعلى سرير واحد انها أعمق من ذلك ما اتعس الوحيد في الزحام وما أتعس الذي يكون اقرب الناس اليه هو سبب وحدته ومسكين هذا الانسان الذي يعيش في الزحام وينام في الزحام ويسكن في الزحام ويخترع أسرع وأنجع وسائل الاتصال والتواصل ويقتل المسافات ويحوّل القارة الى قرية والعالم الى فايس بوك ولكنه مع كل ذلك يعاني المزيد من الوحدة وتقترب الاجساد بقدر ما تتباعد القلوب ولا تعود المسافة تقاس بالكيلومترات والامتار بل بالمشاعر والاحاسيس صارت المدينة غابة من الاسمنت بادرة وموحشة مزدحمة بالناس وفارغة من المشاعر ساطعة الاضواء لكن القلوب فيها مظلمة وعدد كبير من سكانها رفاقهم في الشوارع والحدائق والبيوت كلاب وقطط انهم كما قال احدهم كلما ازددت معرفة بالكلاب ازداد خوفا من البشر وكرها للانسان الوحدة هي السبب هي عدوّة الانسان ومعاناته المستعصية الوحدة هي ان تكون بجانبي وأكون بجانبك لكننا لسنا معا