سهى الوعل ــ جدة:
يعيش الأعزب في الخليج والسعودية تحديداً أشكالاً كثيرة من الاضطهاد, فهو شخص مسلوب الحقوق تخافه كافة فئات المجتمع, وهو ما يدفع بالكثير من الشباب إلى الارتباط المبكر، بهدف التخلص من شبح العزوبية الذي يفقدهم الكثير من الثقة, حيث إن حال الشباب في ذلك لا يختلف كثيراً عن حال الفتاة العانس!
يقول أحمد الشرعبي من جدة: "الفتيات يخفن من العنوسة, لأنهن يشعرن بالاضطهاد ويخفن من كلام الناس, ونحن نخاف العزوبية حالنا حالهن, فالثقة بالشخص الأعزب معدومة, يخافون من تواجدنا في أي مكان قد توجد به العائلات, وكأننا سننقضّ على الفتيات ولا نفوّت أي فريسة ممكنة,
وهذا أمر مؤلم، ولذلك نحن نقدم على الزواج بسن مبكرة وغالبيتنا يفشلون كأزواج, لأنهم لا يقدمون على هذه الخطوة وهم مستعدون لها, بل يقدمون عليها وهم يرغبون بأن يعيشوا الكثير من الأمور التي حرمتهم منها العزوبية, أهم تلك الأمور أن يمشي فلا يرى نظرة خوف أو قلق أو استصغار من الآخرين"!
من جهة أخرى يعاني العزاب من شبح الإقصاء, فهم مقصون جبراً عن الحياة العامة العادية, ولا يمكن تواجدهم إلا ضمن نطاق ضيق في الأماكن التي يتواجد بها العزاب أمثالهم, حيث قسم المجتمع المنغلق نفسه إلى فئتين, فئة الشباب وفئة العائلات, وكلتا الفئتين تخشى بعضها البعض,
ففئة العائلات تخشى تواجد العزاب بينهم, وفئة العزاب تخشى نظرات القلق إليهم إذا ما تواجدوا في أماكن تضم الكثير من العائلات, وفي هذا الصدد يقول فراس مدني من جدة: "عندما أذهب مع عائلتي إلى سبيل المثال إلى أحد الأماكن العامة, أرى الجميع ينظر لي ويتربص مني أي خطأ, كأن تقع عيني بالخطأ على فتاة معينة, أو أداعب طفلة صغيرة بغرض اللعب معها فقط, وهذا ما يزعجني, لأنني أشعر أن تواجدي وحدي في الأماكن العامة يشبه تواجدي بها مع عائلتي, فنظرة الجميع إلي في كلتا الحالتين نظرة قلق و تربص".
ولا تنحصر مشكلة العزاب في مجتمعاتنا المتحفظة بنظرة العائلات إليهم فقط, بل حتى أصحاب العمل, فالمتزوج لديه فرص وظيفية أفضل من العازب, كما أنه يحظى بتقدير أكبر لظروفه, كأن العازب لا يملك حياة من حقه أن يعيشها,
وهنا يقول أحمد المكين من جدة: "في عملي تتم معاملتي بطريقة مختلفة عن الموظفين المتزوجين الآخرين الذين من نفس عمري, فقط لأنني أعزب, فمديري ورئيسي وكافة المسؤولين يقدرون ظروف الشخص المتزوج وينتظرون منا نحن العزاب أن نقوم بمهامهم في حال تغيبهم,
في حين أننا لو أردنا نفس التقدير أمام أي ظرف نجد العكس, كأن يقول المدير مثلاً: أنهِ مهامك واذهب فأنت لا تملك شيئاً تخاف عليه من الضياع، وأمامك كل الوقت"!.
في هذا الشأن, تلعب الدراما الخليجية دوراً كبيراً, حيث تصور العزاب دوماً بطريقة أكثر قسوة من الشباب المتزوجين, وتمنح أدوار الشر والخبث لهم, فدائماً البطل الأعزب شخص سيئ النوايا والطباع..
وهنا تقول مريم نوح وهي باحثة اجتماعية: "الدراما أسهمت كثيراً في إيقاع العزاب بشراك المجتمع, ووضعتهم في موضع الاتهام وشوهت نواياهم, ولم تسهم في طرح معاناتهم أو السعي لمعالجتها".