تُصنع هذه الحلوى ببراعة بأيدي بائعي الحلوى المحليين، الذين يرثون هذه المهنة أباً عن جد. إذ إنّ لكل عائلة تمتهن صناعة الحلوى، سراً خاصاً في مقادير الوصفة، ممّا يجعل مذاقها مميّزا، ويضمن استمراريتها في السوق لمئات السنين، كما هو حال بعض الأسماء التجارية التي لا تزال موجودة إلى يومنا هذا.
يعود أصل هذه الحلوى إلى الحقبة العثمانية. لكن عكس ما قد يعتقده البعض، فالجوزية ليست تركية الأصل، بل هي حلوى تم اختراعها داخل قصر "الباي أحمد" الذي كان حاكماً على قسنطينة من العام 1826 لغاية العام 1837. استطاع طباخ قصره صنع حلوى ذات تركيبة سريّة سُمّيت "اللوزية" آنذاك. إذ كانت تُصنع بنفس الطريقة ولكن باستخدام اللوز بدل الجوز، قبل أن يتم اعتماد هذا الأخير الذي تبيّن فيما بعد أنه أفضل بكثير. وقد طلب "الباي أحمد" من الطباخ عدم الإفشاء بسر الخلطة لعامة الشعب، لتكون مادة خاصة بمائدته فقط.
وبقيت خلطة الجوزيّة سرّاً إلى ما بعد موت الباي بـ 163عاما تقريباً. إذ لغاية اليوم، ترفض العائلات التي تحمل السر أن تفشيه لأحد. وتروي الحكاية أيضاً، أنّ هناك حلوى ثانية كانت ترافق الجوزية في تاريخ الباي أحمد، وتسمى "روح الباي" وهي ما زالت تُصنّع. وكانت مخصّصة لتحسين مزاجه حين يشعر بالاكتئاب والضجر، لهذا رُبط اسمها بتقلباته الروحية.
تصنع حلوى الجوزية بمزج السكر والعسل الطبيعي وبياض البيض مع قطع من الجوز.
"
يقبل الجزائريون على شراء هذه الحلوى باستمرار على الرغم من ارتفاع سعرها
"
تحتاج إلى أكثر من أربع وعشرين ساعة حتى تجهز. تفرش في الصواني وتُصفف لتصبح متجانسة، ثم تقطّع إلى مربّعات، يوضع الجوز في أعلاها ليشكل ما يشبه التاج. وقد أصبحت الآن تلف داخل قطع من السيلوفان للحفاظ على النكهة والطعم والليونة.
ويقبل الجزائريون على شراء هذه الحلوى باستمرار على الرغم من ارتفاع سعرها. ولأنّها مطلوبة في البلدان الأخرى، فتح مجال تصديرها بشكل واسع. لكن تكمن المشكلة في صناعتها بغير الجزائر، فالرطوبة التي تفسد نكهتها غالباً. إذ تحتاج إلى مناخ جاف تماماً يحافظ على طعمها الممزوج بأصالة الجزائريين.
-