بعد أن قطعت "العدل" الطريق على "شفاعة" أصحاب المناصب
المفتي: تدخّل الشخصيات الاعتبارية في القضاء أمر مُشين
عبدالله البرقاوي- سبق- الرياض: قال سماحة الشيخ عبدالعزيز بن عبدالله آل الشيخ المفتي العام للمملكة العربية السعودية رئيس هيئة كبار العلماء وإدارة البحوث العلمية والإفتاء" إن تدخّل الشخصيات الاعتبارية في القضاء أمر مُشين.
وأكد -في حديث لسماحته في برنامجه الأسبوعي "ينابيع الفتوى" الذي تبثه إذاعة "نداء الإسلام" من مكة المكرمة، ويعده ويقدمه الشيخ يزيد الهريش- أن ذلك إن كان في الحدود فهذا أمر محرم، وفي الحديث: "إذا بلغت الحدود السلطان فلعن الله الشافع والمشّفِع" مضيفًا أنه لما أهمّ قريش أمر المخزومية التي سرقت فأمر النبي بقطع يدها فرفعوا أمرها إلى "أسامة"، قالوا من يشفع فيها إلا حِبُّ رسول الله، فقال صلى الله عليه وسلم: "يا أسامة أتشفع في حدٍ من حدود الله؟!، فلو أنّ فاطمة بنت محمد سرقت لقطعت يدها، إنما أهلك من كان قبلكم إذا سرق فيهم الشريف تركوه وإذا سرق فيهم الضعيف أقاموا عليه الحد"، إذن فالحدود الشرعية يجب أن تنفذ ولا يجوز الشفاعة فيها.
وبيّن مفتي عام المملكة أن الأحكام الشرعية الأخرى غير الحدود يجب قبول قول القاضي فيها أو الاعتراض وفق الطرق الشرعية المتبعة عبر محكمة الاستئناف، أما محاولة الطعن في الأحكام والطعن في قضاء القاضي وبيان أن الحكم متناقض إلى غير ذلك، فهذه خطيرة إذا فُتح الباب في هذا المجال ضاعت الأحكام.
وقال: القاضي مؤتمن على الدماء والأموال والأعراض فحكمه مقبول والخطأ يقع من كل أحد، وإذا لم يقتنع المحكوم عليه بالأمر فله أن يرفع إلى محكمة الاستئناف.
وختم سماحة الشيخ حديثه بالشكر لوزارة العدل، مؤكداً أن القضاء في بلادنا ولله الحمد قضاء شرعي، على كتاب الله وسنة رسوله صلى الله عليه وسلم، وتنظيم المحاكم تنظيم جيد، ونحن نثق في قضائنا ونسأل الله أن يوفق قضاتنا إلى ما يحبه ويرضاه وأن يجزيهم خيرًا وأن يوفق القيادة العدلية للقيام بما أوجب الله عليهم وأن يوفقهم لما يحبه ويرضاه ويجزيهم خيرًا.
يأتي هذا الحديث من سماحة المفتي على أعقاب قرار أصدره وزير العدل قطعت به الوزارة الطريق على ما يسمى بـ"الشفاعة" في القضايا المنظورة في المحاكم، وبخاصة تلك التي تأتي من "أصحاب المناصب وذوي الهيئات"، وتعهدت بتحويلهم من طالبي "شفاعة" إلى "متهمين" سيخضعون للمحاكمة. حيث إن البعض يلجأ إلى "الشفاعة" لدى القضاة ليس من أجل التلاعب في الأحكام القضائية وتحريفها، بل لإعلام المشفوع له بأنه سعى من أجله لدى القضاء، إلا أن ذلك لن يكون "شفيعاً" لهم في عدم التعرض للعقوبات. طبقًا لأمر من وزير العدل رئيس المجلس الأعلى للقضاء الدكتور محمد العيسى، بمعاقبة "كل من يحاول تجاوز حصن القضاء الشرعي، ويحاول انتهاكه، وإحالته إلى المحاكمة، كائناً من كان". وأكد الوزير أن هذا الأمر "يشمل أصحاب المناصب وذوي الهيئات كافة".