منذ الامس وبعد نشر وثيقة (أمر ديواني رقم 229 صادرة من ديوان رئاسة الجمهورية) (*) ليتم من خلالها تعيين " جوان معصوم" أبنة رئيس الجمهورية بصفة مستشار لابيها وبراتب قدره 12900000 " أثنا عشر مليون وتسعمائة ألف دينار عراقي فقط" أسوة بأقرانها بنفس الوظيفة، وأنا أسافر بين معاجم اللغة عسى أن أجد وصفا يليق بالسيد فؤاد "معصوم"، ومنذ الامس أيضا وأنا أرحل بين كتب التاريخ عسى أن أجد ساسة على شاكلة السيد فؤاد " معصوم"، ومنذ الامس قرأت الكثير عن الفساد السياسي والاداري والشخصي عسى أن أجد شخصا على شاكلة السيد فؤاد "معصوم". وحين هدّني التعب ولم أستطع الوصول الى اجابات حول اسئلتي علما انني تجولت بالبحث عنها في قارات الارض الخمس ، جلست منهكا على رصيف في شارع عراقي مليء بالازبال حيث أمرأة تستجدي المارّة ورجل سبعيني عتّال ينوء بما يحمله على ظهره وروحه من أثقال وتعب السنين، وعلى الرصيف كانت هناك شابّة مكسورة تبحث في عيون المارّة بخجل عن ...... لا ادري أن كانت قد فقدت معيلها في تفجير سيارة مفخخة أو ذهب ضحية صراع طائفي سافل ، وعند تقاطع الاشارات الضوئية لمحت طفلا تنهشه العيون الوقحة وهو يبيع ليعيل عائلته ، أكياسا صغيرة من المكسّرات.
هناك على الرصيف العراقي بأمتياز عرفت أن الاجابة موجودة في العراق الطائفي وأن بحثي عن أجابات في أمكنة أخرى لم تكن سوى ضياعا للوقت. هناك على ذلك الرصيف عرفت أن فؤاد "معصوم" لا يفرق عن أقرانه من ساسة المحاصصة الطائفية القومية بشيء، وانني مهما بحثت في كتب التاريخ فانني لن أجد مثيلا له ولأقرانه من ساسة تنكروا لشعوبهم كما تنكر ساسة المحاصصة لما يقارب المليوني نازح من ابناء شعبنا الذين يعانون الجوع والمرض والبرد في هذا الشتاء وهم يفترشون الارض ويلتحفون السماء مهجرين من مدنهم بفعل فشل الحكومة العراقية في تأمين الأمن وأستتبابه، كما وانني مهما قرأت عن فساد سياسي واداري وشخصي فانني لن أجد أشخاص فاسدين كما ساسة المحاصصة الطائفية .
لا يمكن ان نتوقع في أن يكون أحد ساسة المحاصصة الطائفية القومية نزيها فالجميع بلا أستثناء تحوم حولهم شبهات مالية وإثراء غير مشروع، وجميعهم فتحوا أبواب اعلى الوظائف أمام أبنائهم وأصهارهم وأقاربهم وبرواتب خيالية أضافة الى أطلاق أياديهم في المشاريع التجارية والعقود والمناقصات. وبالامس فقط عيّن زعيم حزب الدعوة ونائب رئيس الجمهورية نوري المالكي 7 من فريق حزبه الذين لم ينجحوا بالانتخابات "مستشارين" على غرار جوان "معصوم" وبنفس الراتب والامتيازات!!. و"معصوم" و "المالكي" ليسا سوى نماذج لساسة المحاصصة، هذه المحاصصة التي لازال بعض السذّج في عالم السياسة يتوقعون أن يغيّر أقطابها سياساتهم من أجل بناء عراق جديد.
لقد خدمنا الحظ اليوم على ما يبدو في الكشف عن هذه الوثيقة، ولكن السؤال الكبير هنا ، هو كم عدد الوثائق غير المكتشفة لليوم؟، وعندما تقول الوثيقة أن السيدة جوان سيكون راتبها كما اقرانها فكم هو عدد هؤلاء الاقران في الرئاسات الثلاث!؟
السيد "معصوم" صدقني أنني أشعر وأنا أكتب هذه المقالة ومعها الوثيقة الصادرة من مكتبكم بالخجل من نفسي كوني قرأتها فقط ، فهل تشعرون أنتم بالخجل أيضا وأنتم ترون أبنتكم كل صباح تشرب الشاي بالحليب في مكتبها متحدثة مع صديقاتها من خلالها هاتفها الخلوي ولتستلم في نهاية الشهر راتبها الخرافي هذا ؟ وهل تعرف ايها السيد "معصوم" أن وظيفتك ووظيفة نوابك هي وظيفة تشريفية فقط؟
الحكومة العراقية تعلن سياسة التقشف على الشعب فقط وهذا ترجمة للمثل البغدادي"يتعلم الحجامة براس اليتامى"
زكي رضا