يعتبر الحق في العمل أول الحقوق التي يقرها «العهد الدولي الخاص بالحقوق الاقتصادية والاجتماعية والثقافية» فالعمل باعتباره حقًا ينبغي لكل إنسان أن يتمتع به مثله مثل الحق في التعليم والحق في الغذاء وغيرها من الحقوق الأساسية للبشر، وهو يتضمن جوانب أخرى كالحماية من الإرهاق الناجم عن الجهد الجسدي والعقلي والإجهاد، فالحق في العمل لا يلبي فقط حاجة الإنسان في التمتع بحق من حقوقه، بل يوفر أيضًا ضمانات حماية الإنسان، وهو يكد لكسب رزقه ولضمان الرفاهية والعدالة الاجتماعية.
الحق في العمل يشمل إتاحة كسب الرزق لكل شخص بالغ من خلال عمل يختاره أو يقبله بحرية وفي شروط عمل عادلة ومرضية، وفي الحماية من البطالة كما يتضمن الحق في العمل المساواة في المعاملة والأجر عند تساوي قيمة العمل وفترات راحة مدفوعة الأجر وظروف عمل مأمونة وصحية، والحق في الإضراب وعلى الدولة أن تتيح التوجيه والتدريب المهني للجميع، باعتباره التزامًا واقعًا على عاتقها يتعلق بحق من حقوق الإنسان. ويرتبط الحق في توفير فرص عمل بصون كرامة العامل ارتباطًا وثيقًا ويحظر الاسترقاق والعبودية والسخرة.
وبالرغم من اعتراف معظم الدول اليوم بالحق في ظروف العمل التي تصون الكرامة، فما تزال هناك صور عديدة للعمل في شتى أنحاء العالم تنتهك الحق في الكرامة؛ ويمثل النساء والأطفال غالبية من يشغلون تلك الأعمال. ويجري في بعض البلدان استرقاق الأشخاص، مثل الاسترقاق في العمل المنزلي، بحيث تكون لصاحب العمل سلطة مطلقة على شتى جوانب حياة العمال ووصاية أصحاب الأعمال على حياة عمالهم والتدخل في اختياراتهم وحرياتهم بل وحياتهم العائلية، أو فرض شروط تعسفية على العامل من أجل الحصول على فرصة العمل (مثل التوقيع على استقالة قبل استلام العمل، أو التوقيع على شيكات أو صكوك مالية كضمان لطاعة صاحب العمل وعدم الشكوى أو التقاضي)، أو استغلال الأطفال في أعمال محرمة أو غير مقبولة اجتماعيًا، وغيرها من صور انتهاك كرامة الناس في العمل، وكثيرًا ما نجد نصوصًا تحظر تلك الممارسات إلا أن الواقع على أرض وبسبب الفقر والبطالة يتخطاها، ولا تجد لتطبيقها سبيلًا.