خفت بريقهم ... فانسحبوا
لسنوات أمتعونا وتركوا من خلال أعمالهم الفنية ذكريات رائعة فينا، ارتبطوا لدينا بالزمن الجميل البسيط الذي لم تكن تلاحقنا به التكنولوجيا والتطور الإعلامي، هم فنانون أسسوا لما نراه اليوم من دراما وكوميديا ومسرح وسينما، هم الوجوه التي اقتبس منها الجيل الجديد نظرته عن الفن الراقي.
.. ومرّت الأيام
ولكن الزمن مر علينا وعليهم سريعاً كبرنا وكبروا، وترك الزمن بصماته القاسية على كثير منهم فتغيرت ملامحه، وخطّت الأيام فوق جباههم ووجوههم خطوط وتجاعيد الحياة التي نقلتهم من مرحلة صدارة الإنتاج الفني العربي،
لمجرد رموز يطلون من بعيد، بعد أن دخل الجيل الجديد للساحة، وهو الأمر الذي دفع البعض للقول إن على الجيل القديم أن يفسح المجال لمن جاء بعده، فقد قدموا الكثير الذي لن ينسى، وآن لهم أن يتقاعدوا.
إلا أن هذه التعليقات لم تكن محط إعجاب الجميع، فكثيرة هي الأسماء التي مازالت تعطي وتشارك وتساهم في الشاشات العربية اليوم.
ولم يوقفها التقدم في العمر عن المساهمة في أهم الأعمال المذاعة على الفضائيات العربية في أهم المواسم الدرامية، فأسماؤهم مصدر جذب للمشاهد الذي يراهم بعين ذكرياته القديمة. وأداؤهم الرائع يعطي المسلسلات نكهتها الخاصة.
ولكن كل هذه المميزات لا تمنع طرح سؤال:
هل حان وقت تقاعد هؤلاء الفنانين الكبار؟
انسحبوا بإرادتهم
تردّ على هذا السؤال الناقدة الكبيرة ماجدة خير الله قائلة: «بالطبع ليس هناك سنّ تقاعد للمبدعين عامة والفنانين خاصة، طالما كانوا قادرين على العطاء، ليس من وجهة نظرهم فقط بل من وجهة نظر الجمهور والنقاد،
ولكن إذا لم يتوافر في أحدهم هذا الشرط الرئيسي والمهم فأعتقد أن التقاعد له أفضل من أن يضحي برصيده الفني ويسيء إلى تاريخه»،
وتضيف: «وسجل الوسط الفني المصري حافل بأسماء كبيرة، كانت ومازالت قادرة على العطاء ورغم هذا تقاعدت بمحض إرادتها وفضلت الاختفاء عن الساحة لعدم وجود الدور الذي يليق بها،
ولم تقبل أن تكون مجرد ديكور أو جزء من الإكسسوار في العمل الفني مثل الفنانات الكبار فاتن حمامة وماجدة الصباحي، وشويكار ومن الرجال الفنان القدير جميل راتب الذي نجحت الفنانة ليلى علوي في إقناعه بالعودة من خلال مسلسل «شمس» بعد غياب طويل،
وكذلك الفنانون محمد صبحي وعزت العلايلي، فكل هؤلاء أسماء كبيرة وعملاقة ولم تقبل بأن تخصم من رصيدها الفني بأعمال دون المستوى أو أدوار لا تليق بها وبمكانتها الفنية الكبيرة،
ولكن هناك أيضا فنانون لم تعد لديهم القدرة على العطاء، ورغم هذا يصرون على التواجد بدلاً من التقاعد، وأتصور أنه لا يجرؤ أحد على إحالتهم إلى التقاعد إذ لابد أن يصدر القرار من داخلهم، وعليهم أن يتحملوا نتيجته، ووجودهم أو عدم تقاعدهم لن يحرم الأجيال الجديدة من أي فرص،
فهم ليسوا موظفين تستطيع الحكومة أن تستبدل الواحد منهم بـ10 من الوجوه الشابة، وهم أيضاً لم يحتكروا بطولات، فأدوارهم ثانوية وأحياناً تقترب من الكومبارس، وفي المقابل عندنا فنانون بحجم عادل إمام ويحيى الفخراني ودريد لحام،
أعتقد أن مطالبتهم بالاعتزال والتقاعد يعد ضرباً من الجنون!». وتابعت خير الله: «بعضهم قد تدفعه الظروف المعيشية أو الحياتية للعمل حتى ينفقوا على أنفسهم بعيداً عن مذلة السؤال، مهما كان الثمن ويبقى الحكم فى النهاية للجمهور!»
تقرير روتانا