توجيهات المرجعية للمؤمنين في زيارة الأربعين
أختي المؤمنة الموالية :
زيارة الاربعين على الابواب والارواح والقلوب تهفو لزيارة الإمام الحسين (عليه السلام ) وحتى تكون زيارتنا مواساة للسيدة للزهراء والسيدة الحوراء ( عليهما السلام ) وتكون احياء لأمر اهل البيت وتعبيرا عن ولائنا وتمسكنا بهم فلنقرأ معا توجيهات سماحة المرجع الديني الأعلى السيد السيستاني ( دام ظلّه الوارف ) بخصوص زيارة أربعين الإمام الحسين ( عليه السلام )
توجيهات بسم الله الرحمن الرحيم
السلام عليكم ورحمة الله وبركاته
عظّم الله لكم الأجر ..
ونحن نتوجّه الى كربلاء المقدّسة بمناسبة أربعينية الإمام سيد الشهداء (عليه السلام ) ، نحتاج إلى توجيهات أبوية بهذه المناسبة العظيمة لتكون الفائدة أكبر والجزاء أعظم وللتنبيه عمّا نغفل عنه أو لا نعلم أجره ، نأمل أن يكون التوجيه لكافة شرائح ، أدام الله نعمة وجودكم المبارك إنّه سميع قريب ونسألكم الدعاء .
جمعٌ من المؤمنين
الجواب: بسم الله الرحمن الرحيم
الحمد لله رب العالمين والصلاة والسلام على سيدنا محمد وآله الطاهرين . .
وبعد فإنه ينبغي أن يلتفت المؤمنون الذين وفقهم الله لهذه الزيارة الشريفة انّ الله سبحانه وتعالى جعل من عباده أنبياء واوصياء ليكونوا أسوة وقدوة للناس وحجّة عليهم فيهتدوا بتعاليمهم ويقتدوا بأفعالهم .
وقد رغّب الله تعالى إلى زيارة مشاهدهم تخليداً لذكرهم واعلاء لشانهم وليكون ذلك تذكرة للناس بالله تعالى وتعاليمه وأحكامه ، حيث إنهم كانوا المثل الأعلى في طاعته سبحانه والجهاد في سبيله والتضحية لأجل دينه القويم .
وعليه فإنّ من مقتضيات هذه الزيارة ـــ مضافاً إلى استذكار تضحيات الإمام الحسين ( ع ) في سبيل الله تعالى ـــ هو الاهتمام بمراعاة تعاليم الدين الحنيف من الصلاة والحجاب والإصلاح والعفو والحلم والأدب وحرمات الطريق وسائر المعاني الفاضلة لتكون هذه الزيارة بفضل الله تعالى خطوة في سبيل تربية النفس على هذه المعاني تستمر آثارها حتى الزيارات اللاحقة وما بعدها فيكون الحضور فيها بمثابة الحضور في مجالس التعليم والتربية على الإمام ( عليه السلام ) .
إننا وإن لم ندرك محضر الأئمة من أهل البيت ( عليهم السلام ) لنتعلم منهم ونتربى على أيديهم إلّإ أنّ الله تعالى حفظ لنا تعاليمهم ومواقفهم ورغّبنا إلى زيارة مشاهدهم ليكونوا أمثالاً شاخصة لنا واختبر بذلك مدى صدقنا فيما نرجوه من الحضور معهم والاستجابة لتعاليمهم ومواعظهم ، كما اختبر الذين عاشوا معهم وحضروا عندهم ، فلنحذر عن أن يكون رجاؤنا أمنية غير صادقة في حقيقتها ، ولنعلم أننا إذا كنّا كما أرادوه ( صلوات الله عليهم ) يرجى أن نحشر مع الذين شهدوا معهم ؛ فقد ورد عن أمير المؤمنين (ع) أنّه قال في حرب الجمل : أنه ( قد حضرنا قوم لم يزالوا في أصلاب الرجال وأرحام النساء ) . فمن صدق في رجائه منا لم يصعب عليه العمل بتعاليمهم والاقتداء بهم ، فتزكّى بتزكيتهم وتأدب بآدابهم .
فالله الله في الصلاة فإنها ـــ كما جاء في الحديث الشريف ـــ عمود الدين ومعراج المؤمنين إن قُبِلت قُبِلَ ما سواها وإن رُدّت رُدَّ ما سواها، وينبغي الالتزام بها في أول وقتها فإنّ أحبّ عباد الله تعالى إليه أسرعُهم استجابة للنداء إليها ، ولا ينبغي أن يتشاغل المؤمن عنها في اول وقتها بطاعةٍ أخرى فإنها أفضل الطاعات ، وقد ورد عنهم (ع) : ( لا تنال شفاعتنا مستخفّاً بالصلاة ) ، وقد جاء عن الإمام الحسين (ع) شدّة عنايته بالصلاة في يوم عاشوراء حتى إنّه قال لمن ذكرها في أول وقتها : (ذكرت الصلاة جعلك الله من المصلّين الذاكرين) فصلّى في ساحة القتال مع شدّة الرمي .
الله الله في الإخلاص فإنّ قيمة عمل الإنسان وبركته بمقدار إخلاصه لله تعالى ، فإنّ الله لا يتقبّل الإ ما خلص له وسلم عن طلب غيره ؛ وقد ورد عن النبي (ص) في هجرة المسلمين إلى المدينة أنّ من هاجر إلى الله ورسوله فهجرته إليه ومن هاجر إلى دنيا يصيبها كانت هجرته إليها ، وان الله ليضاعف في ثواب العمل بحسب درجة الإخلاص فيه حتّى يبلغ سبعمائة ضعف والله يضاعف لمن يشاء . فعلى الزوار الإكثار من ذكر الله في مسيرتهم وتحرّي الإخلاص في كل خطوة وعمل ، وليعلموا ان الله تعالى لم يمنَّ على عباده بنعمة مثل الإخلاص له في الاعتقاد والقول والعمل ، وان العمل من غير إخلاص لينقضي بانقضاء هذه الحياة وأمّا العمل الخالص لله تعالى فيكون مخلّداً مباركاً في هذه الحياة وما بعدها .
الله الله في الستر والحجاب فإنّه من أهمّ ما اعتنى به أهل البيت ( عليهم السلام ) حتّى في أشدّ الظروف قساوة في يوم كربلاء فكانوا المثل الأعلى في ذلك ، ولم يتأذّوا (ع) بشيء من فعال أعدائهم بمثل ما تأذّوا به من هتك حُرَمهم بين الناس، فعلى الزوار جميعاً ولا سيّما المؤمنات مراعاة مقتضيات العفاف في تصرفاتهم وملابسهم ومظاهرهم والتجنب عن أي شيء يخدش ذلك من قبيل الألبسة الضيّقة والاختلاطات المذمومة والزينة المنهىّ عنها ، بل ينبغي مراعاة أقصى المراتب الميسورة في كل ذلك تنزيهاً لهذه الشعيرة المقدّسة عن الشوائب غير اللائقة .
نسأل الله تعالى أن يزيد من رفعة مقام النبي المصطفى (صلى الله عليه وآله وسلم) وأهل بيته الأطهار( عليهم السلام ) في الدنيا والآخرة بما ضحّوا في سبيله وجاهدوا بغية هداية خلقه ويضاعف صلاته عليهم كما صلّى على المصطفين من قبلهم لا سيما ابراهيم وآل ابراهيم كما نسأله تعالى أن يبارك لزوار أبي عبد الله الحسين (عليه السلام ) زيارتهم ويتقبلها بأفضل ما يتقبل به عمل عباده الصالحين حتّى يكونوا في سيرهم وسيرتهم في زيارتهم هذه وما بقي من حياتهم مثلاً لغيرهم وأن يجزيهم عن أهل بيت نبيّهم ( عليهم السلام ) خيراً لولائهم لهم واقتدائهم بسيرتهم وتبليغ رسالتهم عسى أن يُدعَوا بهم ( عليهم السلام ) في يوم القيامة حيث يُدعى كل أناس بإمامهم وأن يحشر الشهداء منهم في هذا السبيل مع الحسين (عليه السلام ) وأصحابه بما بذلوه من نفوسهم وتحمّلوه من الظلم والاضطهاد لأجل ولائهم إنّه سميع مجيب .