في الغياب ...
تموت .. و يجتاحنا سؤال مخيف :
ماقيمة الحب إذا ضاع العمر في الإنتظار ؟؟؟؟
ولماذا يباغتنا الغياب دوماً من باب كان مهيأ للحضور ..!!
في الغياب ...
تتسع خارطة الشوق في جغرافية الروح ؛ وتضيق مساحة العتاب والخصام , لأننا نعرف جيداً طعم بكاء الأشياء التي يخلفها الغياب ..
ونرى كيف أن الحزن فيه يصفد أبواب الحلم !!
في الغياب ..
نقرأ دفاتر الذكريات لوحدنا ونزينها بألوان الحنين الزاهية , ونرسم على السطور بعضاً من علامات الإستفهام , والتعجب , والفواصل .. ونتردد ونحن نضع نقطة في آخر السطر , لأننا نخشى أن تكون هذة النقطة الأخيرة ....... هي نقطة الوداع والفراق الأخير !!
في الغياب ..
نرى من نحب بصورة أوضح ونحس بمدى أثرهم , وتأثيرهم بشكل أدق .. ففي الغياب تكبر محبتنا لهم وتصغر محبتنا لأنفسنا !!
في الغياب ..
نكتشف أحياناً أنه لم يتغير شيء سوى أننا لم نعد نحس بشيء , ولم تعد لدينا القدرة على الإستمتاع بأي شيء ..
حتى السفر الذي نحبه نراه رحلة جديدة في درب الغربة والإغتراب ..
في الغياب ..
تقرأ جرحك بتأني وعمق وتشعر أنك بحاجة إلى أن تعيد إكتشاف نفسك من جديد ؛ وترتيب أوراق روحك المبعثرة ......... , وربما أيضاً إكتشاف الوجه الآخر الحقيقي لمن تحب , وربما أيضاً الوجه الآخر للغياب حينما تشعر أن في صدرك أماني ذبحها الغياب ..
في الغياب ..
نكون دائماً مع الآخرين لكننا نشعر بأننا لوحدنا بصحبة حزننا وجرحنا !!
مشاعر الحب تموت في الغياب ولكن ..... بكبرياء !!
في الغياب ..
نرى دوماً الشوق والحنين وجهين لعملة واحدة ، الشوق لما هو آتي ، والحنين لما مضى .....
وكلاهما طعمة شديد المرارة والحموضة والملوحة !!
في الغياب ..
يبقى القلب مشرعاً ببيارق من خوف وأمل ورجاء ..
تنتظر من يأتي وربما ....لا يأتي
الذين نحبهم وهم في الغياب، لا يذهبون كأنما لا تختفي سوى أجسادهم..
وكأنهم بطرق خفية ومجهولة يأتون , ويعيدون نسج ملامحهم، وأصواتهم وكلماتهم …
فنراهم حيناً في وجه لا نعرفه..
أو نراهم حيناً في مكان كانوا يجلسون فيه..
أو نسمع أصواتهم في عبارة قيلت صدفةً وهم كانوا يرددونها..
وكأننا نحن من بقينا للفقد والانتظار ..!
م/ن