العفو عن عبد الله بن الزبيرالسلام عليكم
كرم الامام وعفوه
*ـمروج الذهبـ فى خبر عائشة ـ : جهّزها [عائشة] علىٌّ وأتاها فى اليوم الثانى ، ودخل عليها ومعه الحسن والحسين وباقىأولاده وأولاد إخوته وفتيان أهله من بنى هاشم وغيرهم من شيعته من همْدان ، فلمّابصرت به النسوان صحنَ فى وجهه وقلن : يا قاتل الأحبّة !فقال : لو كنت قاتل الأحبّة لقتلت مَن فى هذا البيت ، وأشار إليبيت من تلك البيوت قد اختفي فيه مروان بن الحكم ، وعبد الله بن الزبير ، وعبد اللهبن عامر ، وغيرهم .فضرب من كان معه بأيديهم إلي قوائم سيوفهم لمّا علموا مَن فىالبيت مخافة أن يخرجوا منه فيغتالوه .فقالت له عائشة ـ بعد خطب طويل كان بينهما ـ : إنّى اُحبّ أناُقيم معك ، فأسير إلي قتال عدوّك عند سيرك .فقال : بل ارجعى إلي البيت الذى تركك فيه رسول الله .فسألته أن يؤمّن ابن اُختها عبد الله بن الزبير ، فأمّنه ، وتكلّمالحسن والحسين فى مروان ، فأمّنه ، وأمّن الوليد بن عُقْبة ووُلد عثمان وغيرهم منبنى اُميّة ، وأمّن الناس جميعاً .وقد كان نادي يوم الوقعة : من ألقي سلاحه فهو آمن ، ومن دخل دارهفهو آمن .
*ـتاريخ الطبرى عن محمّد وطلحة : دخل علىٌّالبصرة يوم الإثنين ، فانتهي إلي المسجد ، فصلّي فيه ، ثمّ دخل البصرة ، فأتاهالناس ، ثمّ راح إلي عائشة علي بغلته ، فلمّا انتهي إلي دار عبد الله بن خلف ـ وهىأعظم دار بالبصرة ـ وجد النساء يبكين علي عبد الله وعثمان ـ ابنى خلف ـ مع عائشة ،وصفيّة ابنة الحارث مختمرة تبكى .فلمّا رأته قالت : يا علىّ ، يا قاتل الأحبّة ، يا مفرّق الجمع ! أيتمَ الله بنيك منك كما أيتمت ولد عبد الله منه ! فلم يردّ عليها شيئاً ، ولم يزل علي حاله حتي دخل علي عائشة ،فسلّم عليها ، وقعد عندها ، وقال لها : جبهتنا صفيّة ، أما إنّى لم أرَها منذ كانتجارية حتي اليوم .فلمّا خرج علىّ أقبلت عليه فأعادت عليه الكلام ، فكفّ بغلته وقال : أ مالَهَمَمْتُ ـ وأشار إلي الأبواب من الدار ـ أن أفتح هذا البابوأقتل من فيه ، ثمّ هذا فأقتل من فيه ، ثمّ هذا فأقتل من فيه ـ وكان اُناس منالجرحي قد لجؤوا إلي عائشة ، فاُخبر علىّ بمكانهم عندها ، فتغافل عنهم ـ فسكتت .فخرج علىٌّ فقال رجل من الأزد : والله ، لا تفلتنا هذه المرأة! فغضب وقال : صه ! لا تهتكنّ ستراً ، ولا تدخلنّ داراً ، ولا تهيجنّ امرأة بأذي ،وإن شتمن أعراضكم ، وسفّهن اُمراءكم وصلحاءكم ; فإنّهنّ ضعاف ، ولقد كنّا نؤمربالكفّ عنهنّ ، وإنّهنّ لمشركات ، وإنّ الرجل ليكافئ المرأة ويتناولها بالضرب ،فيعيَّر بها عقبه من بعده ، فلا يبلغنّى عن أحد عَرَض لامرأة ، فاُنكّل به شرارالناس .
اطلاق الامان لمروان
* - عن أبي الصيرفي عن رجل من مراد : قال : كنت واقفا على رأس أمير المؤمنين ( عليه السلام ) يوم البصرة إذ أتاه ابن عباس بعد القتال فقال : إن لي [ إليك ] حاجة فقال ( عليه السلام ) : ما أعرفني بالحاجة التي جئت فيها تطلب الامان لابن الحكم ؟ قال : نعم أريد أن تؤمنه قال : آمنته ولكن اذهب إليه وجئني به ولا تجئني به إلا رديفا فإنه أذل له فجاء به ابن عباس ردفا فكأنه قرد [ ف ] قال [ له ] أمير المؤمنين : أتبايع ؟ قال : نعم وفي النفس ما فيها .قال : الله أعلم بما في القلوب .فلما بسط بيده ليبايعه أخذ كفه عن كف مروان فترها فقال لا حاجة لي فيها إنها كف يهودية لو بايعني بيده عشرين مرة لنكث بإسته ثم قال : هيه يا ابن الحكم خفت على رأسك أن تقع في هذه المعمعة كلا والله حتى يخرج من صلبك فلان وفلان يسومون هذه الامة خسفا ويسقونه كأسا مصبرة .
*- من كلام له ( عليه السلام ) قاله لمروان بن الحكم بالبصرة .قالوا : أخذ مروان بن الحكم أسيرا يوم الجمل فاستشفع بالحسن والحسين إلى أمير المؤمنين عليهما السلام فكلماه فيه فخلى سبيله فقالا له : يبايعك يا أمير المؤمنين فقال ( عليه السلام ) : أو لم يبايعني بعد قتل عثمان ؟ لا حاجة لي في بيعته إنها كف يهودية لو بايعني بيده لغدر بسبته أما إن له إمرة كلعقة الكلب أنفه وهو أبوالاكبش الاربعة وستلقى الامة منه ومن ولده يوما أحمر .
العفو عن موسي بن طلحة بن عبيد الله
*ـعن موسي بن طلحة بن عبيد اللهـوكان فيمن اُسر يوم الجمل ، وحُبس مع من حُبس من الاُساري بالبصرة ـ : كنت فى سجنعلىّ بالبصرة ، حتي سمعت المنادى ينادى : أين موسي بن طلحة بن عبيد الله ؟ فاسترجعتواسترجع أهل السجن ، وقالوا : يقتلك .
فأخرجنى إليه ، فلمّا وقفت بين يديه قال لى : يا موسي ! قلت : لبّيك يا أمير المؤمنين !
قال : قل : أستغفر الله وأتوب إليه ثلاث مرّات . فقلت : أستغفرالله وأتوب إليه ـ ثلاث مرّات ـ فقال : لمن كان معى من رسله : خلّوا عنه ، وقال لى : اذهب حيث شئت ، وما وجدت لك فى عسكرنا من سلاح أو كراع فخذه ، واتّقِ الله فيماتستقبله من أمرك ، واجلس فى بيتك . فشكرت له وانصرفت .
العفو العام
*- من كلام أمير المؤمنين صلوات الله عليه بالبصرة حين ظهر على القوم بعد حمد الله تعالى والثناء عليه : أما بعد فإن الله ذو رحمة واسعة ومغفرة دائمة ، وعفو جم وعقاب أليم .قضى أن رحمته ومغفرته وعفوه لاهل طاعته من خلقه ، ويرحمته اهتدى المهتدون ، وقضى أن نقمته وسطواته وعقابه على أهل معصيته من خلقه ، وبعد الهدى والبينات ما ضل الضالون فما ظنكم يا أهل البصرة وقد نكثتم بيعتي وظاهرتم على عدوي ؟ ! فقام إليه رجل فقال : نظن خيرا ونراك قد ظهرت وقدرت فإن عاقبت فقد اجترمنا ذلك ، وإن عفوت فالعفو أحب إلى الله تعالى .فقال : قد عفوت عنكم فإياكم والفتنة فإنكم أول الرعية نكث البيعة وشق عصا هذه الامة .قال : ثم جلس للناس فبايعوه ،
*ـعن هاشم بن مساحق القرشى : حدّثنى أبىأنّه لمّا انهزم الناس يوم الجمل اجتمع معه طائفة من قريش فيهم مروان بن الحكم ،فقال بعضهم لبعض : والله لقد ظلمْنا هذا الرجل ـ يعنون أمير المؤمنينـ ونَكثنا بيعته من غيرحَدَث ، والله لقد ظهر علينا ، فما رأينا قطّ أكرم سيرةً منه ، ولا أحسن عفواً بعدرسول الله ;فقوموا حتي ندخل عليه ونعتذر إليه ممّا صنعناه .
قال : فصرنا إلي بابه ، فاستأذنّاه فأذن لنا ، فلمّا مثلنا بينيديه جعل متكلّمنا يتكلّم .
فقال : أنصتوا أكفِكم ، إنّما أنا بشر مثلكم ; فإن قلت حقّاً فصدّقونى، وإن قلت باطلاً فردّوا علىَّ .
أنشدكم الله ! أ تعلمون أنّ رسول الله لمّا قُبض كنت أنا أوليالناس به وبالناس من بعده ؟ قلنا : اللهمّ نعم .
قال : فعدلتم عنّى وبايعتم أبا بكر ، فأمسكتُ ولم اُحبّ أن أشقّعصا المسلمين ، واُفرّق بين جماعتهم ; ثمّ إنّ أبا بكر جعلها لعمر من بعده فكففت ،ولم اُهِج الناس ، وقد علمت أنّى كنت أولي الناس بالله وبرسوله وبمقامه ، فصبرت حتيقُتل عمر ، وجعلنى سادس ستّة ، فكففت ولم اُحبّ أن اُفرّق بين المسلمين ، ثمّبايعتم عثمان فطعنتم عليه فقتلتموه وأنا جالس فى بيتى ، فأتيتمونى وبايعتمونى كمابايعتم أبا بكر وعمر ; فما بالكم وفيتم لهما ولم تفوا لى ؟ ! وما الذى منعكم من نكثبيعتهما ودعاكم إلي نكث بيعتى ؟
فقلنا له : كن يا أمير المؤمنين كالعبد الصالح يوسف إذ قال : ³ لاَ تَثْرِيبَ عَلَيْكُمُ الْيَوْمَ يَغْفِرُ اللَّهُ لَكُمْ وَهُوَ أَرْحَمُالرَّاحِمِينَ ² .
فقال : لا تثريب عليكم اليوم ، وإنّ فيكم رجلاً لو بايعنى بيده لنكثبأسته ـ يعنى مروان بن الحكم ـ .
*- عن محمّد بن إبراهيم عن أبيه قال : سمعت معاذبن عبيد الله التميمى ، وكان قد حضر الجمل يقول : لمّا التقينا واصطففنا نادي منادىعلىّ بن أبى طالب :يا معاشر قريش ! اتّقوا الله علي أنفسكم ، فإنّى أعلم أنّكمقد خرجتم وظننتم أنّ الأمر لا يبلغ إلي هذا ، فالله الله فىأنفسكم ! فإنّ السيف ليس له بُقياً ، فإن أحببتم فانصرفوا حتي نحاكم هؤلاء القوم ،وإن أحببتم فإلىّ فإنّكم آمنون بأمان الله .
فاستحيينا أشدّ الحياء وأبصرنا ما نحن فيه ، ولكنّ الحِفاظحملنا علي الصبر مع عائشة حتي قُتل من قُتل منّا ،فوَ الله ، لقد رأيت أصحاب علىّوقد وصلوا إلي الجمل وصاح منهم صائح : اِعقروه ، فعقروه فوقع ،فنادي علىّ : "منطرح السلاح فهو آمن ، ومن دخل بيته فهو آمن" . فوَ الله ما رأيت أكرم عفواً منه .
*ـالإمام الباقرأمر علىّعليه السلام مناديه فنادي يوم البصرة : "لا يُتبع مدبِر ، ولا يُذفَّفعلي جريح ، ولا يُقتل أسير ، ومن أغلق بابه فهوآمن ، ومن ألقي سلاحه فهو آمن" ، ولم يأخذ من متاعهم شيئاً .
*ـنادي علىّعليه السلام فى أصحابه : لا تتّبعوامولّياً ، ولا تُجهزوا علي جريح ، ولا تنتهبوا مالاً ، ومن ألقي سلاحه فهو آمِن ،ومن أغلق بابه فهو آمِن .
*ـعن معاذ بن عبيد الله التميمى : فوَالله ، لقد رأيت أصحاب علىّوقد وصلوا إلي الجمل ، وصاح منهم صائح : اعقروه ، فعقروه فوَقع .
فنادي علىّ : من طرح السلاح فهو آمن ، ومن دخل بيته فهو آمن .فوَ الله ، ما رأيت أكرم عفواً منه .
*ـالإمام زين العابدين : دخلت علي مروان بن الحكم ، فقال : ما رأيت أحداً أكرم غلبة من أبيك ، ما هوإلاّ أن ولينا يوم الجمل ، فنادي مناديه : لا يُقتلمدبر ، ولا يُذفّف علي جريح .
*ـ : قام علىّ ـ حين ظهر وظفر ـخطيباً فقال : يا أهل البصرة ! قد عفوت عنكم ; فإيّاكم والفتنة ; فإنّكم أوّلالرعيّة نكث البيعة ، وشقّ عصا الاُمّة .ثمّ جلس وبايعه الناس .
*ـومن كلامه علىٍّبالبصرة حين ظهر عليالقوم ، بعد حمد الله والثناء عليه : أمّا بعد ; فإنّ الله ذو رحمة واسعة ، ومغفرة دائمة ، وعفو جمّ ،وعقاب أليم ، قضي أنّ رحمته ومغفرته وعفوه لأهل طاعته من خلقه ، وبرحمته اهتديالمهتدون ، وقضي أنّ نقمته وسطواته وعقابه علي أهل معصيته من خلقه ، وبعد الهديوالبيّنات ما ضلّ الضالّون . فما ظنّكم ـ يا أهل البصرة ـ وقد نكثتم بيعتى ،وظاهرتم علىَّ عدوّى ؟فقام إليه رجل فقال : نظنّ خيراً ، ونراك قد ظفرت وقدرت ، فإنعاقبت فقداجترمنا ذلك ، وإن عفوت فالعفو أحبّ إلي الله .
فقال : قد عفوت عنكم ; فإيّاكم والفتنة ; فإنّكم أوّل الرعيّة نكثالبيعة ، وشقّ عصا هذه الاُمّة .قال : ثمّ جلس للناس فبايعوه .