Thursday, 2 February 2012
النساء يفضلن الآسيويات على الأوروبيات الشرقيات
الخادمات في العراق.. ثقافة جديدة تتكيف بحذر مع التقاليد
النساء العراقيات يفضلن الخادمات الآسيويات
تنتشر ظاهرة اقتناء الخادمات في العراق، حيث تلجأ النساء إلى استقدامهن وخاصة من الدول الآسيوية، ولا تفضل النساء العراقيات العمل في خدمة المنازل. وتختلف اسباب استخدام العاملات، ويذكر إن الخادمة المسلمة هى الأغلى ثمنا لكثرة الطلب عليها بين الأسر.
______________________________
تنتشر ظاهرة الخادمات في العراق بشكل متزايد برغم البطالة المنتشرة بين الرجال والنساء على حد سواء.وترجح سميرة حسن (صاحبة متجر ملابس نسائية) ان المرأة العراقية تجد في مهنة الخادمة عيبا وتفضل المهن الشاقة على العمل في هذا القطاع، ولهذه الأسباب إضافة الى عوامل أخرى، منها تحسّن دخل الأسر لاسيما الموظفين، أدى الى انتشار ظاهرة الخادمة بين الأسر.
وقد استعانت المهندسة سعاد حسن بخادمة فيليبينية تكلفها مائتي دولار شهريا، بسبب عدم توفر الوقت الكافي لديها لإدارة شؤون المنزل لا سيما وان زوجها يعمل أيضا. وعلى الرغم من ان هناك أسبابا مشروعة تدفع سعاد الى تبني خادمة الا ان هناك من النساء ممن تدفعهن (المباهاة) إلى اقتناء خادمة على رغم بقائهن طوال اليوم في البيت.
أسباب مشروعة
لكن أم ايمن (مغتربة لأكثر من عشر سنوات في المملكة المتحدة) ، من كربلاء (108 كم جنوب غربي بغداد) والتي تنحدر من عائلة ثرية، اضطرت الى اقتناء خادمة برغم كونها من دون وظيفة حيث تقول ان اقتناء خادمة أتاح لها فرصة التجوال وقضاء أوقات ممتعة مع صديقات وآهل وأقرباء.وتتابع: "حياتي الهانئة في لندن واقتنائي لخادمة هناك، يضطرني الى فعل ذات الأمر في العراق".وتنتشر في اغلب مدن العراق مكاتب تشغيل الخادمات بشكل ملفت، وتحرص هذه المكاتب على نشر إعلاناتها في الشوارع الرئيسية وبين الأحياء السكنية.
وفي مناطق المنصور والكرادة والجادرية، واليرموك والكاظمية (مناطق في العاصمة بغداد) تتزاحم الإعلانات فيما بينها لتقديم المعلومة عن تفاصيل استقدام الخادمات والعمالة الأجنبية، مع تقديم الإغراءات للمواطن لحثه على اقتناء خادمة.وفي مدينة الكرادة في بغداد يشير إعلان الى إمكانية التعاقد مع المكتب لاقتناء خادمة بأقل الأسعار.وبحسب زامل سعد صاحب مكتب (بغداد) للعمالة، فان زبائنه في الغالب من الموظفين والأثرياء حيث يسعون الى اقتناء خادمة منزل. ويعترف زامل ان الثقافة الاجتماعية العراقية لم تنسجم بعد بشكل كامل مع الظاهرة الجديدة، ما يؤدي الى مشاكل كثيرة بين الأطراف الثلاثة، المكتب والخادمة، والعميل.
يتابع زامل: "المثير في هذا الجانب ان المرأة في الغالب هي من تحبذ وجود خادمة في البيت وليس الرجل. لكن الزوجة العراقية تفضل الخادمة الآسيوية مثل البنغلادشية والاندونيسية والفلبينية على الخادمات الشقراوات من أوروبا الشرقية وروسيا حيث بدأت بعض المكاتب تقدم عروض التعاقد معهن.
خادمة اندونيسية
وكلّف اقتناء خادمة اندونيسية، الطبيبة سعاد القيسي من الجادرية، نحو خمسة آلاف دولار. وبحسب القيسي فان الخادمة المسلمة هى الأغلى ثمنا لكثرة الطلب عليها بين الأسر.وهناك اسر عراقية ثرية تقتني خادمات من أوربا الشرقية أيضا، حيث يصل سعر الخادمة الى نحو ثمانية آلاف دولار سنويا.لكن رحيم الياسري، صاحب مكتب استقدام عمالة يسمي معدلات الأسعار المتداولة بين 2000 الى 1500 دولار للخادمات من دول افريقية أو من الفلبين أو تايلاند . ولا يوجد إحصائية رسمية بعدد العاملين في قطاع (الخدمة) في العراق، لكن الياسري يرى ان أعدادها ما زالت قليلة قياسا الى دول الخليج. كما اشار الى هجرة الكثير من الخادمات من الأردن وسوريا الى العراق منذ نحو شهرين.
ستة ألاف عامل أجنبي
وتشير تخمينات، الى ان أعداد العمالة الأجنبية في العراق، تقدر بنحو ستة آلاف عامل أجنبي اغلبهم في القطاع الخاص، لكن مصادر في وزارة الشؤون الاجتماعية ترجح أكثر من هذا الرقم بكثير.ويكون اللجوء الى اقتناء الخادمة في بعض الحالات لأسباب ليست ضرورية وإنما بدافع المباهاة و(الغيرة) فقط، ونتيجة لذلك فان بعض الأسر تستأجر خادمات، وتعجز عن دفع رواتب لهن.
ويشير زامل الى أن امرأة عراقية تنحدر من عائلة متوسطة الحال، سعت الى اقتناء خادمة تقليدا للمسلسلات والأفلام الخليجية والمصرية. وتفضل أغلب الأسر العراقية الخادمة الأجنبية على رغم اختلاف الثقافة والدين، بسبب ندرة الخادمة العراقية أولا، ولأن الخادمة الأجنبية اقل كلفة وأكثر استجابة للأوامر، وأدق تنفيذا للواجبات من (العاملات) العراقيات.وفي كردستان، تبدو عملية استقدام الخادمات اكثر تنظيما وتندر المكاتب التي تعمل بصورة غير قانونية هناك، إلا أن أعدادها أكثر مقارنة بباقي المدن العراقية. لكن كردستان تتشابه مع مدن العراق المختلفة في وجود ظاهرة تأجير الخادمات في السوق السوداء لا سيما في شهر رمضان والمناسبات والأعياد.وتشير ام سعيد الى ان الحاجة الى الخادمة يبدو أمرا حتميا في بعض الحالات اذا كانت الأسرة تضم شخصا عاجزا او مريضا.
وتتابع: "في السابق كان التكاتف العائلي وكثرة أفراد الأسرة يغطي النقص". وتتابع: "انا موظفة ووالدتي مريضة، وكل أفراد الأسرة يعملون ولا بد من الاستعانة بخادمة".
الاستغلال والعبودية
لكن الباحثة الاجتماعية سميرة الخزاعي التي أقامت بحوثا حول هذا الموضوع، ترى إن الأمر الإيجابي في ظاهرة الخامات في العراق انها، على عكس الدول الأخرى لم تتحول إلى الآن إلى شكل من أشكال الاستغلال والعبودية.
وتتابع: "تحصل بعض الحالات التي تستغل فيها الخادمة لأغراض غير تلك التي تعاقدت مع رب العمل لأجلها، حيث تحصل في بعض الأحيان حوادث تحرش واستغلال للقيام بأعمال ليست من اختصاصها مثل ممارسة فعاليات إنتاجية.
وتقول الخادمة الاندونيسية عائشة، وتخدم في بيت التاجر سعيد القريشي في حي المنصور في بغداد انها خدمت سابقا في دول الخليج نحو أربع سنوات، لكنها لم تجد التعامل القائم على الاحترام مثلما في العراق. وتضيف: "العراقيون طيبون، ويحترمون المرأة والخادمة، ويتعاطفون معها".
وتتابع: "أستطيع ان اتصل بعائلتي في اندونيسيا وقتما أشاء كما أن الأسرة توفر لي متطلبات العيش الكريم".وتتكلم عائشة اللغة العربية بلهجة خليجية، وتستطيع التعامل بواسطتها مع جميع أفراد الأسرة لا سيما الأطفال، وتقول إن الأسرة فرحت لاني علّمت الأطفال أصول الدين والصلاة، وهو أمر يشعرني بالرضا.وترى الناشطة النسوية لمياء الجميلي ان العادات والتقاليد تحصر ممارسة المرأة للأعمال في مجالات ضيقة جدا، حتى في أكثر المناطق انفتاحا مثل بغداد ومدن كردستان في شمال العراق. وتشير الجميلي الى ان ذلك يولد نسبة بطالة كبيرة بين العراقيات.وتتابع: "لو اشتغلت العاملة العراقية في قطاع (الخادمات) فان نحو ثلث البطالة بين الناس سينحسر، اضافة الى ان لذلك فائدة كبيرة للأسرة العراقية حيث يترعرع الطفل على يد امرأة تحمل نفس الثقافة وذات العادات والتقاليد".
تهديد للعمالة المحلية
ويقول كريم حسن من وزارة الشؤون الاجتماعية الى ان توريد العمالة يمثل في كل الأحوال تهديدا حقيقيا للعمالة المحلية، ويقلص فرص العمل.ويتابع: "حتى في موضوع الخادمة فان هناك قوانين بهذا الشأن لكن أصحاب المكاتب يلائمون فعالياتهم في استقدام الخادمات مع تلك القوانين بغية شرعنتها".وتحرص وزارة الصحة العراقية على تفعيل الإجراءات التي تحول دون استقدام الخادمات المصابات بأمراض معدية حيث اكتشفت في الأعوام السابقة بعض الحالات وتم استبعادهن الى خارج الحدود.