(عباس أبوبكر) قرّرت بيريللي إجراء تعديلات على إطاراتها بدءً من سباق جائزة كندا الكبرى. هذا التغيير وإن كان بسيطًا فسيكون له بكل تأكيد آثارًا كبيرة على الفرق لأنّ الإطار هو جزء مهّم في تصميم سيارة الفورمولا واحد داخل نفق الهواء، وله تأثير مُباشر على نظام تعليق السيارة. قبل الخوض في تفاصيل التحديثات وتأثيرها، لنتحدث أوّلاً عن المُشكلة الموجودة في الإطارات الحاليّة:
تعرضت بيريللي في الموسم الماضي للكثير من الإنتقادات في النصف الأوّل لكونها كانت مُساهمة بشكل أساسي في رؤية عدد كبير من الفائزين في السباقات الأولى. وللتخفيف من هذا الشكاوى قامت بيريللي بتغيير الإطارات لموسم 2013. مُشكلة الإطارات في 2012 كانت في تآكل أكتاف الإطار على الرغم من سلامة سطحه وتمتعه بتماسك جيد، إلّا أنه لم يُشكّل إستفادة للسائق والسيارة لأنه كان موجودًا في جزء غير متاح من الإطار لعدم ملامسته المسار بسبب تآكل الأكتاف. ما قامت به بيريللي لهذا الموسم هو جعل جدران الإطار أكثر ليونة ليكون سطه ملامسًا كُليًا لأرضيّة الحلبة لتوسيع رقعة الإتصّال بين الإطار والمسار. تماشيًا مع هذا الأساس، قامت بيريللي بتحسين الجزء الداخلي للإطار لكي يتمكن من تحمّل التجاعيد التي تحصل في جدرانه نتيجة قوى الضغط المُطبقّة عليه ولإنتاج قيمة ثابتة من التماسك على سطح الإطار. المُشكلة الأخرى التي عانت منها الفرق في الموسم الماضي كانت في إرتفاع حرارة الإطارات بشكل كبير، إذ كان من الصعب توزيع الحرارة بشكل مثالي على كل الإطار لعدم انتظام رقعة الإتصال بين سطح الإطار والحلبة، فضلاً الى إنّ قساوة جدران الإطار منعت إنتشار الحرارة في جميع أجزائه. لتصحيح هذه المشاكل، قامت بيريللي في موسم 2013 بخفض الحرارة التي تعمل عليها الإطارات.
جميع هذه التغييرات الجديدة التي قامت بها بيريللي تبدو رائعة لجعل الموسم أكثر تشويقًا، ولزيادة التحديات على الفرق التي تمكنت في النصف الثاني من الموسم الماضي بفكّ شفرة الإطارات. لذا، ما هي المُعضلة الموجودة في هذا الموسم؟ ولماذا الفرق لم تقتنع بالإطارات على الرغم من أنّ النسخة الجديدة تُساهم في زيادة التماسك الميكانيكي المتاح للسائق؟
المشكلة وراء ذلك والتي ظهرت حتّى الآن هي في تأثير تحركات الإطار على إيروديناميكية السيارة. فكما ذكرت سابقًا بيريللي قامت بجعل جدران الإطار أكثر ليونة لهذا الموسم وجعلها قابلةً للتجعد بشكل أكبر. لنقم الآن برؤية تأثير ذلك على أيروديناميكية السيارة:
التضييق في القوانين الذي حصل مؤخراً من قبل الإتحاد الدولي للسيارات (فيا) وحظر تموضع العادم بجانب ناشر الهواء ومنع تدفق الغازات من العوادم بعد رفع السائق رجله من دواسة التسارع، جعل إشكالية تأثير ديناميكية الإطار تظهر. هذه المُشكلة تكمن في تيارات هوائية ناتجة من دوران الإطارات مصحوب بتجعد جدرانها مولدةً بذلك تيارات هوائية غير مرغوب فيها تصب مباشرة بشكل أفقي نحو الناشر.
اللون الأصفر: التيارات الهوائية المارة بجوانب السيارة نحو القسم الخلفي.
اللون الأزرق: التيارات الهوائية المارة أسفل أرضية السيارة نحو الناشر.
اللون الأحمر: غازات العادم.
الرسم البسيط التوضيحي يبين تأثير تيارات الإطار على ناشر الهواء مع تصميمين مختلفين للعوادم. الصورة الأولى توضح لنا تأثير تيارات الإطار على التيارات الهوائية التي تمر أسفل الأرضية وتدفعها نحو وسط الناشر وبالتالي تقلل من فائدة الناشر وتؤثر بشكل كبير على كمية الداون فورس المولدة من السيارة.
الصورة الثانية توضح كيفية تموضع العوادم ما بين موسمي 2010 و2011 وكيف كانت غازات العوادم تتدفق مابين الإطار وحافة الناشر لتقوم بشكل مباشر بإلغاء التيارات الغير مرغوب فيها من الإطار وتسمح للتيارات الهوائية القادمة من جوانب السيارة بالتوجه للقسم الوسطي العلوي من الناشر لتعزيز قيمة الداون فورس بشكل أكبر. هذا ابتكار رائع قامت به الفرق، ولكن إشكاليته كانت في ضمان بقاء غازات العادم دون انقطاع كي لا تتأثر أيروديناميكية السيارة وهذا ما قامت الفرق بضمانه في موسم 2011 بتدفق الغازات بعد رفع السائق رجله من دواسة التسارع وضمان مستوى ثابت من الداون فورس حتى وإن كان السائق غير ضاغط على دواسة التسارع في المنعطفات مثلاً.
في موسم 2012 تدخل الإتحاد الدولي لحظر تدفق الغازات بهذه الطريقة بتحديد مكان وزاوية توجه العوادم وحظر التلاعب بخرائط المحرك لمنع تدفق الغازات عند رفع السائق لرجله من دواسة التسارع، لكن الفرق لم تتمكن من مقاومة الإغراءات الكبيرة الذي يمكن جنيها من النظام وقامت بابتكار عوادم الكواندا وتأثيرها موضح في الصورة الثالثة. هذا الإبتكار ليس فعّال بشكل كبيرة لإلغاء التيارات الناتجة من الإطار إلا أنه يساهم في تقليلها ويقدم فائدة لابأس بها.
شكل جدار الإطار حالياً يتغير بشكل مستمر كلما فرمل السائق أو ضغط على دواسة التسارع أو مر بمنعطف، في القسم الخلفي حركة جدران الإطارات لها تأثير مباشر على تدفق غازات العادم فهي تقوم بتوليد غازات غير مرغوب فيها وتمنع غازات العادم من الوصول بشكل جيد لحافة الناشر وتقلل نسبة الداون فورس التي تنتجها السيارة وتدفع بالغازات القادمة أسفل أرضية السيارة بعيداً عن الناشر لتقلل الداون فورس بشكل أكبر. والأسوأ من كل ذلك هو التغيير الدائم في ارتفاع أرضية السيارة وتأثيره الكبير على عمل ناشر الهواء. كل ذلك يؤدي إلى عدم كمية الداون فورس التي تنتجها السيارة في المنعطفات.
هذا التأثير على أيروديناميكية السيارة هو المشكلة الرئيسية التي تعاني منها بعض الفرق كمكلارن، ويليامز وساوبر، لفشلهم في توقع تأثير الإطارات على أيروديناميكية السيارة وعلى الداون فورس في القسم الخلفي خصوصاً. الآن لنفسر كيف لمشكلة أيروديناميكية أن تُؤثر على تآكل الإطارات.
الإطار يخضع لقوة جانبية في المنعطفات، هذه القوى ينتج عنها انزلاق في الإطار، الآن بما أن الإطار يتجعد ويجعل السيارة تفقد كمية كبيرة من الداون فورس وينزلق بشكل كبير مولداً بذلك حرارة كبيرة في الإطار ليفقد بذلك كمية مهمة من تماسكه ويبدأ الإطار بالتحبب بشكل سريع ويفقد كل تماسكه بسرعة خيالية. القوة الجانبية التي تخضع لها السيارات حالياً أكبر بكثير مما يمكن للإطارات تحمله لذلك رأينا في الكثير من المرات إنفجار الإطار وانفصاله كلياً من إطاره المعدني. السائق هنا إذا قام بالسير بسرعة فهو معرض لزيادة نسبة انزلاق اطاراته وتحبحبها وقد تنفجر به الإطارات، أو السير بسرعة منخفضة وعدم التمكن من إيصال الحرارة للإطارات وبالتالي لا يستفيد من أي تماسك موجود في الإطار، كلاهما حلّين غير مفيدين. وعليه فإن الإشكالية ليست في عدم تمكن الفرق من توليد الداون فورس في سياراتها وإنما في الحفاظ على قيمتها الثابتة للتتمكن من زيادة سرعة الإنعطاف.
تأثير التحديثات في الإطارات ومن المستفيد؟
بيريللي أعلنت رسمياً عن تحديثات ستقوم بها في السباق الكندي لإطاراتها، هذا التحديث سيلمس بكل تأكيد المشكلة التي يشتكي منها الجميع وهي تقوية جدران الإطارات. التعديل على الجدران سيشمل بكل تأكيد الأجزاء الداخلية أيضاً من الإطار، قد تقوم أيضاً بالتعديل في تركيبة المطاط لتصحيح نافذة الحرارة التي تعمل فيها الإطارات لتتماشى مع تحديثاتها الجديدة.
أهم تحديث بالطبع هو الذي سيتم على جدران الإطارات لتقليل كمية التيارات الهوائية التي تنتجها الإطارات لكي لا تحافظ على استقرار ومسار غازات العوادم وبالتالي وصول كمية ممتازة من التيارات الهوائية وغير مضطربة نحو الناشر من أسفل أرضية السيارة، كل هذا سيساعد على توليد الداون فورس.
بشكل ثابت في السيارة. هذه الكمية الإضافية من الداون فورس التي ستتمكن السيارة من توليدها ستساهم في زيادة زاوية انزلاق الإطار وخفض نسبة تآكل بشكل كبير جداً.
المستفيد الأكبر من هذه التحديثات لن يكون فريق ريد بُل كما يتوقع الكثيرون، ستستفيد ريد بُل بطبيعة الحال ولكن ليس بنفس نسبة الإستفادة التي ستحصل على مكلارن، ويليامز وساوبر، فهذه التحديثات ستدفعهم لدائرة المنافسة من جديد. بالرغم من ذلك، فريق ريد بُل سيستفيد من التحديثات لأن السيارة تعتمد بشكل أساسي على الداون فورس في القسم الخلفي، تعزيز هذه القوة سيساعد الفريق على حصد فائدة كبيرة.
التحديثات لن تفيد مرسيدس كما يتوقع الكثيرون أيضاً لأنها ستجعل السيارة الفضيّة تفقد أهم نقطة تتمتع بها وهي التماسك الميكانيكي، التحديثات ستُفقد مرسيدس السرعة التي تتمتع بها في التجارب التأهيلية، ولكنها ستمنحها مساحة أكبر لضبط السيارة التي تتمتع بضبط مرتفع وناشر هواء مثاليين.
فريق لوتس لن يتأثر بالتحديثات الجديدة لأنه يمتلك سيارة قادرة على جعل إطاراتها تعمل في نافذة حرارة متوسطة بشكل مثالي. فهو الفريق الوحيد الذي استطاع تشغيل كل من الإطارات القاسية واللّينة بشكل مثالي، ما سيقوم به الفريق هو تعديل السيارة لكي تولد حرارة أقل بقليل في الإطارات فقط. السيارة سلسة في تعاملها مع الإطارات وإذا قام الجميع بثلاثة توقفات كما تتوقع بيريللي فإن لوتس ستقوم بتوقفين فقط في باقي السباقات القادمة.
فريق فيراري تمكن من فهم إطارات الموسم الماضي بشكل جيد والعودة إليها لن يُشكل أي مشكلة للفريق الأحمر لأنه يعتمد بشكل أساسي على الاستراتيجيات في السباقات ولن تشكل الإطارات مشكلة لهم.
الفرق بعد التعديلات ستعود لأجهزة المحاكاة ونفق الهواء لإعادة تصميم أرضية السيارة وإعادة حساب إرتفاعها وتصميم الفتحات الموجودة عليها خصوصاً الموجودة أمام الإطار الخلفي. ستقوم الفرق بإعادة تدقيق في تصميم عوادمها وستضيف تغييرات طفيفة عليها لتوجيه تيارات العوادم بشكل أفضل. الفرامل الخلفية سيتم إعادة تصميمها أيضًا، وجوانب الجناح الخلفي سيتم إعادة النظر في تصميمها هي الأخرى. أيّ بإختصار سيتم إعادة تصميم كل شيء له علاقة مباشرة بعمل ناشر الهواء.