(عباس أبوبكر) بَدأت مرسيدس في فرد «عضلاتها» مبكراً هذا الموسم، أوّل مُؤشّر لذلك كان في التّجارب الشتوية ببرشلونة، حين حققت أزمنة سريعة وتغلبت على الجميع في المقطع الثاني من الحلبة على وَجه الخصوص. ذاك المقطع يمتاز بوجود مُنعطفين منفرجين بطيئين يليهما منعطف على اليسار سريع يتبعه منعطف آخر على اليمين وخط مستقيم طويل، سرّ هذه القوة يرجع لنظام التعليق بكل تأكيد.
مرسيدس تعمل على هذا النظام مُنذ ثلاث سنوات وعلى ما يبدو فإنها قد تمكنت أخيراً من التحكم بشكل ملائم في هذا النظام الذي يُعتبر قانوني تمامًا لأنه لا يعتمد في عمله على أي مُساعدة إلكترونية أو مساعدة من السائق، فهو نظام مستقل يعمل على نقل السوائل داخل المكابس بالضغط الهيدروليكي أو الضغط الهوائي، وكلاهما طرق تُستخدم في المجال العسكري في حالة فشل الأنظمة الإلكترونية في الآليات العسكرية. هذا النظام ليس بالجديد على عالم الفورمولا1 فقد تم إستخدامه من قبل على سيارة تيريلل موسم 1995، وهو مختلف كليًا عن نظام سيارة ويليامز الشهير الذي يعتمد على الكمبيوتر بشكل أساسي.
الهدف الرئيسي من هذا النظام هو إبقاء نهاية الجزء الأمامي من أرضية السيارة وناشر الهواء في الإرتفاع المثالي لهما أثناء القيادة بسرعة عالية أو أثناء الفرملة وفي المنعطفات السريعة، بهذا تُصبح السيارة قادرة على توليد أكبر قدر ممكن من الداونفورس أو القوة السفليّة في كل المنعطفات مهما كانت سرعتها من دون التضحية بالسرعة القصوى العالية، ومهما كانت كمية الوقود على السيارة.
هذا النظام أطلق عليه تسمية «FRIC» وهي إختصار لـ«Front and Rear Inter-Connected» ما يعني بأن أنظمة التعليق الأمامية والخلفية تعمل بشكل متناسق مع بعض من خلال خطوط هيدروليكية للحفاظ على إرتفاع السيارة في حالتها المثالية. هذا النظام يعمل بشكل موازي أيضاً بين أنظمة التعليق على طرفي السيارة الأيمن والأيسر، هذا يعني بأن النظام يعمل كذراع توازن في نظام تعليق لمساعدة السيارة على الثبات في المنعطفات والحصول على توازن أيروديناميكي مثالي طوال الوقت، ممّا يُساعد في جعل السيارة سلسة وسهلة القيادة.
كيف يعمل هذا النظام؟
هذه صورة النظام في التعليق الخلفي، ما قامت به مرسيدس هو إزالة عمود التوازن وتعويضه بكابس هيدروليكي (الأصفر) كي يعمل كمخمد للصدمات أيضاً. كل الأجزاء مرتبطة ببعضها بواسطة أنابيب هيدروليكية لنقل الزيوت (الأزرق). الجزء الوسطي هو الصمام الرئيسي وخزان الزيت (الأحمر). يعمل هذا النظام عند نقل الحركة من أحد أذرع التعليق للكابس الهيدروليكي محدثاً بذلك ضغط مرتفع في أحد طرفيه وضغط منخفض في الطرف الآخر، ولكي يعمل الكابس كمخمد فإن الصمام الرئيسي يقوم بنقل السوائل داخل الكابس بنسبة معينة لتخميد الصدمة بشكل سلس. في كل كابس لا يتم انتقال الزيوت داخله من الغرفة العلوية إلى السفلية أو العكس، وإنما تنتقل الزيوت من كل غرفة في مكبس إلى المكبس الموجود في الجهة المقابلة له بواسطة الصمام الرئيسي، كيف تنتقل الزيوت داخل الغرف من طرف لآخر مرتبط بنوع الصدمة التي يتلقاها ذراع التعليق، هل هي قوة سحب ناتجة عن مطب، فرملة قوية، كمية أيروديناميكية كبيرة، أو قوة ميلان ناتجة من الإنعطاف.
للشرح بشكل تفصيلي أكثر ومبسط قدر المستطاع فإن هذا النظام يمكنه العمل بطريقتين مختلفتين.
بالتوازي: أي أن كل غرفة علوية داخل الكابس مرتبطة بالغرفة العلوية المقابلة لها في الكابس الآخر.
عند تعرض السيارة لقوة سحب فإن الغرفة العلوية لكل كابس تتعرض لضغط مرتفع، كل غرفة تريد إخراج الزيوت الموجودة فيها عبر الأنابيب نحو الصمام الرئيسي، التحكم في سرعة خروج هذه الزيوت سيكون مسؤولاً بشكل مباشر في التحكم بصلابة نظام التعليق. عند الإنعطاف ينتج ضغط مرتفع في الغرفة العلوية في أحد الأطراف بالمقابل ينتج ضغط مرتفع في الغرفة السفلية للكابس المقابل، بما أن كل غرفة ذات ضغط مرتفع متصلة بالغرفة ذات الضغط المنخفض في الجهة المقابلة فإن الزيوت تنتقل بشكل سلس من دون صعوبة. هذا التصميم لا يؤثر على صلابة التعليق في المنعطفات.
بالتقاطع: أي أن الغرفة العلوية لأحد الكابسين مرتبطة بالغرفة السفلية للكابس المقابل.
عند تَعرض السيارة لقوة سحب فإن الغرفة التي تنتج ضغط مرتفع ستنقل زيوتها إلى الغرفة الأقل ضغط في الجهة الموازية من دون صعوبة كبيرة. هذا التصميم لا يقوم بأي تأثير على صلابة نظام التعليق. عند الإنعطاف ينتج ضغط مرتفع في الغرفة العلوية لأحد الطرفين وفي الطرف السفلي للطرف الأخر وهما متصلين ببعض، بما أن كلاهما متصل بالطرف الآخر وكلاهما يسعى لإخراج الزيوت بداخله فإن التحكم في هذا التدفق سيؤدي إلى التحكم في صلابة نظام التعليق في المنعطفات.
بهذه الطريقة المبسطة يتم التحكم في صلابة نظام التعليق في المنعطفات أو في باقي المسار، بطبيعة الحال الفرق لا تستخدم أحدهما وإنما كلاهما مع بعض، الدمج بين النظامين يتم بواسطة الصمام الرئيسي الموجود في الوسط، فهو سيقوم بالتوزيع والتحكم في كمية الزيوت التي تتدفق داخل غرف كل صمام للتتمكن من السيطرة بشكل مثالي على صلابة التعليق في كل أجزاء الحلبة وتحت أي ظروف أيروديناميكية تخضع لها السيارة، هذا النظام لا يحتاج لأي برنامج إلكتروني لكي يعمل الصمام الرئيسي، وبالتالي فهو قانوني تماماً.
الخطوة الموالية هي ربط الجزء الأمامي بالخلفي، يتم ذلك بربط الصمام الرئيسي الأمامي بالخلفي للتحكم في إنحدار السيارة أثناء الفرملة أو أثناء التسارع، أحد أطراف السيارة يرتفع أو ينحفض ذلك يؤثر بشكل عكسي على الطرف الآخر من السيارة، فأثناء الفرملة ينخفض الجزء الأمامي من السيارة ويرتفع الجزء السفلي والعكس أثناء التسارع. في السنوات الأخيرة زاوية ميلان السيارة من أهم النقاط التي تحاول الفرق السيطرة عليها وهي أبرز نقاط قوة ريد بُل، ومرسيدس تسير على نفس خطاها، فمن الناحية الأيروديناميكية يجب أن يكون الجناح الأمامي منخفض للأرض لكن يجب أن لا يلامس الجزء الأمامي من أرضية السيارة الأرض أو المبالغة في إرتفاع القسم الخلفي عند الناشر. الربط بين الصمام الرئيسي الأمامي والخلفي سيشكل قوة شبيهة بقوة السحب على مستوى محور واحد وهو زاوية ميلان السيارة فقط. هذا سيقدم صلابة لنظام التعليق الأمامي ويمنعه من الإنخفاض من أجل تفادي تضرر أرضية السيارة أثناء الفرملة.
رد مع اقتباس
المشاركة الأصلية كتبت بواسطة Suzana
