داعش الارهابي خطر جسيم على البشر والحجر والزرع والضرع والاخضر واليابس، وعلى مجمل الحضارة البشرية بما فيها من تجديد وتنوير وتنوع، انه التنظيم العدمي العبثي القادم من ظلمات التاريخ لتكفير الجميع وتخوينهم وتأثيم كل فعل بشري جميل.ولان لا احد مستثنى من خطره فان الاصطفاف الوطني والاقليمي والدولي بنسائه ورجاله واجب ومسؤولية امام الله والوطن والناس جميعا.ولذلك فان عطاء المرأة المقاتلة الكردية في مدينة (كوباني) وتحديها الذي فاق التصور لفلول هذا التنظيم الظلامي والذي اصبح صورة متلفزة على نطاق العالم كله رسالة للجميع متعددة الاتجاهات تثبت اولا ان النساء ليست فقط الجنس اللطيف وانما ايضا القوة الهائلة لدحر عنف الذكورة والرجولة الداعشية الفارغة. وتثبت ثانيا مدى تجني بعض الفقهاء على آمالها تطلعاتها وامكاناتها من خلال مرويات تاريخية وفقيهة نزعوية ورغبوية لا علاقة لها بالواقع المعاصر بما فيه من حقائق دامغة ومعطيات وبيانات تؤكد ان الانسان ليس بجنسه بل بذاته وارادته وقدراته الخارقة هو المحك والعامل المعول عليه في بناء الحضارة.عنفوان المرأة الكردية في (كوباني) وفي حرب الشوارع والمواجهات الساخنة ضد “رجولة” داعش الانهزامية الذليلة المتساقطة دفع الكاتب القدير (صادق اطيمش) لان يصرخ بحق (يا فقهاء اذلال المرأة طأطأوا رؤوسكم للمرأة الكردية) وجعل من هؤلاء المقاتلات صورة يانعة مليئة بالالق والوهج والامل لكل نساء العالم وكم كانت احداهن منصفة حين قالت ان الواحدة منا قادرة على مقاتلة مئة رجل من ارهابيي داعش”.ان كل نساء الارض يحق لهن اليوم ان يفتخرن بان على ارض (كوباني) ثمة مئات من (جميلة بوحيرد) و(جان دارك) و(ليلى قاسم) (وأمية الجبارة) وغيرهن ممن اثبتن ان التاريخ لايكتب فقط انتصارات الرجل وبطولاته ومآثره بل ان الانثى قد تتجاوزه احيانا مثيرة.لقد فجرت احداهن نفسها على مجاميع داعش والاخرى قتلت نفسها بعد ان رفضت ان تكون اسيرة بيد رجال يتقنون اغتصاب وقتل النساء لان مهنتهم تدمير الذات وتحطيم كل امل للمقاومة بوجههم.ان الواجب الانساني يدعو كل انصار المرأة والانسان في العالم ان يسجل هذه المآثر بتفاصيلها ويومياتها وتوثيقها للاجيال القادمة وجعلها زادا عمليا وفكريا لمواجهة كل تراكمات الماضي والتخريجات التي لا علاقة بها بالدين الصحيح التي تدعي دونية المرأة وتبعيتها للرجل وكونها سلعة للمتعة والخدمة في البيت فحسب فالادلة الميدانية تدمغ هذا الادعاء الكاذب في اليوم الف مرة.سلاح المرأة الكردية في مدينة (كوباني) وغيرها من المدن الكردية وسلاح (البيشمركه) يصطفان معا وفي خندق واحد وجبهة متحدة لاشعال شمعة امل في نهاية النفق والحقيقة المؤكدة ان بشرة اندحار (داعش) قادمة في اقرب فرصة لانه في غربة عن العصر والزمن والمكان والغد الاخضر، فهو سليل فكر وحشي لا تربة صالحة له في القرن الحادي والعشرين، بشرط ان لا ننحني ولا ننكسر امام العاصفة وان نرى العالم والمستقبل بعينين هما عين الرجل والمرأة معا.قبل ايام سلمت احدى المدن الكولومبية مفاتيح سلطتها وادارتها ليوم واحد بالكامل للمرأة لتوجيه رسالة قوية للرجل مفادها ان رجلوته لا تنتقص وان كرامته لا تجرح اذا قادنه النساء وان تبادل الادور صفة لصيقة بالحضارة الحالية، فكان ذلك اليوم يوما نسائيا بامتياز.فكم نحن بحاجة الى المراجعة والنقد الذاتي واعادة النتظر بدور المرأة في حياتنا فالمقاتلة الكردية ابرزت انها هي عماد الحركة والمقاومة والنصر الاكيد بعد عقود من الاذلال والتهميش والاقصاء للدور الخارق للانثى وهي تكسر كل الاغلال وتبني صرحا من النور على انقاض خرائب وحرائق اسوء تنظيم ارهابي في عالمنا المعاصر. فوزي الاتروشي / وكيل وزارة الثقافة