الحواشي ... منافقون ومتسلقون ...!!
في زمن النظام المقبور كانت المقرات (البعثية) من الفروع الى الشُعب وحتى الفرق الحزبية هي جهات شبه رسمية الا انها ذات مكانة عالية تشبه (سحرة فرعون) ...!! يتجمع فيها النطيحة والمتردية و الجبناء الخائفين من سطوة الطاغية ..!! كانت مقرات ارهابية بمعنى الكلمة .. ابطالها قادة الارهاب اليوم .. وعمالها الفاسدين والمتسلقين و المتملقين لحد الآن ...!! فقد تغير العراق وهم لم يتغيروا ... وان كانوا قد استبدلوا زيهم وجاوا بزي جديد ... !! الا انهم نفس الطبقة (طبقة الحواشي) .. وقد شاع مثل مهم عنهم يقول (ان الحواشي غواشي) ... لأنهم كالطفيليات ان احاطوا بأي مسؤول ( وفي أي مجال مسؤول ديني او دنيوي ... رسمي او اجتماعي ) جعلوا على عينه غشاوة وصاروا حجاباً منيعاً بينه وبين مهامه وخدماته التي من المفروض ان يقدمها لوطنه وابناء شعبه ...!! يصورون له عمله بطولياً وكم هو محبوباً وخدوماً .. وينقلون له كذباً وزوراً رضى الله والناس عنه وعن سيرته الحميدة ..!! ويمنعون الناس من زيارته ومقابلته وخصوصاً المحتاجين له ..!! هؤلاء (البعثيون القدمى ) تفرقوا بدلاً عن المقرات (الحزبية ) القديمة الى مقرات جديدة منهم من التحق برجال الدين ولبس زيهم وصار من حواشيهم ...!! ومنهم لبس لباس الجيش والقوى الامنية واصبح اسماً مرموقاً حتى فضحته (داعش) فخان الامانة وولى مدبراً ولم يعقب ..!!! ومنهم من انتشر كالوباء في جميع مفاصل الدولة ودوائرها فتصدر (عراقنا الجديد) دول العالم من حيث الفساد الاداري والمالي فصارت الناس تترحم على ايام الطاغية الملعون ...!! ومنهم من اخترق العشائر فصار شيخاً وافسد في العباد والبلاد ... وقضى على الاعراف والسنن العشائرية التي كانت تحمي الضعيف وتنتصر له فغدت تقتل المسكين وتجور عليه ...!!
كان هنالك شعار بعثي شائع يقول ( كل (العاملون الجيدون) بعثيون وان لم ينتموا) و(العاملون الجيدون) حسب العرف البعثي الصدامي الملعون هذه كانت تنطبق على المجرمين و المتسلقين والمتملقين والحواشي المنافقين ... !! فلوا طبقنا هذا الشعار على واقعنا الحالي لصار ( كل المجرمين والمتملقين والمتسلقين والحواشي المنافقين هم بعثيون وان لم ينتموا ) وما اكثرهم في عراقنا الجديد ..!! لذلك نرى ان الكثير من السياسين الجدد وحواشيهم والمتدينين الجدد و حواشيهم يطالبون وبشدة الى الغاء قانون (المُساءلة والعدالة) فقد نجحوا في الغاء قانون (اجتثاث البعث) من قبل ..!!
بلغ ازدهار هذه الطبقة (الحواشي) أوجه في عراقنا الجديد ... فلو تتبعنا منذُ سقوط الطاغية في 2003م ولحد الآن مسيرتهم لوجدنا احصاءات مذهلة وانتشار سرطاني لا يستطيع احد تغييره منهم من كان من ابطال الحقبة البعثية والصدامية .. ومنهم من تعلم من الديمقراطية الامريكية ..!! حتى غدت هذه الطبقة مخيفة ومرعبة اكثر من مسؤوليها وقادتها .. فهم من يفسد ويقصي و يقتل و يلغي ويهمش ويقلب الخير شراً والشر خيرا..!! اذن فهؤلاء اعتى من (داعش) واكثر منها فسادا ... لأن ( داعش) لامحالة ستزول ويعود مرتزقتها وحواشيها من حيث جاءوا أن لم يقبروا هنا في ارض العراق مقبرة الغزاة ..
لقد تطاولت هذه الطبقة على كل مفاصل الحياة وسرى داؤها السرطاني في كل شرائح المجتمع في عرقنا الجديد ..!! بدءاً من القمة والشريحة المهم وهي شريحة المتدينين والعلماء فكم انجبت لنا هذه الحواشي علماء مزيفون منهم من ادعى المرجعية ومنهم من ادعى امارة المؤمنين حتى وصل التطاول من البعض ان يدعي انه مبعوث او ابن (صاحب الزمان) والاخر مرسول رباني والاخر جند السماء ومنهم وطني (عربي عراقي)...الخ ...!! ولم تسلم مكاتب العلماء من تفشي هذه الطبقة فيها (الحواشي) حتى غدا الفقير والانسان البسيط لا يستطيع ان يدخل مكاتبهم الا بشق الانفس ... بينما يستطيع التجار والسياسيين الدخول والمكوث هناك ببساطة وتستطيع طبقة الحواشي ان تطهر وتزكي من تريد امام انظار العالم (والمسكين) يصدقهم ويراهم شهود عودل .. فيسقط المساكين و الفقراء و الاصلاء ويهمش المؤمنون و الوطنيون ...!!
ان الغشاوات التي تضعها الحواشي (المتملقة والمتسلقة) المحيطة بالطبقة المؤثر على المجتمع (الملأ) وبمختلف اصنافها الدينية والسياسية و القضائية و الاعلامية و الاجتماعية وغيرها ادت الى ابتعاد ذوي النفوس الابية والشرفاء الى التنحي عن الساحة و الابتعاد عن معترك الحياة في كل اصنافها حتى تأكد للجميع ان زمننا هذا هو زمن الفتنة فغدا شعار الشرفاء فيه قول امير المؤمنين عليه السلام: ((كُنْ فِي الْفِتْنَةِ كَابْنِ اللَّبُونِ ، لاَ ظَهْرٌ فَيُرْكَبَ، وَلاَ ضَرْعٌ فَيُحْلَبَ)) .. وهذا الاقصاء والابتعاد والتهميش اجبارياً على هذه الطبقة وليس اختيارياً ..!! كون ان هؤلاء لا يجاملون على الحق ولا يتملقون لاصحاب المناصب لذلك فهم رغم ابتعادهم ترهبهم الحواشي وتشوه صورهم امام من يعملون معهم فهم مبعدون عن أي اتصال بعلية القوم ومحرومون من ابسط حقوقهم وكونهم (دعاة صامتين) ادى هذا الامر الى ضياع صوتهم في معمعة وجعجعة الحواشي المتملقة والمتسلقة التي تكسب الهمج الرعاع الذين ينعقون مع كل ناعق ...!!
وقد اثبتت الحقائق ان المجتمع العراقي من اكثر المجتعات في العالم تأثراً بهذه الطبقة (الحواشي) ..!! وظهر هذا جلياً بعد سقوط الصنم الدامي المقبور حيث ان كل شعوب العالم لم تنقسم مثل الانقسامات التي يعاني منها العراق وعلى كافة الصعد والمجالات فمثلا على الصعيد الديني في العراق اكثر من مرجعية دينية واكثر من حزب وحركة وتنظبم وتيار ديني وسياسي وما زالت تنشطر وتتكاكثر بصورة رهيبة وعجيبة ..!! وحتى داعش فان (الحواشي والحواضن) العراقية هي التي مجدتهم وجعلت منهم (دولة اسلامية) ولا يخفى ان قائدهم (عراقي الاصل) لذلك فهم لم يجدوا صعوبة في احتلال الموصل واليوم يحاربهم تحالف دولي وهم ما زالوا يتحركون ويقتلون و يعيثوا في الارض الفساد لأن لهم (حواشي) جندت جيش من الهمج الرعاع ليكونوا جنوداً مخلصين لمبادئ داعش ...
اما على صعيد السياسة فحدث ولا حرج كل حزبٍ بما لديهم فرحون لعبت (الحواشي) لعبتها فغدت تقسم الاحزاب وتصنع احزاب اخرى وتمجد اشخاص وتفرعنهم وتجمع الهمج والجهلاء من حولهم فتفشت الصنمية بينهم بحيث انك لا تستطيع ان تنتقد قائد الحزب الفلاني امام انصاره فأما ان تقتل او تكفر او غير ذلك من الافعال الشنيعة التي تطال المثقفين والشرفاء ...!! فأنتشر الفساد السياسي ولم نعد نستطيع التغييير حتى في الانتخابات فما زالتالوجوه نفس الوجوه ةالاصنام نفس الاصنام والسبب الرئيسي لهذه المأساة هم (الحواشي) الذين يغشون على افكار السذج والشريحة الكبيرة من الناس البسطاء اما بالكذب والتلفيق او بالرشوة والطمع ..!!! فغدت الخيانة امر عادي وسرقة اموال الشعب جريمة لا يحاسب عليها طبقة السياسيين العليا ... وقد فضحت احداث الموصل الاخيرة وبشكل جلي هذه الحقيقة المرة فمثلا سلما (النجيفيان ) الموصل وهرب اثيل النجيفي وايده اسامة النجيفي ولكنهما اليوم يعودان الى العمل السياسي بكل ثقة واقتدار ... لماذا ياترى ..؟!! الجواب : لأن لهما حواشي قلبت خيانتهما بطولة فجمعتلهما التأييد الشعبي في الموصل واجبرت الحكومة الجديدة على احترامهما ..!! وكذلك على الصعيد العسكري توالت الخياناة بدءاً بخيانة القادة الكبار ( قمبر وغيدان والغراوي) وهروبهم من الموصل امام حفنة من ضباع داعش المسعورة ولكنهملم يحاكموا بل احيلوا على التقاعد فقط يعني انهم خانوا العراق ولا زالوا يتمتعون برواتبهم و ميزات مناصبهم ..!! فكم يتقاضى كل واحد منهم راتباً تقاعدياً ؟!! فتتالت من بعدهم الخيانات للقادة العسكريين الجدد في مجزرة سبايكر الرهيبة ومن بعدها مجزرة السجر وما خفي كان اعظم ... لماذا ؟! .. لأن لهم حواشي تبيض صفاحهمالسوداء وتاريخهم المليء بالخزي و العار وحاواشي تحميهم من ان تطالهم يد القانون ...!!!
ان مأساة المواطن العراقي الشريف في هذا الزمان انه لا يستطيع ان يخدم او يعمل وسط هذه الاجواء الملوثة بالخيانة والفساد ...!! حتى عندما انبرى المواطن الشريف لتلبية نداء الوطن والمرجعية وجاد بنفسه وتطوع في الحشد الشعبي وقدم قوافل الشهداء لم يسلم من طبقة (الحواشي) فاصطدم بحواشي الاحزاب والسياسيين و خيانة القادة العسكريين وكم مأساة حدث لمجاهدي الحشد الشعبي الشرفاء حكاها المنسحبون من ارض المعركة ... بعدما عانوا من الاهمال وعدم الاهتمام وكذب السياسيين عليهم وخيانة القادة العسكريين لهم ... فمن يصدق ان شجاعة العراقيين لا تستطيع دخول (جرف الصخر) لحد الان مثلاً ...!! الجيش العراقي احتل من ايران في الحرب العراقية الايرانية مساحة من الارض اكبر من شمال العراق ووسطه وبقى فيها صامدا لسنتين رغم بسالة وشجاعة الايرانين ..!! واسقط الكويت خلال ثلاث ساعات فقط ..!! والآن لا يستطيع ان يحرر قرية ..!! لماذا ؟ لأن الحواشي (المتملقة والمتسلقة) تريد استمرار هذه الحرب الى زمن اطول لكي تسرق وتنهب من دماء وقوت ورواتب المتطوعين من الحشد الشعبي الشرفاء والقوات المسلحة الاخرى ..!! ولأن تفرق هذه القوات وكل يحارب على طريقته وعد وجود قيادة شجاعة وشريفة ادت الى ذلك ..!!
اما المأساة الاخرى التي لا تقل خطراً على ذلك فهي انتشار الفساد والرشوة والمحسوبية (الواسطة) والروتين المقيت الذي وضعته (الحواشي) حواشي المدراء والمسؤولين في جميع مفاصل الدولة والدوائر الرسمية ... فلا يستطيع المواطن من اكمال ابسط معاملة في ابسط دائرة الا ان يرشي والمشهور اليوم بين العراقيين (ورق الا تمشي معاملتك) ...!! فالموظف اذا جئته مراجعاً عادياً سيعاملك باستعلاء وينظر لك بزدراء ويؤجلك اكثر من مرة ويرسلك الى اكثر من جهة حتى تصرف المال والوقت وعندما تحسب المعادلة ترى انك صرفت مالاً لو تعطيه له (رشوة) لكسبت الوقت والتعب فبالرشوة او الواسطة تستطيع ان تنهي معاملتك بيوم ...!! بينما اذا كنت شريفاً مسكيناً فقيراً بسيطاً فسوف تستمر بالمراجعة لشهور ..!!
ومن هذا فان واجب الشرفاء من المسؤولين واصحاب القرار وذوي النفوذ التخلص من هذه الطبقة (الحواشي) والاحتكاك المباشر بالناس وخصوصاً المنتخبين من المسؤولين والا فان البلاد تسير من سيء الى اسوء ... بينما تريهم (الحواشي) بان البلد بخير والمواطن منعم والحرب منتهيه ولا فتنة في العراق و لا اضطهاد وتهميش للمواطن في الدوائر الرسمية ...
ايها المسئولون الشرفاء ... ان طبقة (حواشيكم) هي غشاوة على اعينكم فتحنصوا من هذه الغشاوة فانها سوف ترديكم الى المهالك وتخسركم الدنيا والاخرة .. وحاولوا ان تنزلوا الى الشارع بانفسكم وتعيشوا مآسي الناس او تسمعوها مباشرة منهم .. عيشو فقر الفقراء .. مأساة اليتامى والارامل .. ومعيشة العوائل بلا سكن .. ويأس الشباب بلا عمل .. وموت الفقراء من الامراض واهمال المستشفيات وجشع الاطباء وغلاء الدواء ... وتفشي الفساد وانتم تدعون التدين والرشاد .. لا تصدقوا (حواشيكم) فان الفقراء لا يدعون لكم بل يدعون عليكم...!! ارحموا الناس من فمن لم يرحم من في الارض لن يرحمه رب السماء ...!!
اما المسؤلون (الغير شرفاء) فاننا نقول لهم ما قاله الامام الحسين عليه السلام (( ان لم يكن لكم دين وكنتم لا تخافون المعاد .. فكونوا احراراً في دنياكم .. او كونوا عُرباً كما تزعمون )) ..فأن حواشيكم تسلبكم حريتكم من حيث لا تشعرون وتشوه سمعتكم وتجعل التاريخ يلعنكم و الشعب المظلوم يدعوا عليكم .. فحذار من دعوة المظلوم ..!!
+++++++++====++++++++
نوح السائح
2014