هو يهودا بن يعقوب بن اسحق بن نبي الله إبراهيم عليه السلام ، وهو بكر يعقوب (ع) .
مرقده : في قضاء الكفل التابع لمحافظة بابل – منتصف الطريق بين الكوفة والحلة على الضفة الشرقية لنهر الفرات له حرم واروقة سميكة البناء مرتفعة الدعائم قديمة الانشاء ، وعلى قبره قبة مخروطية من الطراز السلجوقي والى جانب المشهد يقع مسجد النخيلة ، ومنارته لا زالت قائمة مع شرفات المسجد الاسلامي القديم الذي لم يبق منه سوى جزء يسير من السور ... وتحمل المنارة كتابات إسلامية ، وفي مسجد النخيلة محراب في الموضع الذي صلى فيه الامام امير المؤمنين علي بن ابي طالب (ع) عند خروجه الى صفين مرة ، وعندما بلغه قتل عامله على الانبار مرة ثانية ، وثالثة عند خروجه لحرب الخوارج في النهروان مارا ببابل .وقيل: بأن اليهود قاموا بأزالة منبر كبير من الصخر كان موجودا في المسجد وحفروا الى جنبه حفرة كبيرة واردوه فيها ثم سووا عليه التراب ولا يزال موجودا تحت الارض ........
ثم ان اليهود حاولوا طمس الكتابات الموجودة في المسجد واغروا الوفد العثماني الذي جاء لتقصي احوال المسجد والمرقد بالمال والمغريات لكي ينكر وجود اثر اسلامي في المنطقة مثل المنارة والقبة المخروطية كما انهم لم يتركوا مرقد النبي ذي الكفل حتى وضعوا على قبته من الداخل كتابات عديدة باللغة العبرية لا تزال موجودة حتى زماننا هذا .وقيل: ان ذا الكفل هو بشير بن ايوب النبي (ع)بعثه الله نبيا بعد (حومل) بن ايوب (ع) وسماه ذا الكفل وامره بالدعوة الى التوحيد ، وكان مقيما طوال عمره في الشام حتى مات عن (95) سنة وقيل انهالياس ، وقيل انه اليسع ،وقيل انه احد الانبياء بعد سليمان (ع) وقيل انه تكفل لبني قومه ان يقضي بينهم بالحق فسمي ذو الكفل .وفي رواية : انه نبي بعث قبل عيسى (ع)سمي ذا الكفل لانه كفل سبعين نبيا ونجاهم من العذاب .وعن الاصبغ بن نباته عن امير المؤمنين علي (ع) قال (( هذا قبر يهوذا بن يعقوب بن اسحق بن إبراهيم (ع)، بكر يعقوب ، وهو الذي اشار الى اخوته بأن يلقوا اخاهم يوسف الصديق (ع) في الجب لما اراد بعضهم قتله وسل عليه السكين ، وحكى القرآن الكريم ذلك بقوله ،، قال قائل منهم لا تقتلوا يوسف والقوه في غيابت الجب ،، )).وتشير المصادر التأريخية الى ان الملك البابلي نبوخذ نصر الثاني قام بترحيل سبايا اليهود من مملكة يهوذا بفلسطين إلى بابل وعرف هذا الترحيل بالسبي البابلي وكان على مرحلتين الاولى وقعت عام 597ه ق.م وجلب اكثر من ثلاثة الاف يهودي الى بابل ومن ضمنهم الحاكم (يهويا كين ) وعائلته ، والنبي حزقيال (ذو الكفل) مع مجموعة من الكهنة والقواد والصناع , واسكنهم جنوب العاصمة بابل ، وتشير تلك المصادر الى ان النبي حزقيال قد كلف بدعوته في هذه المنطقة التي تعرف اليوم بمدينة الكفل والتي تبعد حوالي (25) كم جنوب محافظة بابل .والى جانب مرقد النبي ذي الكفل وتحت نفس البناء يرقد خمسة من الحواريين اصحاب النبي ذي الكفل متجاورين في قبورهم وهم يوسف الربان ,ويوشع وخون ناقل التوراة ,ويوحنا الديملجي , وباروخ وقيل بأن هؤلاء هم الذين كتبوا التلمود البابلي القديم .وللخضر (ع) مقام بالقرب من مرقد ذي الكفل (ع) والمرقد بمجموعه وجامع النخيلة ومنارته يحتاج الى رعاية خاصة وترميم وتحديث مع المحافظة على المعالم الاثرية الاصلية ليتناسب مع اهمية الموقع التأريخية والدينية .
سرار عجيبة
وذكر كتاب نزهة المشتاق في تاريخ اليهود ليوسف رزق غنيمة انه عندما انتهى حكم الكلدانيين لبابل عام 539 قبل الميلاد أغار كورش الفارسي على مملكة بابل وقتل أهلها وهدم أبنيتها وإذن لليهود بالعودة الى قدس أسرارهم ومحط أنظارهم ( أورشليم ) فعاد القليل منهم وبقي من ألف الحياة البابلية وبذلك تكونت الجالية اليهودية في بقية مدن العراق الأخرى.
في الجهة الغربية للمرقد أيضا توجد باب خشبية قديمة من قطعتين تؤدي الى بناء يضم بداخله مقام نبي الله الخضر عليه السلام ليضاف الى عدد كبير من المقامات المنتشرة في أنحاء واسعة من البلاد وهو غرفة مفتوحة من ضلعها الجنوبي على البناء المتداخل ومتصل فيما بينه بالأقواس والدعائم، هناك أيضا قبور أصحاب نبي الله ذي الكفل وهم كما مثبت على قبورهم وعلى التوالي يوسف الريان ويوشع وخون ناقل التوراة ويوحنا الديملجي وباروخ وقبره منفرد على الجهة المقابلة لقبر يوسف الريان وقبورهم متشابهة ومتساوية في القياسات.
ومن الأسرار العجيبة في هذا المكان أيضا نظام التبريد والتدفئة وهو نظام متقن جدا يتبع بالتأكيد طريقة بناء النوافذ الصغيرة المنتشرة في أرجائه والفتحات السداسية الشكل الموجودة في السقف التي خصصت لأغراض التهوية والإضاءة هناك أيضا البئر الذي يتوسط باحة المرقد والذي يرتبط ارتفاع وانخفاض منسوب المياه فيه بمنسوب مياه نهر الفرات والذي اثر أيضا على مستوى الرطوبة في جدران المرقد بسبب هذه الرطوبة.
القبة
اختلفت الآراء حول تاريخ بناء القبة المخروطية التي تعلو المرقد فهناك من يرجعها إلى عام 1317 م. وهناك من يرى ان القبة الخارجية بنيت في القرن السادس الهجري وان القبة الداخلية بنيت في القرن الثامن الهجري ويذهب رأي ثالث الى ان القبة الداخلية نصف الكروية والخارجية المخروطة المقرنصة بنيتا في القرن الثامن الهجري وان الذي قام ببناء مسجد النخيلة القريب والقبة السلطان المغولي الجايتو خدابندة 703، 716 هجرية وقد بنيت القبة على قاعدة مربعة وتتألف من عشرة صفوف ذات حنايا.
تنازع على ملكية هذا المعبد غير طائفة من العراقيين الا انه انتهى الى اليهود ويقال ان مناحيم أفندي دانيال ساعد قومه في أمر هذا المعبد ويقال ان الأتراك هم الدين أعطوا ملكية البناية والسوق الى دانيال طابوا صرفا زورا.
مسجد النخيلة
حالما تخرج من الباحة الأمامية للمرقد تجد نفسك في صحن أخر كبير يتصل بمرقد النبي الكفل وهو كما ذكر الشيخ اليعقوبي في كتاب البابليات (يتصل بقبر الكفل جامع فيه قبر ومحراب ومنارة) وما هذه المنارة إلا منارة مسجد النخيلة والمحراب هو محراب منام المشهور وهو الموضع الذي صلى فيه أمير المؤمنين الإمام علي بن أبي طالب عليه السلام عند خروجه الى صفين وعند خروجه الى حرب الخوارج في النهروان مارا بالحلة.
من جهته الشمالية تنتصب مئذنة عملاقة في علوها وضخامتها وبنائها الاسطواني الأسطوري ويستوقفك مظهرها الخارجي بزخارفها الهندسية المتقنة الصنع وما فيها من كتابات جميلة لا تقل روعة عن المقرنصات التي تزين حوض المئذنة من الخارج وهي بغاية البداعة والإتقان من الجمال والسحر المعماري حيث يعتقد انها بنيت في زمن البويهيين.
المنارة في مسجد النخيلة الذي ليس له اليوم عنوان يتميز به سوى ان المئذنة القائمة تقضي بأن تكون على طرف المسجد ولم تزل ثلاثة أسوار قديمة عالية الجدران موجودة الى هذا التاريخ والمعروف عند مشايخنا والمعمرين انه كان في المسجد منبر كبير عال من الصخر وقد حفر اليهود الى جنبه حفرة وأوردوه فيها وسووا عليه التراب ولا يزال موجودا تحت الارض ويقال أيضا ان بعد وفاة الخليفة محمد بن بويه ادعى اليهود ان الجامع لهم ولا وجود لاية منارة (مئذنة) فيه وحدث جدل طويل حول ذلك مقرون بشكاوى عديدة الى الوالي في اسطنبول فيرسل اللجان التحكيمية حول وجود المنارة والتي كانت اللجان تجلس تحتها وتكتب ان لا مسجد ولا منارة في الكفل.
وفي أواخر العهد العثماني تطاول عليه اليهود وبنوا فيه مخازن وبيوتا وغرفا يأوي اليها الزائرون منهم في أعيادهم ومواسمهم، وفي سنة 1887م رفع الحاج درب بن عباس المالكي (بتوجيه من العلامة علي خيري) السادن لمرقد ذي الكفل عريضة الى السلطان عبد الحميد كتب فيها عن الجامع وحدوده ومساحته وتاريخ المنارة وموضع المحراب والمنبر وذكر تطاول اليهود عليه وتملكهم له وما أنشأوا فيه من بنايات...فجاءت على اثر ذلك لجنة من الإستانة لاستيضاح الحقيقة وما ان وصلت اللجنة بغداد حتى اتصل بها اليهود وقدموا لها هدايا ثمينة فكتبت اللجنة تقريرا مخالفا للواقع ونفت فيه وجود المنارة في الكفل وبعثت في تأييد قرارها صورة للقرية من احد جهاتها التي لا تظهر فيها المنارة ومن هذا التاريخ صار الناس يضربون المثل بمنارة الكفل بالنسبة لنكران الحقيقة التي لا تحتاج الى برهان وقال السيد رضا الهندي شعرا في هذا الموضوع:
عجبت بجحد الدهر بيعة حيدر
وما خصه المصطفى سيد الرسل
الى ان أعاد التاريخ لنا مثلها
فأخفى عن الأنظار مئذنة الكفل
طال التجديد مرقد نبي الله ذي الكفل وما زال مسجد النخيلة محافظا على هويته القديمة الا ان المكان بأسره يئن من وطأة الإهمال وقلة زوار هذه الثروة السياحية المهمة الذين قد يقتصر عددهم في احسن الاحوال على عدد من العوائل وربما بعض الوفود السياحية الاجنبية علما ان ناحية الكفل تضم على ارضها المترامية الاطراف عدداً مهماً من الاماكن المقدسة الاخرى منها مقام ولادة النبي إبراهيم الخليل عليه السلام 1900 قبل الميلاد وهي على الطريق الرئيسي المؤدي الى محافظة النجف ولا بد أيضا ان تخترق بعض الزراعية لتصل الى هذا المقام في قرية ما زالت تسمى باسمة وهي نفس القرية التي شهدت محاولات حرقة والمذكورة في القران الكريم وقبل ان تصل مقام النبي لا بد ان تعرج على مرقد الإمام بكر بن علي بن أبي طالب عليه السلام حيث جرح في واقعة الطف يوم 10 عاشوراء 61 هجرية مع اخيه الامام الحسين عليه السلام وهامت به الفرس الى شمال الكفل بنحو 20 كم ودفن هناك.
إضافة إلى مرقد رشيد الهجري عليه السلام الذي سمي بالهجري نسبة إلى هجر مدينة في اليمن ومرقدة بباب النخيلة شرق مرقد ذي الكفل على بعد 1/ 2 فرسخ منه تم اكتشاف قبره عام 1308 هجرية وهو صاحب الإمام علي عليه السلام قتله عبيد الله بن زياد وغيرها كثير من المراقد التي لا مجال لإحصائها.