بقلم الدكتور : عماد محمد عبد الله – قسم العلوم
بديهيا, ليس الإنسان هو أول مخلوق ظهر على وجه الأرض!, فلقد عاشت قبل الإنسان أمم من المخلوقات المختلفة عمرت الأرض منذ ملايين السنين, بعضها انقرض واندثر وبعضها لازال إلى يومنا هذا مع بعض التطوير للتلاؤم والتكيف مع طبيعة هذا الكوكب المتغير, كوكب الأرض!.
إن ما جعلني اكتب عن هذا الموضوع هو الصدمة التي المت بي حين تصفحت الانترنت بحثا عن هذا الموضوع, ووجدت الكثير من المواقع (العربية) تتكلم عن أن ادم أول المخلوقات على وجه الأرض!!. وبعضها يقول الجن, بل إن بعضهم يستدل بالقران والأحاديث على أن أول مخلوق على وجه الأرض هو ادم!!وهنا ينبغي على كل من يستدل بالقران الكريم والأحاديث النبوية الشريفة على حقائق علمية الرجوع لعلماء التفسير والمختصين من أهل الدين. وعدم الخلط بين قصة خلق ادم ودخوله الجنة المذكورة بشكل واضح بالقران, وبين قصة نشأة الحياة على الأرض.
إن العقل من أعظم النعم التي من الله بها على الإنسان, فلنفكر أولا: هل يعقل ان الإنسان ظهر على الأرض قبل النبات والحيوان؟؟ نحن كائنات تعتمد كليا في معيشتها على غيرها من الكائنات من نبات وحيوان وميكروبات لا ترى بالعين المجردة وغيرها الكثير!. فنحن نتنفس الأكسجين الذي أنتجته النباتات والطحالب وبعض الميكروبات, ونأكل النبات والحيوان ومنتجاتهم وتتحلل الفضلات في أمعائنا بفعل الميكروبات, وبعد أن نموت تعيد الميكروبات مكونات أجسادنا إلى التربة!!.
اذن ما الذي توصل إليه العلماء عن أول مخلوق ظهر على وجه الأرض؟ نشأت الحياة على وجه الأرض منذ حوالي 3500 الى 4000 مليون سنة, اكتشفت بكتيريا داخل صخور من إفريقيا تعود لحوالي 3000 مليون سنة, وأكد ذلك اكتشافات في امريكا واستراليا لبكتريا داخل صخور تعود لحوالي 3000 مليون سنة تقريبا. ويعتقد العلماء بانه قبل تلك الحقبة بحوالي 1000 مليون سنة أخرى كانت الأرض قد بدأت في التمهيد لنشأة الحياة عليها حيث بدأت الأرض تبرد حرارتها والبراكين كانت تقذف الحمم واللافا, وكانت تتراكم كميات مناسبة من بخار الماء حول الغلاف الجوي للأرض.
بدأت الحياة تتطور من الأشكال الخلوية المجهرية البسيطة كالبكتيريا إلى المخلوقات الضخمة كالديناصورات, وقد تم ذلك خلال حقب زمنية طويلة. قسمها العلماء إلى ستة مراحل: المرحلة الأولى , وهي أطول المراحل وقد استغرقت حوالي 2500 مليون سنة تقريبا, تطورت فيها الحياة من أشكال البكتيريا الوحيدة الخلية إلى الطحالب البسيطة ثم عديدة الخلايا. المرحلة الثانية واستغرقت مابين 1000 إلى 400 مليون سنة وكانت في المحيطات وقد تطورت فيها الطحالب البسيطة إلى الأعشاب والنباتات البحرية بأشكالها المختلفة وفي تلك المرحلة ظهر أول الحيوانات وكان التنوع الحيواني عبارة عن أشكال من الاسفنجيات والجوفمعويات والديدان وغيرها من اللافقاريات . المرحلة الثالثة واستغرقت 400 إلى 300 مليون سنة ظهرت فيها الفقاريات المائية والأسماك ونمت النباتات على اليابسة بكثافة وظهرت البرمائيات التي استطاعت العيش في الماء واليابسة, كما ظهرت الحشرات والتي انتشرت وتنوعت على اليابسة . المرحلة الرابعة : واستغرقت مابين 300 -65 مليون سنة وفي تك المرحلة سادت الزواحف الأرض وهو ما يسمى بعصر الديناصورات والتي تنوعت أشكالها وأحجامها وأنماط غذائها. وكانت الديناصورات حيوانات ناجحة جدا وقد سادت الأرض لمدة 160 مليون سنة ولكتها انقرضت فجأة في فترة زمنية قصيرة, أثارت جدلا واسعا بين العلماء وللان لم يصلوا لتفسير مؤكد عن سبب انقراض الديناصورات!!. والتفسير الذي يؤمن به الكثير من العلماء هو سقوط نيزك ضخم على الأرض حجب غباره ضوء الشمس لمدة طويلة أدت لموت النباتات التي يأكلها الديناصورات وماتت معها الديناصورات المفترسة ولم يتبقى سوي التي تعيش على الجيف!!.
المرحلة الخامسة : وقد استغرقت مابين 65 إلى 5 ملايين سنة, وفي هذه المرحلة سادت الطيور والثدييات الأرض. وكانت انجح الكائنات والأكثر تكيفا مع بيئات الأرض المتنوعة.
المرحلة السادسة: من 45 مليون سنة وحتى الآن, وقد ظهرت فيها الرئيسيات وهي القردة العليا أو الذكية الغوريلا والاورانجتان والشمبانزي وهى أذكى الحيوانات ولها قدرة عالية على التعلم مقارنة بباقي الحيوانات. وهنا النقطة التي أثارت جدلا واسعا بين علماء الدين وعلماء الطبيعة, وظهر لنا اليهودي داروين في كتابه أصل الأنواع ليقول أن الإنسان أصله قرد, وادعى الملاحدة أن هذا دليل على أن لا اله وان الحياة نشأت صدفة والإنسان ظهر صدفة, كما ظهرت نظريات عدة في العصر الحديث مثل نظرية النشوء التلقائي وان الكائنات تلك قد نشأت تلقائيا وقد اثبت العالم لويس باستير خطأ تلك النظرية . وللان , يعجز العلم التجريبي الذي يعتمد على الدليل على تفسير مرحلة ظهور الإنسان, وقد اتفق العلماء مؤخرا أن هناك حلقة وصل مفقودة قبل 5 ملايين عام أي قبل ظهور الإنسان بقليل, وقد اتفقوا أن الإنسان الأول ظهر في إفريقيا بدليل الهياكل البشرية التي وجدوها بإفريقيا. ولا يزال العلماء في حيرة حتى الآن وفي انتظار مزيد من الاكتشافات لتفسر كيف ظهر الإنسان على الأرض. وللعلماء المسلمين كثير من التفسيرات المنطقية والمقبولة علميا وعقلانيا عن نشأة الإنسان على الأرض استنادا على ما جاء به ديننا الحنيف, ونحن بحاجة الآن للعلماء المسلمين المختصين في علوم الأحياء للتوصل للحقائق المادية التجريبية الملموسة, والاكيد ان الحقيقة التي سيتوصل إليها العلماء يوما ما, ستدل على عظمة الخالق وان لا اله إلا الله.