بلاد ماوراء النهرينالديانة
صورة توضيحية لبلاد ما وراء النهر
هي منطقة تاريخية وجزء من آسيا الوسطى ، تشمل أراضيها جمهورية أوزبكستان والجزء الجنوب الغربي من كازاخستان، أي المناطق الواقعة ما بين نهر جيحون و نهر سيحون (أما تسمية ما وراءالنهر، فتعني ما وراء نهر جيحون من الجهة الشرقية) .
وقد عرف الأوروبيين هذه المنطقة حتى بداية القرن العشرين باسم ترانساوكسانيا؛ وهي ترجمة لاتينية للاسم الذي أطلقه العرب المسلمون عندما فتحوا تلك المنطقة في القرن الهجري الأول وهو "بلاد ما وراء النهر". ثم اطلق عليها اسم بلاد ما وراء النهر إشارة إلى النهرين العظيمين الذين يحدانها شرقا وغربا: نهر السير داريا (2212 كم) والآمور داريا (1415 كم)؛ وبالعربية نهر "جيحون" ونهر "سيحون" بالاستعارة من أسماء أنهار الجنة.
أهم المدن : سمرقند – بخارى – كاشان - فرغانة – طشقند – خوارزم – مرو – ترمذ. وهي أسماء تدل على أعلام لهم مكانتهم في التاريخ، مثل: الخوارزمي، والفارابي، والبخاري، والترمذي، وابن سينا، والجرجاني، والسجستاني، والبيروني.
الإسلام في بلاد ما وراء النهر
الديانة السائدة في تلك المناطق هي الإسلام, ويشكل الأوزبك, الكازاخ والروس الأغلبية العرقية في تلك المناطق.
فتح بلاد ما وراء النهر
وقد وصلت الدعوة الإسلامية إلى بلاد ما وراء النهر في عهد مبكر من تاريخ الإسلام بقيادة قتيبة بن مسلم الباهلي – -. إلا أن الفتوحات الإسلامية لم تستقر في أوزبكستان إلا في أواخر النصف الثاني من القرن الهجري الأول في أيام الخلفاء الأمويين عبد الملك بن مروان وأبنائه الوليد وسليمان وهشام. وقد اعتنق أهالي بلاد ما وراء النهر الدين الإسلامي أفواجاً وجماعات 99هـ - 101هـ. وتشهد على ذلك الوقائع التاريخية المشهورة.
يمكن تقسيم بلاد ماوراء النهر إلى خمسة أقاليم : الصغد وفيه بخارى وسمرقند، وخوارزم ويختلف عن إقليم خراسان الذي يقع جنوبه، والصغانيان وبذخشان والختّل وفيه مدينة ترمذ، وفرغانة، والشاش.
وبلاد ماوراء النهر جزء من تركستان الغربية التي تضم في الوقت الحاضر: جمهورية أوزبكستــان وطاجكستــان، وقد سكنها الترك، وكان لهـم فيها إمبراطورية عظيمة قبل الميلاد، وقد سكن المنطقة أيضاً الإيرانيون أيضاً ويبدو أنهم اغتصبوا تلك الأصقاع من الترك، وكانت عقائد أهل المنطقة الزرادشتية وهي ديانة الإيرانيين والبوذية القادمة من الشرق.
وكان لملوكهم ألقاب منها : خاقان : وهو لقب من ألقاب السيادة التي تطلق على أباطرة المغول والترك العظام ومعناه ملك الملوك. وأما الخان فهو الحاكم الإقليمي لبعض الولايات التي كانت تتكون منها الإمبراطورية المغولية في تركستان. أما طرخان فكان يطلق على الأشراف من الرجال الذين يمنحهم الخاقان امتيازات خاصة تشمل الإعفاء من الضرائب مع الحق في أخذ نصيب من غنائم المعركة، ومنها الدخول إلى أرض الخاقان بدون استئذان.
طرخون صيغة أخرى من طرخان وله امتيازات الإعفاء من الضرائب والامتيازات الأخرى، فهما لفظان بمعنى واحد.
وكان ملوك بلاد ماوراء النهر مستقلين استقلالاً ذاتياً ولكنهم كانوا جميعاً يدينون بالولاء للخاقان عملياً أو نظرياً، ولكن الحرب كانت تجمعهم ليصبحوا صفاً واحداً على عدوهم المشترك في الدفاع عن مصالحهم المشتركة.
وأما عن قصة الفتح الإسلامي لها زمن قتيبة فقد وصل قتيبة بن مسلم الباهلي سنة 86هـ خراسان والياً، فخطب الناس وحثهم على الجهاد، وانطلق قتيبة، فلما كان ب(الطالقان) تلقاه دهاقين بلخ وبعض عظمائها وساروا معه، فلما قطع نهر جيحون - النهر الفاصل بين الأقوام الناطقة بالفارسية والتركية - تلقاه ملك (الصغانيان) بهدايا ومفتاح من ذهب ودعاه إلى بلاده فمضى معه وسلمه بلاده، ثم سار إلى ملك (أخرون وشومان) فصالحه ملكها على فدية أداها إليه.
وفي سنة 87هـ قدم نيزك طرخان فصالح قتيبة عن أهل (باذغيس) على أن لا يدخلها، وأطلق الأسرى المسلمين الذي كانوا في يديه وبعثهم إلى قتيبة ثم قدم إليه نيزك بنفسه.
ثم سار قتيبة من (مرو) إلى (آمل) ثم مضى إلى (زم)، ثم اجتاز نهر جيحون وسار إلى (بيكند)، من بلاد (بخارى) فاستنصروا (الصغد)على قتيبة فأتوهم في جمع كثير، وتأهب المسلمون للقتال ثم تزاحفوا والتقوا، واعتصم من بالمدينة بالمدينة، فركز سلاح الفعلة (المهندسين) على سورها لهدمه فسألوا الصلح فصالحهم، وأمر عليهم رجلاً من بني قتيبة، وارتحل عنهم فلما سار مرحلة أو مرحلتين [ المرحلة = 90 كم تقريباً ] نقضوا عهودهم فقتلوا العامل وأصحابه ومثلوا به، وبلغه الخبر فرجع إليهم، وقد تحصنوا فحاصرهم وقاتلهم شهراً، واستطاع خرق التحصينات، فطلبوا الصـلح فأبى وقاتلهم ؛ لأن النصر قد تحقق فظفر بهم عنوة فقتل من كان فيها من المقاتلة، وعمر أهل (بيكند) مدينتهم ثانية بإذن قتيبة.
ثم قفل يريد مرو فإذا ب(طرخان ملك الصغد) و(كوربغانون ملك الترك) في مائتي ألف يريدون قتاله فهزمهما.
وفي سنة 88هـ فتح (نومشكت) و(رامثينة) من بخارى وصالح الأهالي، وفيها غزا ملك الترك (كوربغانون) قتيبة في مائتي ألف مقاتل من أهل الصغد وفرغانة فكسرهم قتيبة وغنم منهم كثيراً.
وفي سنة 89هـ سار قتيبة إلى ملك بخارى (وردان خذاه) فلقيه في طريقـه (الصغد) وأهل (كش) فقاتلوه فظفـر بهم، ومضى إلى بخارى ولكنه لم يحقق نصراً حاسماً فرجع إلى مرو.
وفي سنة 90هـ جدد قتيبة الصلح بينه وبين (طرخون ملك الصغد) وسار إلى (بخارى) ففتحها، وفي السنة نفسها غدر (نيزك طرخان) ونقض الصلح وامتنع بقلعته، وأرسل له قتيبة من استدرجه، واستشار الأمراء في قتله فاختلفوا فقال : والله إن لم يبق من عمري إلا ما يسع ثلاث كلمات لأقتلنه، ثم قال : اقتلوه اقتلوه اقتلوه، فقتل.
وفي سنة 91هـ فتح مدينة (شومان) بعد الحصار بالمنجنيقات، وفي السنة التي تليها تم فتح مدينتي (كش) و(نسف).
المصدر:: المحاسبيين والمدققيين العراقيين