جمال الكتابة ... وشحة الردود ...شعرت انني استيقظتُ من رقدة العدم .. و امامي مصطبة عليها حاسوبي واوراقي المبعثرة ودواتي والقلم .... ولم ألبث الا ريثما وجدت نفسي في دنيا (الدرر)) ... وكأنني عرفت القراءة والكتابة وما فيها من شجون ... فألم بنفسي خاطر جميل أوحى الىّ ببضع بييتات من الشعر الساذج ... كتبتها بذلك الانشاء البدائي الركيك ... كأنما عمري لم يتجاوز السبع سنوات بعد ...!! مالي اشعر ان منظومتي الكلامية قد اصابها الوهن ؟ !! كنت انظم عقائد من السطور يطير سامعها فرحاً وسروراً وابتهجاً... وضعتني الظروف في مكان كأنه اكبر مني !!!... . ترى لو كنتُ منطوياً على نفسي منزوياً في ظل عشي هل كنت سابدع ؟!! .. منذ طفولتي قلمي بين اصابعي ... يحرر ما توحي به اليه قريحتي ... لا يفتر عن ذلك الا حينما ينضب من المداد ليستبدل مداداً غيره ... او عندما يعتريني الكلل فاستريح لاستعيد بعض قوّتي ... ثم لم تركن نفسي الى غير العالم الذي هي فيه .... فما كان الداعي لروحي ان تغادر مألفها ... وهي التي استوحشت من كل جوانب الحياة ... وذاقت طعم الخيانة وغم الاسى ...بينما تجد في وحدتها مع لعبتها الحلوة (الكتابة) من الانس واللذة ما ينسيها كل ذلك ... الا مقتطفات مفيدة في معاشرة اهل العلم ... و يجري الوقت عند مجالستهم كأنه البرق ... فآثرت بروحي في أي فئة ازج بها ؟!! ... وهنالك صور شوهاء واخلاق منكرة وطبقات تشمئز النفس من مكالمتها كيف بمعاشرتها ...؟!! وليس بالامر الحميد ان اعددهم ... فهم نار على علم بين المنافقين والمتسلقين..!!!
===&&&====
ان صرف الوقت في النزاع والتشاجر فيما بينهم لاتفه الاسباب وبذل العمر في التلهي بالغيبة وامثالها من اللهو المقيت الى غير ذلك من انواع المعاصي المؤدية بأصحابها الى الدمار في الدنيا .. و في الاخرة الى النار .
واما اصحاب المناصب فهمتهم الوحيدة سلامة مناصبهم ولو بذلوا من اجلها دينهم ان كان لهم دين ! وغايتهم الكبرى : استلاب مال الله من عباد الله ، وان يبنوا عروشهم على رقاب المساكين ، وينهلوا من دماء الفقراء المحرومين ، الى ما هو من قبيل ذلك من المخازي.
فلم ارى لروحي مساغٍ لها ان تكون في جملة هؤلاء او هؤلاء مندسة في سوادهم .. لذلك لم تجد لها مألفاً غير وحدتي الجميلة ... ولم تأل جهداً في اختيار الوحدة والركون الى الوحشة مستأنسة بالقلم والقرطاس .. مستبدلةً بهما اراذل الناس ... وفي ذلك لها سلوة وأنس. وناهيك بالدرس فانه انس لنفسي في خلوتها وأنشودة اترفع بها ان اضجرني التعب واوحشني البحث عن الحبيب... الذي لم اجده الى هذه اللحظة ؟!!
الكتابة الصادقة بمشاعر راقية وثقافة متعالية وعربية مسبوكة كسبائك الذهب هي السمير المؤنس والخليل الذي لا يمل والدواء الناجع لسقام القلب الذي يعتريه من الآم الدهر ومصاعب الظروف القاسية .... و هي التي نستطيع بها ان ننادم الجلساء ونفاكه الظرفاء ونغازل الاحبة ونناجي الخلان ، ونلازم عباقرة الادباء ملازمة الرقة للصهباء والطوفان للماء.
الكتابة الجميلة التي تسطرها من الروح بلا تكلف ... وتشعر انها تخرج من قلبك الى قلوب سامعيك وقارئيك ... عندها ستكون لك مألف الحبيب اللبيب وسلوة الغريب الأريب ، وملجأ الهارب من مطاردة الهموم ... بل ثروة البائس المحروم من دنياه ... فهناك كلمات قليلة لها آثار عظيمة الجدوى ومآثر كريمة عميمة النفع ...
فيا لائمي في حبه وعاذلي على هيامي به ، لا تلمني فقد لمت – قبلك- نفسي فما ارعوت لقد غلب الحب الإرادة ... فسار القلب قدماً الى هدفه الاسمي في موضوع (الكتابة ) غير مكترث بما يجابهه به العقل من لاذع العذل ومقرع التأنيب على انهماكه في ملازمة النظم والنثر وولعه الشديد بمعاشرة إسفاره الجليلة وقضائه معظم الوقت في مناجاة أسراره ومنادمة سماره:
ايها القـلب المعنى لا ترح*** سادراً في شوطك النائي البعيد
عشت دهراً بالقوافي مغرماً *** مفرطاً في الحب من اسمى القصيد
لا تمض – ايها القلب – مُنزلاً الى أعماق المشاعر من شاهق فالحزم اولى ... والحزم أن تعير باقي الخاصيات الكتابية قدراً من الاهمية ... فليس الشعر وحده كفيلاً بلم اطراف المجد كل ما في محاسن الخصال ومكارم الصفات من نعوت تباري الشعر وتجاريه ... وطالما تفوقه بعض بدائع الفنون من الكتابة الجميلة بكل انواعها ... نعم لقد طرق سمع النفس أمثال هذه واضعاف هاتيك من اساليب الخواطر الجميلة والتعابير الجليلة جارت في منافسة الشعر لأنها نابعة من قلوب صافية .. واقلام شفافة .. وان كانت تفتقر الى بعض القواعد العربية .. الا ان اللحن الجميل قد ينسيك ركاكة الكلام .. والعكس كذلك صحيح ...
ياتُرى لماذا اكتب لكم مثل هذا الامر؟! ... وهو يشبه المحاضرة الاكاديمية التي قد تصيبكم بالملل .. واني متيقن ان الكثير منكم لا تعنيه من قريب او بعيد .... او ان بعضكم يمر عليها ويكتب رداً لا يتجاوز النسخ واللصق كـ(عاشت الايادي) او (شكرا) وهو لم يقرأ حرفا منها ...! الا انني وجدت نفسي متحملا لواجبين :
اولاً : حب وقع بيني وبين هذه المملكة الجميلة (درر العراق) ووفاء لهذا الحب وجدت من واجبي ان اكتب مثل هذا ...
الثاني : لمن يجهدون انفسهم ويكتبوا مشاعرهم لنا في هذه المملكة وهما نوعان :-
النوع الاول : خامات تحمل مشاعر جُبِلة على الفطرة الشفافة التي فطر الله الناس عليها ... لا تحتاج الا القليل من الاهتمام والتسديد لترتقي الى مصاف الاسماء الامعة ...
النوع الثاني : هناك اقلام تكنز الكثير من المشاعر المكبوت ولها القدرة على تغيير اشياء كثير .. وان وجدت متسع من المجال والاهتمام لأبدعت ابداع أظن ان (منتديات درر العراق) ستحسد عليهم لما يحملون من جزالة وثقافة واناقة وجمال وان خير جهد هو ما يصدر من المرء نفسه قد بان فيه جهده وفاضت على جانبيه عذب مشاعره وفاحت في ارجاءه عطر ما انشأ وكتب ...
ان الذي يتمرس الكتابة وحبك حرفتها يرى نفسه حين يكتب كالذي أجتاز بساتين النخيل والاشجار ، وروضات الازهار والورود بأنواعها الفاتنة... واستنشق عبير الورد من بين روابي اقحوانها العطر" ... ورأى مياه الجداول وجريان السواقي طافحة بعذب فراتها الصافي .. كأنه يسمع تلاحين اطيارها تباعاً ... واهازيج البلابل وترديد الحمائم وصداح القماري وغناء العنادل وشدو الهزار بالنغمات المطربة والاطوار المهيّجة... ويمرح ويلتذ بنسيم الحقول التي يمر على الانوار النافحة بالمسك فيحمل اريج الورد...
عندما يرى من يطرب ويشد على روحه بردٍ جميل وكلام اصيل :انه مكافأته على ما كتب ... حينئذ تعلوه بهجة من البِشْرِ والارتياح ويكتسى حللا من الفرح و الانشراح وينتعش برحيق الهناء ، في دنيا خاصة به كالمنتعش بنشوة ربيع العمر وربيع الزمان الى غير ذلك من الطاف ومنح ... تغمره باللذة والسرور ... وتملك قلبه بها يا صاحب الرد الجميل .. فأن صاحب الرد الجميل في روعة حسنه ووقع نغمه وطيب عبقاته وسامى مكانته. سيكون مهيمن يسيطر على الافكار ... ويتضح كم يحمل الراد من الفكر الصائب والذوق السليم.
لقد ألهم كل قلبٍ لبيب مرهف الحس الى حب الكتابة بشعرها ونثرها و المتغلغل في نفوس البلغاء ... والاتقياء .. و المحبين الاوفياء ...
ان الكلمة يا احبابي اعظم معاجز الله تعالى .. اعظم من ملك سليمان وخاتمه .. ومعاجز الكليم موسى وعصاه ..وحكمة روح الله عيسى وانجيله ... لا تعجبوا اوليس اعظم معجزة انزلها العلي العظيم معجزة القران الكريم الذي انزله على حبيبه المصطفى الامين ... وهو فيه من المعاجز والاثار ما حارت به الافكار ... وقد يرتقي الانسان الكامل وهو مولانا رسول الله المصطفى محمد صلى الله عليه وآله وسلم الى اسمى من عقولنا فيكون كلامه سنة لنا ... ويرقى كذلك نفس رسول الله وباب مدينة علمه مولانا امير المؤمنين علي بن ابي طالب عليه السلام ليقول فيه من قرأ له : (كلام علي اقل من كلام الخالق وفوق كلام المخلوق ) .. ويكفينا بهما اسوة حسنة لنحترم ما نكتب ... ونوقر الكلام الجميل فنرد عليه برد يستحقه ... فليس من وضع صورة يقال له (عاشت الايادي) او (شكراً) .. وكذلك من اعتصر اجمل تعابيره وسطر لنا ارقى مشاعره نقول له (كذلك) !! ( أنها اذن قسمة ضيزى)!! قد نخسر اعزاء على قلوبنا ... و يبقى المبدعون بيننا ... ان لم نحترم ابداعهم ... واستميح بعد كل هذا عذركم وارجو ان لا يكون كلامي قد مس كبريائكم ... ما كنت اكتب ما سطرت لولا حبي لكم واحترامي لـ(درركم ) لأنها تمثل (درر العراق ) والعراق ارض البداية والنهاية فعليه يجب ان يكونوا دررها ارقى اناسها ...خالص دعائي لكم ... ارجو دعائكم ...
===&&&===
نوح السائح
الجمعة 14 ت2 2014