اثنان يأمران الإنسان بفعل السوء: النفس والشيطان! قال تعالى: {إِنَّ النَّفْسَ لأَمَّارَةٌ بِالسُّوءِ إِلاَّ مَا رَحِمَ رَبِّي} [يوسف: 53]، وقال: {وَلاَ تَتَّبِعُوا خُطُوَاتِ الشَّيْطَانِ إِنَّهُ لَكُمْ عَدُوٌّ مُبِينٌ * إِنَّمَا يَأْمُرُكُمْ بِالسُّوءِ وَالْفَحْشَاءِ وَأَنْ تَقُولُوا عَلَى اللَّهِ مَا لاَ تَعْلَمُونَ} [البقرة: 168، 169]؛ لهذا علَّمنا رسول الله صلى الله عليه وسلم أن نستعيذ منهما جميعًا كل صباح ومساء؛ فقد روى الترمذي -وقال الألباني: صحيح- عن أَبِي بَكْرٍ الصِّدِّيقِ رضي الله عنه قَالَ: يَا رَسُولَ اللَّهِ؛ عَلِّمْنِي مَا أَقُولُ إِذَا أَصْبَحْتُ وَإِذَا أَمْسَيْتُ. فَقَالَ: "يَا أَبَا بَكْرٍ قُلْ: اللَّهُمَّ فَاطِرَ السَّمَوَاتِ وَالأَرْضِ عَالِمَ الغَيْبِ وَالشَّهَادَةِ لاَ إِلَهَ إِلاَّ أَنْتَ رَبَّ كُلِّ شَيْءٍ وَمَلِيكَهُ، أَعُوذُ بِكَ مِنْ شَرِّ نَفْسِي، وَمِنْ شَرِّ الشَّيْطَانِ وَشِرْكِهِ، وَأَنْ أَقْتَرِفَ عَلَى نَفْسِي سُوءًا أَوْ أَجُرَّهُ إِلَى مُسْلِمٍ". وزاد في رواية أخرى صحيحة للترمذي: "قُلْهَا إِذَا أَصْبَحْتَ، وَإِذَا أَمْسَيْتَ، وَإِذَا أَخَذْتَ مَضْجَعَكَ".


فهذه استعاذة من شرِّ النفس والشيطان، وقد عَلَّمها رسول الله صلى الله عليه وسلم لأبي بكر رضي الله عنه، وهو أفضل الصحابة، فنحن إلى ذلك أحوج، وكلمة "شِرْكِهِ" التي جاءت في الحديث تعني ما يمكن أن يقود إليه الشيطان من الشِّرْكِ بالله، وقد وردت في روايات أخرى بتشكيل مختلف؛ وهو "شَرَكُه"؛ أي بفتح الشين والراء، وهذا يعني حبائل الشيطان ومكائده، والمعنيان صحيحان، فلْنحفظ هذا الدعاء الجميل، ولْنردِّده في ثلاثة أوقات يوميًّا: مرة في الصباح، وأخرى في المساء، وثالثة عند النوم.


ولا تنسوا شعارنا: {وَإِنْ تُطِيعُوهُ تَهْتَدُوا} [النور: 54].

د/راغب السرجاني