جزيرة “كمران” هي أحد أهم الجزر اليمنية التي تحتوي علي الكثير من الأسرار، فهي الجزيرة التي اُختيرت ذات يوماً لتكون المكان الذي قضت فيه ملكة بريطانيا “إليزابيث الثانية” شهر العسل، نظراً لتمتعها بالعديد من المقومات التي جعلتها محط أنظار المستثمرين والسياح بالعالم، وذلك بفضل ما تمتلكه من مناخ متنوع وطبيعة خلابة وبيئة نقية خالية من التلوث، بالإضافة إلي كونها وعاءً لخليط مُذهل من الأسماك والحيوانات البحرية، كما أنها تحتوي علي العديد من المعجزات التي لا زالت تبحث عن من يفك طلاسمها حتى الآن، وهي أحد الجزر اليمنية المرشحة بقوة لإعلانها كمحمية طبيعية.
من المعروف عن جزيرة “كمران” أنها تصنف ضمن أكثر المناطق اليمنية التي تعرضت للاحتلال طوال الفترات السابقة، إذ احتلها البرتغاليون عام 1513م، ومن بعدهم المماليك عام 1515م، ثم عاد إليها البرتغاليون مرة أخرى عام 1517م بقيادة “لوب سوليز”، ومن ثم احتلتها بريطانيا عام 1867م، إلا أن تم طردهم من قبل العثمانيون عام 1882م، وقد قاموا العثمانيون بتأسيس محجرًا صحيًا للحجاج، ولكن سرعان ما عادت القوات البريطانية لاحتلالها مجددًا في الحرب العالمية الأولي، حتى تم إجلاؤهم منها عام 1967م. وقد قام الاحتلال البريطاني بإنشاء “مطار كمران” في عام 1932م، وكانت تنطلق منه الطائرات الحربية لضرب مينائي “مصوع و أسمره” أثناء حربها مع الايطاليين، وشهد مطار كمران عام 1940م نشاطًا تجارياً كبير من خلال فتح الخط المدني الجوي الذي ربط الجزيرة بمدينة “عدن” اليمنية.
وتقع جزيرة كمران في البحر الأحمر على بعد حوالي 6 كم من مدينة أو ساحل الصليف، وعلى بعد ميل بحري من شمال رأس عيسى “ميناء تصدير النفط” ، والجزء الجنوبي للجزيرة يعتبر شبه ملاصق للبر الشرقي ورأس عيسى، وتبلغ مساحتها حوالي 101 كم2 ويصل عدد سكانها نحو 11 ألف نسمة، أرضها رملية منخفضة، إذ لا يزيد ارتفاع أعلى قمة فيها عن 24 متراً ويبلغ طول الجزيرة حوالي 5,22 كيلو متراً ومتوسط عرضها 10 كيلو مترات.
وفي هذه الجزيرة ثمة الكثير من المعالم الأثرية أهمها “قلعة كمران”، التي تُرجح كثير من المصادر أنها تعود إلى فترة الاحتلال الفارسي للجزيرة عام 620 م، وقد تم تجديد بنائُها على فترات متلاحقة منها عام 1517م أثناء الحملة البرتغالية، وتتكون القلعة من عدة غرف متفرقة تحيط بها متاريس، ويوجد بها مخازن لحفظ الحبوب والطعام وبها بئر ماء بالإضافة إلى نفق طويل. وبالإضافة إلى ذلك فأن الجامع الكبير بالجزيرة يعد من أهم المعالم التاريخية والأثرية، وترجح العديد من المصادر بداية تأسيسه إلى “حسين الكردي” قائد الحملة المملوكية على اليمن عام 921 هـ – 1515م، ثم شهد بعدها الجامع عمليات تجديد متكررة وتوسيع كان آخرها عام 1948م من قبل الملك فاروق ملك مصر السابق عند زيارته للجزيرة. وكذلك يعتبر مسجد الجبانة من المعالم الهامة هناك ويعود تاريخ إنشائه إلى فترة تواجد المماليك في الجزيرة، واُنشأ خصيصاً لصد حملات البرتغاليين القادمة من جنوب البحر الأحمر عام 1515م.وتزخر الجزيرة بالكثير من مظاهر الجمال البيئي والمقومات الطبيعية والسياحية، حيث تتمثل مقوماتها في طبيعتها الخلابة ذات الغابات الكثيفة التي تغطيها أشجار المانجروف، وشواطئها الرملية ذات اللون الذهبي والتي تغطي شمالها وجنوبها وشرقها وغربها، بالإضافة إلى مياه صافية غير ملوثة، وكذلك بيئة بحرية خالية من أي تلوث، حيث تحتوى على شعاب مرجانية فريدة من نوعها، كما تضم الجزيرة أحياء ونباتات وأسماك لا حصر لها إضافة إلى تعدد مناطق الغوص فيها، كما أنها تعد ذات بيئة غاية في الجمال والروعة نتيجة لارتباطها بالعديد من الجزر القريبة منها والمسماة بجزر “أرخبيل كمران”، ومن أهم عوامل الجذب السياحي للجزيرة هي “أشجار الشورى” الواقعة شمال الجزيرة والتي تصل مساحتها إلى أكثر من 30 كم2، وكذلك الطيور المهاجرة والمستوطنة هناك.
وتتواجد الشعاب المرجانية في جنوب وغرب الجزيرة مع قلتها وندرتها في شرق الجزيرة وشمالها، حيث تشهد بيئة الشعاب المرجانية تنوع سمكي كبير جعل الجزيرة من أهم المصائد السمكية خاصة مصائد أسماك الزينة في اليمن، وتعد شواطئ جزيرة كمران الجميلة والساحرة من أهم مقومات الجذب السياحية للجزيرة، وأبرزها شواطئ “مطير غرب الجزيرة وشواطئ التويس شمال شرق الجزيرة و شواطئ الصياد النائم شمال شرق الجزيرة شواطئ مكرم غرب الجزيرة وشواطئ السليلة جنوب الجزيرة”، وتعد مراسيها وأرصفتها البحرية من أهم مقومات التنمية السياحية والاقتصادية والاجتماعية هناك، ومن أهمهم “مرسى فرهه، مرسى مطير غرب الجزيرة، رصيف يرتجي باقيس بالساحل الشرقي للجزيرة، مرسى مكرم غرب الجزيرة، رصيف المتجرة شرق الجزيرة، مرسى المحاسير، رصيف المشجاح على الساحل الشرقي للجزيرة، مرسى الشورى شمال الجزيرة ورصيف القسم شمال غرب الجزيرة، ويحيط بالجزيرة عدة مناطق للغوص وهى تعتبر ذات جذب سياحي كبير، ومن أهم هذه المواقع “جنوب الجزيرة، مواقع الغوص أمام جنوب غرب فرهه، مواقع الغوص في منطقة شواطئ المحاسير، مواقع الغوص في منطقة المبخره.
ويمثل عامل الأمن بالجزيرة أبرز عناصر الجذب إليها كبقية الجزر اليمنية، وإن كانت الخدمات ألأساسية والاجتماعية بالجزيرة في أمس الحاجة إلى التطوير، وكانت الجزيرة حسب المعلومات تُدعى بالماضي” قمران”، لظهور انعكاس ضوء القمر على سطح بحرها فيشاهد وكأنه قمران وليس قمراً واحداً، إلى أن أصبح يطلق عليها “كمران”، ومكانتها التاريخية وموقعها الاستراتيجي التي كانت تحتلها الجزيرة، جعلت الملكة البريطانية “إليزابيث الثانية” تختار جزيرة “كمران” لتقضي بها شهر العسل في مطلع خمسينيات القرن الماضي، بعد أن طلبت أن تقضي شهر العسل في جزيرة تتمتع بأجواء طبيعية نقية وأن تكون تحفة طبيعية لا مثيل لها في العالم، ليجد المكلفون بالأمر أن جزيرة “كمران” هي الجزيرة التي وصفتها الملكة لتقضي فيها أجمل أيام العمر، وما يزال يوجد قصر الملكة البريطانية “إليزابيث الثانية” الذي قضت فيه شهر العسل، وهو قصر أثري يجذب كثيراً من السياح والزوار لمكانته التاريخية، إلا أن إهماله حوله إلى خرابه غابت عنه رمزيته التاريخية السابقة، بالرغم من وجود توصيات من وزارة الثقافة اليمنية بتحويله إلى قرية سياحية، كما يوجد في الجزيرة معالم أثرية تاريخية قديمة تحول “كمران” إلى واجهة سياحية عالمية إذا ما رممت وتم إعادة تأهيلها وتطويرها والاهتمام بها والحفاظ عليها.