يحمل مرض الوردية اسماً جميلاً، ولكنه يعتبر عدواً لدوداً للجمال؛ لأنه يشوه مظهر البشرة ويُفقدها نضارتها وإطلالتها المشرقة.
وصحيح أنه لا يمكن الشفاء من مرض الوردية غير المُعدي، إلا أنه يمكن السيطرة عليه والتخفيف من متاعبه من خلال العناية السليمة بالبشرة.
وقال طبيب الأمراض الجلدية الألماني إنغو شوغت إن الوردية هو مرض جلدي التهابي مزمن، يرتبط عادةً بظهور عقيدات وبثور على الوجه، وغالباً ما يبدأ ببطء من خلال ظهور احمرار متزايد بالوجه، الذي يشبه إزهار النبات والورود،
ومن هنا يأتي اشتقاق اسم الوردية. وأضاف شوغت قائلاً: "على الرغم من وجود صلة مع حب الشباب بشكل أساسي، إلا أن مرض الوردية يعتبر مرضاً مستقلاً بذاته".
وأشارت الصيدلانية الألمانية تونيا فون زيلين إلى أن أسباب الوردية لم تتضح بشكل علمي حتى الآن، موضحة: "يرجع الالتهاب والطفح الجلدي في حال الوردية إلى عدة أسباب،
قد يكون منها الاستجابة المفرطة لجهاز المناعة". وفي هذه الحالة تعشش "الدويدة الجُريبية"، والتي توجد بشكل طبيعي في بشرة الإنسان، بأعداد أكبر من المعتاد.
اضطراب الأوعية
بالإضافة إلى أن مرض الوردية ربما يظهر بسبب اضطراب في الدورة الدموية بالأوعية الدموية في منطقة الوجه"، كما أنه قد يرجع إلى عوامل وراثية أو نتيجة لحدوث تغيرات هرمونية.
ويعتبر الأشخاص البالغون، الذين تتراوح أعمارهم بين 30 و50 سنة، من أصحاب البشرة الفاتحة اللون أكثر عُرضة للإصابة بالوردية مقارنة بأصحاب البشرة الداكنة.
وأوضح الطبيب الألماني شوغت أن مرض الوردية يمر بعدة مراحل، ففي البداية يظهر احمرار، وبعد ذلك تتكون البثور،
وفي النهاية قد تحدث التهابات شديدة. وفي بعض الأحيان لا يقتصر مسار المرض على ظهور احمرار بالأنف، ولكن تظهر بعض العقد المتغلظة.
وهناك بعض العوامل التي تساعد على تفاقم أعراض الوردية مثل احتساء المشروبات الكحولية وتناول الأطعمة الحريفة أو نتيجة الوقوع فريسة للإجهاد والضغط العصبي.
ونظراً لأن الاستجابة تختلف من مريض لآخر، فإنه يتعين على كل شخص معرفة الأشياء التي تؤدي إلى تفاقم أعراض المرض لديه ومحاولة تجنبها؛ حيث ينبغي مثلاً تجنب التعرض لأشعة الشمس أو الذهاب لحمامات الساونا.
تنظيف البشرة
وينصح شوغت بضرورة تنظيف بشرة الوجه برغوة تنظيف معتدلة ومحايدة الأُس الهيدروجيني، وبعد ذلك يمكن على سبيل المثال وضع الكريمات المضادة للالتهابات.
وشدد طبيب الأمراض الجلدية الألماني على ضرورة الابتعاد تماماً عن كل مستحضرات العناية الغنية بالدهون؛ نظراً لأنها تؤدي إلى تفاقم أعراض المرض.
وأضافت تونيا فون زيلين أنه غالباً ما يوصف حمض الأزيليك كجل لمرضى الوردية. علاوة على أن مركب ميترونيدازول، والذي يتوافر في شكل كريم أو جل،
قد يساعد على التخفيف من حدة الاحمرار والبثور. ويمكن للسيدات استخدام مكياج التمويه من أجل إخفاء أعراض الوردية.
وأشار شوغت إلى أن مراهم الكورتيزون تمثل خياراً للعلاج في الحالات الخاصة فقط، مثل حالات الوردية المصحوبة بالتهابات حادة. وأرجع الخبير الألماني سبب ذلك إلى أنه على الرغم من أن الكورتيزون يساهم في تحسين مظهر البشرة لدى مرضى الوردية،
إلا أنه يؤدي إلى تفاقم الأعراض عند التوقف عن استعماله.وإلى جانب العناية السليمة بالبشرة، يصف الأطباء للمرضي بعض الأقراص حسب مرحلة المرض. وتعمل هذه الأقراص على تعزيز الدورة الدموية في البشرة والتخفيف من التورمات.
تدليك الوجه
وهناك العديد من مراكز التجميل المتخصصة التي تقدم جلسات تدليك للوجه. وأوضحت اختصاصي التجميل الألمانية ريناته دونات قائلةً:
"تتم عملية التدليك بأطراف الأصابع مع ممارسة ضغط قوي أو ضعيف حسب منطقة الوجه التي يتم تدليكها.
كما يتعلم مرضى الوردية كيفية إجراء عمليات التدليك بأنفسهم في المنزل في الفترة ما بين جلسات التدليك في مراكز التجميل المتخصصة.
وأضافت دونات أن التدليك عبارة عن تمرين مكثف للأوعية الدموية، كما أنه يعتبر من الأمور المهمة للحفاظ على صحة البشرة.
وأشار الطبيب الألماني شوغت إلى أن المريض الذي يعاني من عقيدات سميكة في الأنف بسبب الوردية، فإنه لا يمكن التخلص منها إلا عن طريق التدخل الجراحي أو العلاج بالليزر.
ماء البلسان
وتنصح دونات باستعمال ماء زهرة البلسان كغسول للوجه، حيث أنه يساعد على التخفيف من حدة الاحمرار،
وبالإضافة إلى ذلك يمكن استعمال كمادات ليست ساخنة للغاية مع وضع ثلاث إلى أربع قطرات من زيت شجرة الشاي أو اللافندر؛ حيث تمتاز هذه الزيوت بتأثير مطهر وخصائص تساعد على الشفاء.
ومع ذلك شدد الطبيب الألماني شوغت على ضرورة على أن يتوخى مرضى الحساسية الحذر عند استعمال الكريمات المحتوية على زيت شجرة الشاي؛ نظراً لأن هذه المستحضرات تشتمل على مركبات قد تسبب حساسية تلامسية.
وأضاف شوغت أنه يمكن عن طريق استعمال كمادات مبللة بشاي أسود بارد التحفيف من أعراض الوردية بشكل أفضل، دون التعرض لاحتمالية ظهور الحساسية.
وأكد الطبيب الألماني أنه يمكن علاج الوردية بشكل جيد، ولكن الأمر يحتاج إلى الصبر في أغلب الأحيان حتى يظهر التحسن على البشرة.