علم النجوم في القرآن الكريم
قال تعالى : ( وكذلك نري إبراهيم ملكوت السموات والأرض وليكون من الموقنين )
وقال تعالى : ( فنظر نظرة في النجوم ، فقال إني سقيم )
وقال تعالى : ( ولقد جعلنا في السماء بروجا وزيناها للناظرين )
وقال تعالى : ( تبارك الذي جعل في السماء بروجا )
علم النجوم في الروايات الشريفة
عن الكاظم عليه السلام قال : خلق الله عالمين متصلين ، فعالم علوي وعالم سفلي ، وركب العالمين جميعا في ابن آدم وخلقه كرويا مدورا ، فخلق الله رأس ابن آدم كقبة الفلك ، وشعره كعدد النجوم ، وعينيه كالشمس والقمر ، ومنخريه كالشمال والجنوب ، وأذنيه كالمشرق والمغرب ، وجعل لحمه كالبرق ، وكلامه كالرعد ، ومشيه كسير الكواكب ، وقعوده كشرفها ، وغفوه كهبوطها ، وموته كاحتراقها ، وخلق في ظهره أربعة وعشرين فقرة كعدد ساعات الليل والنهار ، وخلق له ثلاثين معا كعدد الهلالين ثلاثين يوما ، وخلق له اثني عشر وصلا كعدد السنة اثني عشر شهرا ، وخلق له ثلاثمائة وستين عرقا كعدد السنة ثلاثمائة وستين يوما ، وخلق له سبعمائة عصبة واثني عشر عضوا وهو مقدار ما يقيم الجنين في بطن أمه ، وعجنه من مياه أربعة فخلق المالح في عينيه فهما لا يذوبان في الحر ولا يجمدان في البرد ، وخلق المر في أذنه كي لا تقربها الهوام ، وخلق المني في الظهر لكي لا يعتريه الفساد ، وخلق العذب في لسانه ليجد طعم الطعام والشراب ، وخلقه بنفس وجسد وروح ، فروحه التي لا تفارقه إلا بفراق الدنيا ، ونفسه التي تريه الأحلام والمنامات ، وجسمه هو الذي يبلى ) . من كلام للكاظم عليه السلام لهارون : والله تعالى مدح النجوم فلولا أن النجوم صحيحه ما مدحها الله ، والأنبياء كانوا عالمين بها ، قال تعالى في سورة الأنعام ( وكذلك نري إبراهيم السموات والأرض وليكون من الموقنين ) ، وقال : ( فنظر نظرة في النجوم ، فقال إني سقيم ) فلو لم يكن عالما بالنجوم ما نظر فيها ، ولا قال إني سقيم ، وإدريس كان أعلم أهل زمانه بالنجوم ، والله أقسم بمواقع النجوم ، وقال ( فالمدبرات أمرا ) يعني بذلك اثني عشر برجا ، وسبع سيارات ، وبعد علم القرآن لا يكون أشرف من علم النجوم ، وهو علم الأنبياء والأوصياء الذين قال فيهم ( وعلامات وبالنجم هم يهتدون ) ونحن نعرف هذا العلم وما ننكره . عن أبي بصير قال : رأيت رجلا يسأل أبا عبدالله ( ع ) عن النجوم ، فلما خرج من عنده قلت له : هذا علم له أصل ؟ قال : نعم . وروي في بحار الأنوار : سئل أبي عبدالله ( ع ) عن النجوم هي حق ؟ قال : نعم ، فقيل له : وفي الأرض من يعلمها ؟ قال : نعم . وقيل له : جعلت فداك أخبرني عن علم النجوم ما هو ؟ قال : هو علم من علم الأنبياء ، قيل فقلت : كان علي بن أبي طالب يعلمه ؟ فقال : كان أعلم الناس به .
علي بن أبي طالب ( ع ) أعلم الناس بالنجوم
ومن ألقابه عليه السلام ( كبير المنجمين ) ، روي أنه استقبل الدهقان – وفي رواية أنه مرخان بن شاسوا – من المدائن إلى جسر بوزان ، فقال له : يا أمير المؤمنين تناحست النجوم الطالعات وتناحست الصعود بالنحوس ، فإذا كان مثل هذا اليوم وجب على الحكيم الإختفاء , ويومك هذا يوم صعب قد اقترن فيه كوكبان ، وإنكفأ فيه الميزان ، وانقدح من برجك النيران ، وليس الحرب لك بمكان ، فقال أمير المؤمنين عليه السلام : أيها الدهقان النبئ بالآثار المخوف من الأقدار ماكان البارحة صاحب الميزان ؟ وفي أي برج كان صاحب السرطان ؟ وكم الطالع من الأسد والساعات في الحركات ؟ وكم بين السراري والزراري ؟ فقال سأنظر في الإصطرلاب ، فتبسم أمير المؤمنين عليه السلام وقال له : ويلك يا دهقان أنت مسير الثابتات ؟ أم كيف تقضي على الجاريات ؟ وأين ساعات الأسد من المطالع ؟ وما الزهرة من التوابع والجوامع ؟ وما دور السراري المحركات ؟ وكم قدر شعاع المنيرات ؟ وكم التحصيل بالغدوات ؟ فقال : لا علم لي بذلك يا أمير المؤمنين ، فقال له ( ع ) : يا دهقان هل نتج علمك أن انتقل بيت ملك الصين ، واحترقت دور بالزنج ، وخمد بيت نار فارس ، وانهدمت منارة الهند ، وغرقت سرانديب ، وانقض حصن لاأندلس ، ونتج بترك الروم بالرومية - وفي رواية – البارحة وقع بيت بالصين ، وانفرج برج ماجين ، وسقط سور سرانديب ، وانهزم بطريق الروم بأرمينية ، وفقد ديان اليهود نايله وهاج النمل بوادي النمل ، وهلك ملك افريقيا ، أكنت عالما بهذا ؟ قال : لا يا أمير المؤمنين . وفي رواية : أظنك حكمت باختلاف المشتري وزحل ، إنما أنارا لك في الشفق ، ولاح لك شعاع المريخ في السحر ، واتصل جرمه بجرم القمر ، ثم قال : البارحه سعد سبعون ألف عالم ، وولد في كل عالم سبعون ألفا ، والليلة يموت مثلهم ، وأومأ بيده إلى سعد بن مسعدة الحارثي وكان جاسوسا للخوارج في عسكره ، فظن الملعون أنه يقول خذوه ، فأخذ بنفسه فمات ، فخر الدهقان ساجدا ، فلما أفاق قال أمير المؤمنين عليه السلام : ألم أروك من عين التوفيق ؟ فقال : بلى ، فقال : أنا وصاحبي لا شرقيون ولا غربيون نحن ناشئة القطب وأعلام الفلك ، أما قولك ( انقدح من برجك النيران وظهر منه السرطان ) فكان الواجب أن تحكم به لي لا علي ، أما نوره وضياؤه فعندي ، وأما حريقه ولهبه فذهب عني ، وهذه مسألة عميقة أحسبها ان كنت حاسبا ، فقال الدهقان : أشهد أن لا إله إلا الله وأن محمد ( ص ) رسول الله ، وأنك علي ولي الله .
علم النجوم في التاريخ
كانت العرب تؤمن بذلك العلم ولعل ولادة نبينا محمد والأنبياء السابقين نوح وإبراهيم وموسى وعيسى صلوات الله عليهم قد دل عليها أخبار المنجمون ، ونبينا محمد ( ص ) ذكر مولده الشريف بمقتضى علم النجوم فقال : ولدت بالسماك ، أول خليفة قرّب المنجمين وعمل بأحكام النجوم واقتدى به أكثر الذين خلفوه هو المنصور العباسي ، وكانت صناعة النجوم رائجة عند الفرس ونبغ فيها جماعة تقرّبوا بها إليه أشهرهم نوبخت المنجم الفارسي كان مجوسياً وأسلم على يده وكان بارعاً في اقترانات الكواكب وحوادثها وكان يصحب المنصور حيثما توجه، ولما ضعف عن خدمته قال له المنصور: (احضر ولدك ليقوم مقامك) فأحضره وهو أبو سهل بن نوبخت وتوالى آل نوبخت في خدمة العباسيين وترجموا لهم كتباً في الكواكب وأحكامها وكانوا فضلاء ولهم رأي ومشاركة في علوم الأوائل فاهتم الناس من ذلك الحين في علم النجوم ومتعلقاته .
علم النجوم في حياتنا
عند نية شخص ما الزواج فانه يختار الليلة المناسبة وفقا للقمر حسب ما يحدده رجل الدين الذي سيقوم بعقد القران . روي في بحار الأنوار عن الإمام الصادق عليه السلام ( من سافر أو تزوج والقمر في العقرب لم ير الحسنى ) وعن الكاظم عليه السلام : من تزوج في محاق الشهر فليسلم لسقط الولد . وروي أنه قال رجلا لأمير المؤمنين عليه السلام ( إني أريد الخروج في تجارة لي وذلك في محاق الشهر ، فقال : أتريد أن يمحق الله تجارتك ؟ تستقبل هلال الشهر بالخروج ؟ )
حرمة تعلم علم النجوم
لكون علم النجوم كثيره لا يدرك وقليله لا ينفع ولا يجيد هذا العلم إلا من أطلعه الله على علمه وهم أمناء وحيه وخزان علمه المعصومون الأربعة عشر عليهم السلام ، فقد روي عن الصادق عليه السلام ( في السماء أربعة نجوم لا يعلمها إلا أهل بيت من العرب وأهل بيت في الهند ) ويقصد بالعرب أوصياء محمد ( ص) والهند أوصياء إدريس عليه السلام ، فلا أحد يستطيع الحكم بالتنجيم إلا بعد رصد الكواكب ومعرفة طبائعها ومزاجها والدرجات التي بينها وقد يبدل المنجم نتائج الكواكب الصحيحة إلى خاطئة إعتمادا على مزاجه أو ما تخبر الشياطين له ، كما أن هذا العلم يحتاج إلى الممارسة والتفرغ والخبرة ومن الصعب الإلمام به . قال أمير المؤمنين علي عليه السلام : ( أيها الناس إياكم وتعلم النجوم ، إلا ما يهتدي به في بر أو بحر ، فإنها تدعو الكهانة والكاهن كالساحر والساحر كالكافر والكافر في النار ) .