السياسي والتاجر ... كلاهما فاجر ...!!
===***====
لا يخفى على الجميع الحديث المشهور (التاجر فاجر حتى يتفقه) كون ان الذين ابتلاهم الله تعالى بالغنى والاموال الطائلة الذين جرت العادة على تسميتهم (تجار) بمختلف صفاتهم والجهات والاعمال التي يعملون بها حتى وان ورث امواله فهو عرفاً (تاجر) !!! وكذلك من عمل بما حرم الله او بما منع القانون !! وليس نحن من اتهم التاجر بالفجور بل هو الحديث الشريف ولا اعتقد بان هناك تاجر متفقهاً الا من هداه الله وقلما نجد مثل هذا النموذج على سطح الارض ..!! فلماذا التاجر فاجر ان لم يتفقه ؟! .. هذه الاجابة تكفلها القرآن الكريم باختصار دقيق وعميق وان كان عاماً لقوله تعالى (كَلَّا إِنَّ الْإِنسَانَ لَيَطْغَى * أَن رَّآهُ اسْتَغْنَى )) سورة العلق .. يعني ان الاستغناء بالمال يجعل الانسان طاغياً وليس فاجراً فحسب !! رغم انهُ استغناء وليس غِنى كما يعتقد البعض والفرق كبيراً جداً بين الغنى والاستغناء فان الغنى اصيل والاستغناء دخيل ... بمعنى اخر ان الله تعالى هو الغني المطلق .. وهو الواهب ... وان سواه مستغني وما هو بغني .. الا ان ما جُبِلَّ عليه الانسان من حب المال ((وَتُحِبُّونَ الْمَالَ حُبًّا جَمًّا)) (سورة الفجر) يجعله يتصور ان ما يمتلكه يجعله غنياً وليس مستغنياً !! وان المتملقين من الذين يحيطون بالتجار واصحاب الاموال يصورونهم مالكين حتى ينسى هؤلاء ان كل شيء فانِّ ...!! وان كل ما بين ايديهم صائرٌ لا محالة الى الزوال ... ويزينوا لهم سوء اعمالهم حتى يغدوا فجاراً ...!! وعملهم طغياناً .. الا من عصم الله والتزم بفقه يمنعه ودين يردعه وخلق يصده وقيمٌ انسانية ترفعه عن مستوى البهيمية وقانون الغاب ... فاذا تجرد التاجر عن هذه الصفات الحميدة واحاطته مجموعة من الحواشي المتملقة والنفوس الضعيفة وكأنها قرود تحت جلد بشر تقلب له الخير شر والشر خير .. فتجعله فاجراً لا يرد وطاغياً لايصد ... فيتحكم باقوات الفقراء ومصائرهم ويحول كل امواله الى ارتكاب المجازر ونشر الفساد في البر والبحر وخير مثال على ذلك اللوبي الصهيوني وكيف يتحكم بالعالم بأسره ... والتابعين له كقطر والسعودية ... كيف باموالهم قلبوا القيم السماوية والقواعد الانسانية والمكيال بمكيالين ..!! كيف صار (الجهاد) قتل المسلمين فعاثوا (مجاهديهم) بالارض فسادا وتقتيلا من لبنان الى افغانستان الى الصومال الى العراق وسوريا ..؟ كيف استطاعوا يتاجروا باموالهم بالدين وينقلوا (مجاهديهم) الى كل مكان الا مكان واحد لم يصلو اليه الا وهو ارض فلسطين المحتله ؟! لم نسمع بمجاهدا من هؤلاء المرتزقة توجه الى هناك .. لماذا ؟!! لأن التجارة الصهيونية تلتقي مع تجارة الخونة وتسعى الى هدف واحد الا وهو الفجور والطغيان .. كما اثبتنا بالحديث والقرآن ...
ومن هذه المقدمة نستطيع ان نعرف كيف يكون السياسي والتاجر كلاهما فاجر .. اذا شابه التاجر بتصرفاته ما يعمله اللوبي الصهيوني في الارض ... واذا شابه السياسي ما يفعله الساسة الخونة من نشر الفساد وتحوير للدين والقيم الانسانية وجعل الجاني (مجاهدا) والمجني عليه(ظالماً ) ..!! وان المتتبع لما يجري على الساحة العربية عموماً ليقف مندهشاً كيف يكون نظام الحكم في سورياً مجرماً ويجب قتاله ؟ .. بينما يكون الشعب البحريني خارجاً على اولي الامر الحاكمين عليه بالطغيان والظلم ؟!! أي تجارة هذه التي تقلب دين الله وقيم الانسانية واي طغيان سياسي وفجور تجاري هذا؟
ونزولاً الى ما نعانيه في الساحة العراقية سنجد ان عنوان موضوعنا اوضح تطبيقاً واكثر وضوحا عندنا ... فقد اشتركا السياسي والتاجر في الفجور والطغيان على البلاد والعباد بدءاً من الاشتراك بحجب مفردات البطاقة التموينية حتى عادت حُلماً ان تصل الى ايدي الفقراء بكل مفرداتها بينما امتلأت السوق العراقية بكل انواع المواد الغذائية باسعار تجارية ثقيلة على كاهل المواطن العادي ... خفيفة على السياسي والتاجر لما يملكون من ميزانية (انفجارية) ..!! ويستمر تقاسم الفجور بينهما في مختلف سبل الحياة العامة والخاصة ..!! حيث ان كلاهما يستطيع تجاوز القانون فأن التاجر يستطيع ان يشتري بامواله الذمم الرخيصة فيشيع الفساد الاداري والسياسي مثله لا يعاني في المراجعات الروتينة القاهرة للمواطن البسيط فكلاهما لا يشكوا من الروتين لأن أي وثيقة يحتاجها ومن أي دائرة كانت تأتيه الى بيته وهو معزز ومُكرم !! اما المواطن فأنه يعاني الامرَّين لكي يثبت عراقيته ويحصل على هوية الاحوال المدنية (الجنسية ) او شهادة الجنسية او جواز السفر او أي وثيقة اخرى ..!! يطبق القانون بكل حذافيره وابسط تفاصيله وفوقه الروتين المملل والوجوه الكالحة من الموظفين الذين لا يعيرون المواطنة حقها بل على العكس من ذلك يرون انفسهم متفضلين على هذا المواطن المسكين حين يؤجلونه اسبوع بعد اسبوع وشهرا بعد شهر وعاما بعد عام !! اما التاجر فمن السهل عليه شراء ذمة الكثير من هؤلاء ليأتيه كل ما يحتاج اليه الى داره دون المرور بمراحل التعقيد التي يمر بها المسكين البسيط (المواطن) .. والسياسي يحصل على ما يريد بطرق شبيه او اقل تعقيد من التاجر ..!! والاعتى والامر من ذلك لقد تداخلت مصالح التجار مع مصالح السياسيين حتى غدا التاجر سياسياً والسياسي تاجراً ... وصارت هذه المصالح تتحكم بمصير العباد والبلاد من الوضع الامني الى الوضع الاقتصادي والاجتماعي وملقاتها وما يرتبط بها ... الانتخابات ابدع بها هذا الثنائي ابداعا قل نظيره في العالم وما انتخابات مجالس المحافظات الاخيرة ببعيدة عن ذهن أي فرد عراقي .. السياسي والتاجر كلاهما طبقة ارستقراطية جديدة افرزتها مرحلة التغير الجذري للدكتاتورية الصدامية المقبورة المقيتة ... وفي كلا الحالتين المتضرر الوحيد هو المواطن البسيط ... الذي يبحث عن لقمة عيش شريفة وفرصة عمل عفيفة وسقف يؤويه هو وعياله وامن يدب في بلاده وموظف شريف لا يرتشي وينظر اليه بعين الانسانية وبعين المواطنة .. المواطن المسكين هو الوحيد الذي تحت القانون وعليه يطبق اما ثنائي الفجور والطغيان فكلاهما فوق القانون ...!! يشترون كل شيء حتى الامن والبشر وبايديهما مفاتيح الشر ... ونعود لنقول يستثنى من ذلك من تفقه فان السياسي او التاجر ان خاف ربه وتعامل برحمة مع العباد ... فان من رحم العباد رحمه الله فقد جاء بالحديث الشريف (ارحموا من في الارض يرحمكم من في السماء ) ... ولا نصدق بان هناك سياسياً او تاجراً متفقها الا حينما نراهما يقفان في الصفوف الطويلة في المراجعات للدوائر الرسمية ... اويطبق القانون عليهما كما يطبق على المواطن المسكين ... او يستغنيان هما وعوائلهما عن مولداتهما الكهربائية ويعيشا مع الشعب غم الحر وهم الظلام ومأساة التماس الكهربائي وحوادثه المميتة وحرائقه المستمرة !! وهذا من المستحيل ..!!
نوح السائح
2014