كيف يعمل عقلك الباطن مثل الكومبيوتر ؟!
أن عمل العقل الباطن يشبه الكومبيوتر الذي صتعه الإنسان ,لأن العقل الواعي يوجهوظائفه وتصرفاته .
والعقل الباطن هو آلية إلكترونية معقدة تسعى وراء تحقيق الأهدافوهو يشبه في عمله أكثر ما يشبه الكومبيوتر , وكلنه أكثر تعقيداً وتفاعلاً من أكثر أجهزة الكومبيوتر تعقيداً التي قد يتوصل إليها الإنسان .
وكما قال أحدالعلماء الأجلاء : "يعمل العقل الباطن مثل الكومبيوتر , ولكن لا يوجد أي كومبيوتر يشبه العقل الباطن" . وقد ذهب هذا العالم إلى القول بأنه لنيتمكن العلم في أي وقت في المستقبل من التوصل إلى جهازالكومبيوتر يقترب من مضاهاة العقل الباطن .
حتى لو تم تصنيع جهاز كومبيوتر متطور ومعقد ومركب وقادرعلى التفاعل مثل العقل الباطن ,فإنه سيظل دائماً في حاجة إلى العقل الواعي لتشغيله . كما أن الكومبيوتر لا يوجد بداخله عقل واع يوجه تصرفاته كما يفعل العقل الباطن عند الإنسان .وكذلك لا يمكن للكومبيوتر وضع مشاكل مبتكرة لنفسه , كما أنهيفتقر إلى الخيال وإلى تحديد أهداف لنفسه , كما أنه بلامشاعر تساعده على اتخاذ القرارت الأخلاقية . إذن الكومبيوترالذي صنعه الإنسان يعمل فقط على البيانات التي يتلقاها من الخارج التي يمده بها الإنسان الذي يشغله .
وعلى الرغم من أن العقل الباطن يعمل في بعض المناحي بسرعه ودقة أقل من الكومبيوتر , فهذا يرجعببساطة إلى أن البشر ليسوا آلات , لذا يخضعون لكلالمشاعر والعواطف التي يعرضهم لها العقل الواعي حتى إن أكثر أجهزة الكومبيوتر تقدماً لن تحظى بأي فرصة عند مقارنتهابالقدرة الهائلة للعقل الباطن على أكثر المهام الموكلة إليهصعوبة . وفي كل الأحوال فإن الكومبيوتر هو فكرة ولدت في عقلالإنسان وليس العكس .
على الرغم من أن هذا الكلام سيعلمك كيفية استخدام القوة الكامنة لعقلك الباطنلتحقق النجاح في كل ما تصبو إليه , فإنني أرغب في أن تستغل هذا الجزءالصغير ليقدم لك الحقائق الأساسية والرئيسية حول كيفية استخدام العقل الباطن لتحقيق الأهداف التي توكلها إليه.
والآن سأقدم لك مثالاًشديد البساطة , وهو إطعامك لنفسك , فأنت قادر على تحقيق هدف الإطعام نتيجة لبرمجة العقل الباطن على هذه العادة عدة مئات من المرات , لذا فأنتلست بحاجة إلى أن يوجه عقلك الواعي عقلك الباطن إلى أخذالشوكة من الطبق ووضعها في فمك .
كما أنك لست في حاجة إلى التفكير في العضلات التي ينبغيتحريكها لتحقيق هدف الأكل , لأنعقلك الباطن مبرمج نتيجة للخبرة السابقة على أداء الحركات المناسبة لنقل الطعام من الطبق إلى فمك دون أي تدخل من العقل الواعي . كما أنك لستفي حاجة إلى استخدام عينيك لأرشاد الشوكة إلى مكان فمك .فقد أصبحك تلك الحركة تلقائية .
غير أن هذه المعلومة لا تنطبق على الطفل عند تعليمهتناول الطعام بنفسه . فالطفل ينثرالطعام على وجهه وهو يحاول الوصل إلى فمه . وبعد مضي فترات من الوقت والتي تمر على الأبوين المتعجلين يتعلم الطفل كيفيتناول الطعام بمفرده دون بعثرته .
كل ما أرمي إليه هو تقديم مثال بسيط لأريك أنه بمجرد أنيصدر عن العقل الباطن استجابةصحيحة أو ناجحة , فإن هذا يعني أنه بإمكانك إعطاؤه أهدافاً محددة عن طريق العقل الواعي ويتم تخزين هذا الإجراء , ومن ثم يتم تذكره عندما تدعوالحاجة إلى لستخدامه في المستقبل .
يكرر عقلك الباطن هذا الاستجابة الناجحة في المحاولات المستقبلية بغض النظر عن طبيعتها مثل تناول الطعامأو ركوب الدراجة أو قيادة السيارة أو لعب التنس أوالجولف أو الإمساك بالكرة أو العزف على البيانو أو الجيتار أو أيشيء آخر . فقد تعلم أن يصدر الاستجابة المناسبة لأن هذا ما وجهه عقلك الواعي إليه . ويتذكر عقلك الباطن تجاربه الناجحة ويلغي التجارب الفاشلة , ويداومعلى تكرار التصرفات الناجحة بحكم العادة دون المزيد منالتفكير أو التوجيه من العقل الواعي.
وفي الواقع تكون نماذج العادات محفورة داخل عقلك الباطنحتى أنه يمكنه النجاح بسهولة _ وهو مغمضالعينين _ في تحقيق الأهداف التي أوكلها له العقل الواعي.فأنت لست في حاجة إلى المزيد من الإضاءة لتلمس انفك أوتحك أذنك أو تمسح عينيك أو لتضع الطعامفي فمك , لأنك تقوم بهذه الأشياء في الظلام تماماً كما يقوم به الكفيف, وذلك لأن عقلك الباطن يتذكر بالضبط مكان كل جزء منأجزاء جسمك .. سأضرب لك مثالاً آخر لكيفية استخدام العقل الباطن لتحقيق أهدافك بشكلتلقائي بمجرد تفكير أو توجيه بسيط من عقلك الواعي , لنأخذ أحدلاعبي البيسبول كمثال , اللاعب الذي يضرب الكرة مثلاً .
عندما يلمس المضرب الكرة ينطلق راكضاً اللاعب الذي سيمسكبالكرة دون تفكير من عقله الواعينتيجة للخبرة السابقة التي اعتاد عليها عقل ضارب الكرة , واضعاً في اعتباره اتجاه الكرة وسرعتها وسرعة الريحه واتجاهها وسرعهة عدو اللاعبليصل إلى النقطة المحددة ليمسلك بالكرة.
فإذا كنت أحد مشجعي البيسبول فقد شاهدت هذا الأمر يتكرر مراراً , فضارب الكرة يجعل الأمر يبدوسهلاً , نتيجة للمعلومات المخزنه في عقله الباطن والتي تجعلهيتصرف على هذا النحو . وتنطبق هذه الفكرة أو المبدأ على جميعالألعاب الرياضية مثل التنس والجولف والبولنج وغيرها . فقد تعلم كبار اللاعبين المحترفين كيفية الاسترخاء ليفسحوا المجال للعقل الباطن بأداء تلك المهمة.
حتى إن كانتلعبة الكرة التي تمارسها مع ابنك في ساحة المنزل الخلفية لا تتطلب أكثر من مجرد الإمساك بالكرة , فإنك لن تنظر إلى القفاز لتمسك بالكرة , حتى وإنكانت تمر من فوق رأسك ولا تستطيع رؤيتها . فأنت أمسكت بهابطريقة غريزية لأن عقلك الباطن أخبرك بالضبط أين ترفع قفازك لأنالخبرة السابقة تساعدك على الإمساك بالكرة .. عقلك الباطن شخصية مجهولة تماماً وهو غير قادر علىإصدار أي أحكام أخلاقية أو إقرار الفرق بين الصواب والخطأ أو الخير والشر , فهذه المسئولية تقع على عاتق العقل الواعي بمفرده .
وسيعمل عقلك الباطن تلقائياً وكشخص مجهول لتحقيق أهدافك التي حددتها له بغض النظر عن كونهاخيرية أو شريرة أو صواباً أو خطأ أو أخلاقية أو غير أخلاقية. تذكر أن الهدف الأساسي لعقلك الباطن ومسئوليته تنحصر فيتحقيق الأهداف , والأغراض التي حددها له عقلك الواعي .. فإذا كنت قد فكرت ولو للحظة واحدة لماذا وكيف ينجح بعض الأشخاص الأشرارفستعلم أن السر يكمن في العقل الباطن الذي حقق لهم الأهدافالتي حددها له العقل الواعي حتى إن كانت تلك الأهداف شريرةوغير أخلاقية أو غير قانونية . وبنفس المفهوم يفشل بعض الأشخاصالخيرين , لماذا ؟ لأنهم أخفقوا في إعطاء عقولهم الباطنة الأهداف التي تعمل عليها .
وكما يتضحك لك من خلال هذا , لا يهم عقلك الباطن طبيعةالأهداف التي تحددها له , لأنك لو برمجتهعلى النجاح فسوف تنجح ولو برمجته على الفشل فستفشل .
فأنت لك مطلق الحرية , فإذا منحت عقلك الباطن أهدافاًناجحة فسيكون آليتك للنجاح ,وإذا قدمت له أهدافاً فاشلة أو اغراضاً سلبية فسيكون آليتك للفشل . وسترى أن عقلك الباطن يعمل بالضبط مثل جهاز الكومبيوتر فيما يتعلق بالتساوي بينالمعطيات والنتائج , وهي نقطة سأناقشها في الفصل الرابع .