الجزء السابع
موعد ولكن ..
.
.
لا مجال للتردد .. ولابد أن أواجه الحقيقة .. رغم إني على يقين بأن أي كلمة وأي حركة أقوم بها ستعني التورط في أمر غدا سأكره نفسي على اختياره .. لهذا لابد أن اختار من الآن مع من سأبقى!! ..و إن كان الوقت لا يمكن أن يسعفني بشيء فهذه الصدفة لم تكن في الحسبان وحبيبتي بانتظار التوضيح الآن ..لا أنكر إنها كانت مجرد ثواني إلا إنها قد شلت كل جزء من كياني .. فصعب جدا أن اترك غابة المتعة الواسعة واستبدلها بحديقة حب صغيرة كل شيء فيها واضح لا يمنحني لذة الاكتشاف .. لهذا فكرت أن اترك الأمور على ما هي عليه .. دون أن أخشى خسارة إحداهما فغابتي اسكنها الآن وحديقة حبي ملكٌ لي لا يسعها أن تغلق أبوابها يوما في وجهي مهما تأخرت في قدومي لها ..هذا ما دفعني لخلق انطباع الشوق والارتماء على أوراق حبيبتي بلا وجل وخوف ..
.
.
أنا.. حبيبتي اشتقت لكِ ( ببروده أعصابي المعتادة)
هي .. مممممممم أنا كذلك .. ولكن!! ( أنفاس تتأرجح بين ضيق وبين حسره)
أنا .. كيف حالك ؟
هي .. بخير إن كنت أنت بخير
أنا .. أنا على أكمل وجه ( بكل عنفوان)
هي .. لماذا غبت كل هذه الفترة ولم تسأل عني !.. أين كنت ؟..أ يمكن أن يكون الماضي ( بألم بالغ )
أنا.. مرة أخرى .. متى تتوقفين عن سرد حماقاتك .. لماذا دائما تستقبليني بعتب شديد بدل الشوق متى تكفين عن هذه الثرثرة الباليه ( بحده وقسوة )
هي ..أسفه .. ولكن !! ( بمرارة وغصة لعثمت الأحرف فضاعت الكلمات )
أنا .. متى تقدرين وضعي !.. متى تفهمين بأني مشغول جدا فدراستي متعبه ووضعي هنا مختلف ..حتى والدتي لم أتكلم معها منذ شهر أو أكثر وها هي الآن معي على الخط في انتظاري..
.
.
كان مجرد تبرير فآنذاك كنت قد أكملت حديثي مع عائلتي ومشغول بالحديث مع رفاق لي ولكنه قد يكون التنويه الوحيد الذي قد ينقذني من أسئلةٍ تزعجني وتحرجني أيضا ..فبماذا أجيبها ؟؟ ..هل اخبرها بأني قد عدت من جديد إلى مسرح لهوي !..و إن عشيقتي الاجنبيه قد صادرت مني كل الوقت ... فلم يعد هناك ما يشغل تفكيري خارج نطاق علاقتي بها!!.. بالتأكيد لم أملك الجراءة لأفعل ذلك ..لهذا كان لا بد أن انسحب وفي أسرع وقت ممكن ..ولكن مع هذا لم أنسى أن أقوم بالتأكيد على مقدار حبي لها خوفا مني على خسارتها وقد يكون خوفي هذا مبهما حتى بالنسبة لي ..فلو سألني احدهم عن السبب لاحترت بماذا أجيبه.. فعلا كنت أعيش حاله تناقض غريبة ..
.
.
ومثلما عدت أنا ..عادت حبيبتي لتحصد مقعدها أمام مسرحي ولكن ليس كمتفرج بل كبطل صودر دوره فاضطر للتفرج فقط .. أنها لا تعلم كيفية التصرف معي .. ولا تدرك السر في عدم إقراري بتركها نهائيا أو البقاء معها نهائيا .. لهذا كان لابد أن تحقن قلبها بجرع ٍمن الصبر .. و إن كان الصبر أحيانا لا يفي بالغرض .. فكثيرا ما كانت تعاني من الألم هذا ما افقدها الشهية في الحياة .. خاصة مع كثرة الطعنات التي كنت أوجهها لها ودون أن أعي حجم المعاناة الذي كنت اهديها إياه في كل مرة كانت تحاول فيها أن تفتح صفحة حوار معي ..فبعد الحادثة الأخيره وعدتها أن أتصل بها صباحا وان كانت في الجامعة على أساس إني في الغد سأكون متواجدا في المنزل ومتفرغا لها كليا وكان موعدنا التاسعة صباحا ...
.
.
وفي صباح اليوم التالي كانت حبيبتي سعيدة جدا ..هذا ما دفعها للابتعاد عن الجميع والطلب من رفيقتها المقربة أن تستأذن لها من كافة المحاضرين لذلك اليوم كي تكون هي الأخرى متفرغة تماما للحديث معي .. وراحت تنزوي على احد المقاعد في إحدى حدائق الجامعة وبعيدا عن الجميع .. جلست هناك والفرحة تطرز كل ركن من وجهها ..وكأنها تحتفل بتحقيق حلم بات تحقيقه ضربا من الخيال .. فقد اشتاقت لرجوعي ولكلامي ولصوتي أيضا .. احتضنت هاتفها بين أصابعها الصغيرة بكل دفئ وشوق وكأنه طفل صغير ..أجهضت قبله عشرات حتى نعمت اليوم بضمه.. كل شيء يرقص على لحن الدقائق فبين شعرها المتطاير على تضاريس جسدها المترقب وبين ابتسامتها التي تعلو ثغرها كلما اقتربت ساعة الحديث .. كانت تراجع ذكرياتنا معا .. قد تكون ساعات الفرح التي عرفتها معي قليله بل معدودة على عدد الأصابع إلا إن عشقها النقي والطاهر لي جعل كل حدث معي بمثابة تاريخ كامل أسس في داخلها أمم وشعوب من المشاعر الرائعة.. والتي أعطت الحق بمحو كل ذكرى مؤلمه ....
.
.
لقد جاء موعدنا وها هي الساعة التاسعة وجهاز الهاتف لم ينطق بشيء.. ما الأمر !... يبدو انه ما زال نائما فلأمنحه بعض الوقت .. هكذا كانت تتهامس مع قلبها المضطرب لهفة وشوقا للحديث معي .. ولكن الساعة بدأت تجر خلفها ساعة وما زال كل شيء صامت .. إنها تخشى الاتصال بي ضننا منها بأني ما زلت نائم فلا تحب أيقاضي.. ففضلت الجلوس والانتظار فلعلي بعد قليل اتصل بها .. وبينما كانت هناك كان العديد من العشاق يجلسون أمامها وهم يتسامرون مع بعضهم بكل حب .. فتنظر لهم بعين شوق وبإحساس ملؤه الحسرة يخاطب خوالجها ويسألها عني .. فهل سيأتي اليوم الذي سنجلس فيه أنا وهي هكذا ! وهل يعقل أن نتكلم عن قرب هكذا ! .. هكذا كان يمضي الوقت ..حتى…
انتهى ج7