القصة الكاملة لمسير سبايا اهل البيت النبوي من كربلاء الى عاصمة الامويين بعد استشهادالامام الحسين يوم عاشوراء عام 61هجوأُدخِلَ عيالُ الحسينِ عليهالسلام على ابنِ زيادٍ ، فدخلتْ زينبُ أُختُ الحسينِ في جُملتِهم مُتنكِّرةً وعليها أرذلُ ثيابها ، فمَضَتْ حتّى جلستْ ناحيةً منَ القصرِ وحفَّتْ بها إِماؤها ، فَقالَ ابنُ زيادٍ : مَنْ هذه الّتي انحازتْ ناحيةً ومعَها نساؤها؟ فلم تجُبْه زينبُ ، فأعادَ ثانية وثالثةً يَسألُ عنها ، فقالَ له بعضُ إمائها : هذه زينبُ بنتُ فاطمةَ بنتِ رسولِ اللهِ ؛ فأقبلَ عليها ابنُ زيادٍ وقالَ لها : الحمدُللهِ الّذي فضَحَكم وقتلَكم وأكْذَبَ أحْدُوثَتَكم.فقالتْ زينبُ : الحمدُللهِ الّذي أكرمَنا بنبيِّه محمّدٍ صلىاللهعليهوآله وطهَّرَنا منَ الرِّجْسِ تطهيراً ، واِنّما يفْتَضحُ الفاسِقُ ويكذبُ الفاجرُ ، وهو غيرُنا والحمد لله.فقالَ ابنُ زيادٍ : كيفَ رأَيتِ فعْلَ اللهِ بأهلِ بيتِكِ؟قالتْ : كتبَ اللهُّ عليهم القتلَ فبرزوا إِلى مضاجعِهم ، وسيجمعُ اللّهُ بينَكَ وبينَهم فتحاجُّونَ إِليه وتختصمُونَ عندَه.فغضبَ ابنُ زيادٍ واستشاطَ ، فقالَ عمْرُو بنُ حُريثٍ : أيُّها الأميرُ ، إِنّها امرأةٌ والمراة لا تؤاخذُ بشيءٍ من مَنطقِها ، ولا تُذَمُّ على خطابها. فقالَ لها ابنُ زيادٍ : لقد (١) شفى اللهُ نفسي من طاغيتِكِ والعُصَاةِ من أهلِ بيتِكِ.
فَزَقَت (١) ، زينبُ عليهاالسلام وبكَتْ وقالتْ له : لَعمري لقد قَتَلْتَ كَهْلي ، وأبَدْتَ (٢) أهلي ، وقَطَعْتَ فرعي ، واجْتَثَثْتَ أصلي ، فإنْ يَشْفِكَ هذا فقدِ اشْتَفَيْتَ.فقالَ ابنُ زيادٍ : هذه سجّاعةٌ ، ولَعمري لقد كانَ أبوها سجّاعاً شاعراً.فقالتْ : ما لِلمرأةِ والسجاعةَ؟ إِنّ لي عن السجاعةِ لَشغلاّ ، ولكن صدري نفثَ بما قلتُ.وعُرِضَ عليه عليُّ بنُ الحسينِ عليهماالسلام فقالَ له : مَنْ أنْتَ؟فقالَ : «أنا عليُّ بنُ الحسينِ».فقالَ : أليسَ قد قَتَلَ الله عليَّ بنَ الحسينِ؟.فقالَ له عليّ عليهالسلام : «قد كان لي أخٌ يسمّى عليّاً قتلَه النّاسُ».فقالَ له ابنُ زيادٍ :بلِ اللهُ قتلَه.فقالَ عليُّ بنُ الحسين عليهالسلام : « ( اللهُ يَتَوَفّىَ الأنفُسَ حيْنَ مَوْتِهَا ) » (٣).فغضبَ ابنُ زيادٍ وقالَ : وبكَ جُرأةُ لجوابي وفيكَ بقيّةْ للرّدَ علي؟! اذهبوا به فاضربوا عُنقَه. فَتعلّقتْ به زينبُ عمتُه وقالتْ : يا ابنَ زيادٍ ، حَسْبُكَ من دمائنا؟ واعْتَنَقَتْه وقالتْ : واللهِ لا أُفارِقُه فإنْ قتلتَهفاقتلْني معَه ؛ فنظرَ ابنُ زيادٍ إليها واليه ساعة ثمّ قالَ : عجباً للرّحمِ! واللهِّ إِنِّي لأظنُّها ودّتْ أنِّي قتلتُها معَه ، دَعُوه فإِنِّي أراه لمِا به.ثمّ قامَ من مجلسِه حتّى خرجَ منَ القصرِ ، ودخلَ المسجدَ فصَعدَ المنبرَ فقالَ : الحمدُ للهِّ الّذي أظهر الحقَّ وأهلَه ، ونصرَ أميرَ المؤمنينَ يزيدَ وحزبَه ، وقتلَ الكذّابَ ابن الكذّابِ وشيعتَه.فقامَ إليه عبدُالله بن عفيفٍ الأزديّ ـ وكانَ من شيعة أميرِ المؤمنينَ عليهالسلام ـ فقالَ : ياعدوَّ اللهِّ ، إنّ الكذّابَ أنتَ وأَبوكَ ، والّذي ولاّكَ وأبوه ، يا ابنَ مرجانَة ، تَقتلُ أولادَ النّبيِّينَ وتقومُ على المنبرِ مَقامَ الصِّدِّيقينَ؟!فقالَ ابنُ زيادٍ : عليَّ به ؛ فأخذتْه الجلاوِزةُ ، فنادى بشِعارِ الأزْدِ ، فاجتمعَ منهم سبعمائةِ رجلٍ فانتزعوه منَ الجلاوزةِ ، فلمّا كانَ الليلُ أرسلَ إِليه ابنُ زيادٍ مَنْ أخرجَه من بيتهِ ، فضَرَبَ عُنقَه وصلبَه في السَّبَخةِ رحمهالله.ولمّا أصبحَ عُبيدُاللّه بن زيادٍ بعثَ برأسِ الحسينِ عليهالسلام فدِيْرَ به في سِكَكِ الكوفةِ كلِّها وقبائلِها.فرُوِيَ عن زيدِ بنِ أرقمَ أنّه قالَ : مُر َّبه عليَّ وهوعلى رمحً وأنا في غُرفةٍ ، فلمّا حاذاني سمعتهُ يَقرأُ : ( أمْ حَسِبْتَ أنَّ أصْحَابَ الْكَهْفِ وَالرَّقِيْمِ كَانُوْا مِنْ آيَاتِنَا عَجَبَاً ) (١) فَقَفَّ (٢) ـ واللهِّ ـ شَعري وناديتُ : رأسُكَ واللهِ ـ يا ابنَ رسولِ اللهِّ ـ أعجبُ وأعجب