زيباري: المالكي أهدر مليارات في الشهور الأخيرة من الحرب مع داعش
بغداد/ المدى
كشف وزير المالية ان هناك غيابا للتخطيط وتبذيرا في الإنفاق الحكومي على التعاقدات الخاصة بالجيش والتسلح، خلال حكومة نوري المالكي، وان هناك "تبذيرا" في بعض الأحيان، على القوات المساندة للأجهزة الأمنية في حربها ضد الإرهاب وهو امر تسبب بهدر أكثر من مليار دولار، كما قال، مؤكدا أن هذا الإنفاق يقوض جهود المحافظة على موازنة البلاد. وتحدث ايضا عن إن الحكومة الاتحادية وحكومة الإقليم يحاولان التوصل إلى حل وسط لإنهاء خلافاتهم تبدأ بموجبه الحكومة بسداد رواتب موظفي الإقليم وبدء مفاوضات بشأن قيام الكرد بإرسال إيرادات صادرات النفط إلى الميزانية العامة للدولة.وفي مقابلة مع "رويترز" اتهم هوشيار زيباري، وزير المالية ، زعماء عراقيين سابقين وحاليين بسوء الإدارة وسوء التخطيط والفشل في التواصل مع الأشخاص الوحيدين الذين يمكنهم هزيمة تنظيم (داعش) وهم العشائر السُنية. وعندما اجتاح مقاتلو(داعش) شمال العراق في حزيران الماضي لم يواجهوا مقاومة تذكر من الجيش الذي دربته الولايات المتحدة. ولجأت الحكومة إلى (الميليشيات) والمتطوعين، بعد ان تعرض الجيش لإهانة على يد بضع مئات من المقاتلين المتطرفين.
وقال زيباري الذي كان يتحدث في مكتبه وهو يعدد التحديات التي يواجهها العراق ان "جزءا من المشكلة الاقتصادية والمالية التي نواجهها هي هذا الإنفاق على اللجان الشعبية وعلى الميليشيات والجيش وعلى التعاقدات". وأضاف : "المجالات الرئيسة التي تنفق فيها الميزانية بتبذير كانت من بين هذه الجهود العسكرية دون تخطيط مناسب بالإضافة الى الإنفاق على المتطوعين."
والعراقيون الذين انضموا للقتال ضد (داعش) يطلق عليهم (متطوعون) وهم يضمون "الميليشيات الشيعية" والحشد الشعبي، التي تتحرك بحصانة فيما يبدو باسم التصدي لـ(داعش). وعندما سئل بشأن الأموال التي حولت إلى الميليشيات قال زيباري "أعتقد أن أكثر من مليار دولار دفعت على شكل رواتب وطعام وملابس وأسلحة وغيرها للمتطوعين منذ حزيران على الميليشيات".
ويظهر اتهام زيباري للحكومة التي هو جزء منها خلافات الرأي بين المسؤولين التي جعلت اتخاذ القرارات بشأن التعامل مع (داعش) أكثر صعوبة، وتبذل جهود في الآونة الأخيرة لتضييق الخلافات السياسية.
والعلاقات بين الحكومة التي يقودها الشيعة وإدارة الإقليم الكردي في الشمال متوترة. وينتقد الأكراد حكومة بغداد لعدم دفع مرتبات الموظفين في الحكومة الاقليمية الكردية، فيما تبقى الحكومة الاتحادية غاضبة من صادرات النفط الكردية. وقال زيباري ان الجانبين يحاولان إعداد حل وسط تبدأ بموجبه الحكومة بسداد الرواتب وبدء مفاوضات بشأن قيام الأكراد بإرسال إيرادات صادرات النفط إلى الميزانية العامة للدولة. وتابع زيباري ان الإنفاق على الميليشيات يحرم العراق من فرصة الإعمار بعد سنوات عديدة من الحرب. والزعيم العراقي الذي تعامل عن قرب مع الميليشيات هو رئيس الوزراء السابق نوري المالكي وهو من أكثر الشخصيات الخلافية التي ظهرت بعد الاحتلال الأميركي. وأجبرت الضغوط من الولايات المتحدة وايران التي تمثل قوة اقليمية والسيد علي السيستاني وهو اكبر رجل دين شيعي في العراق، المالكي على التخلي عن معركته للبقاء في السلطة، وعلقوا آمالهم على حيدر العبادي الذي ينظر اليه على انه شخصية تصالحية لديه فرصة الفوز بدعم العشائر في محافظة الانبار، معقل السُنة التي ساعدت في وقت من الأوقات مشاة البحرية الأميركية على هزيمة القاعدة ويمكن إقناعها بالهجوم على داعش.
وزيباري لديه شكوكه وخاصة بعد الدماء التي أريقت في الأسبوع الماضي عندما أعدم تنظيم "داعش" أكثر من 300 من أفراد عشيرة البونمر لانها قاومت تقدمه الإقليمي.
وقال زيباري "انه يحاول التواصل مع العشائر السُنية لكن ما يتوقعه الناس منه هو الأفعال وليس الكلمات، فبالإمكان التحرك بإيقاع أسرع". وقال "هذا هو الرأي لأننا رأينا ما حدث في الآونة الأخيرة مع عشيرة البونمر على سبيل المثال وهناك حاجة ملحة للتحرك أسرع في هذا الشأن". واعتقل "داعش" أعدادا كبيرة من رجال العشائر وأعدمهم وألقى بهم في مقابر جماعية بينما لم يكن هناك إحساس بالوضع الملح من جانب الحكومة في بغداد.
وقال زيباري "الحكومة لا يمكنها إرسال إمدادات بطريقة مناسبة أو الوصول لأفراد قبيلة ألبونمر لان الحكومة في واقع الأمر تواجه مصاعب جمة، والحكومة حاولت تقديم بعض الدعم الجوي لكنه كان محدودا ولم يكن بالأمر الكبير"، مؤكدا ان "خطوط الاتصالات فقدت". وأضاف ان "داعش نسف العديد من الجسور".
وقال زيباري الذي كان يشغل في السابق منصب وزير الخارجية ان إيجاد سبيل لتشكيل تحالف بين الحكومة والعشائر السُنية يجب ان تكون له الأولوية الكبرى في المعركة ضد "داعش"، مبينا ان الدعم الجوي الأميركي ليس كافيا. وقال زيباري "الضربات الجوية وحدها لا يمكن ان تحل المشكلة، هناك حاجة لوجود قوات محلية على الأرض، وان العشائر السُنية فقط هي التي يمكنها القيام بهذه المهمة بدعم من الحكومة".
وكان زيباري أكثر تفاؤلا فيما يبدو بشأن بغداد التي ستكون أكبر جائزة لمقاتلي "داعش" الذين هددوا بالتقدم نحو العاصمة.
وقال ان "داعش" لم تعد تمثل تهديدا للعاصمة لكنه أقر بأن التنظيم لديه العديد من الخلايا النائمة والمؤيدين وهناك وإمداد مستمر من المفجرين الانتحاريين وأغلبهم من الأجانب.
ويتوقع ان تستمر المعركة ضد "داعش" لفترة طويلة وان تستنفد الميزانية في المدى البعيد رغم ان العراق من الدول المنتجة للنفط الأعضاء في منظمة اوبك.
ولم تتمكن الحكومة من تقديم ميزانية 2014 الى البرلمان لكنها وعدت بتقديم تفاصيل النفقات في موعد لاحق.
وقال زيباري "نعد بأنه بالنسبة لعام 2015 يجب ان نقدم ميزانية مناسبة للبلاد".
وقال زيباري ان خلاصة القول هو ان العراق لا يمكنه ان يتحرك الى الأمام الى ان تتم هزيمة "داعش". وقال ان "داعش لديها خطة عمل واضحة، وإنها تريد إقامة وتعزيز دولة الخلافة"، مضيفا ان "لا يمكن للبلد لا يتطور في ظل تواجد (داعش) في عدة محافظات".