يعدّ تصلّب المفاصل، وخصوصاً مفصل الركبة، من أكثر الأمراض انتشاراً في العالم، ومن المتوقّع أن تزداد نسبة الإصابة به في السنوات القادمة، مع ازدياد متوسّط عمر الفرد العادي، الذي من المتوقّع أن يصل إلى 65 عاماً لما نسبته 70 % من مجمل سكّان الكرة الأرضيّة.
أسباب تصلّب المفاصل ومضاعفاته
من مضاعفات تصلّب المفاصل أنّه يؤدّي إلى قلّة الحركة والعمل والإنتاج، ويعدّ إحصائيّاً من أكثر المشاكل بعد أمراض القلب المزمنة. وتؤكد الدراسات الإحصائيّة أنّ أكثر من 25 % من مرضى خشونة المفاصل في الدول العربية، وخاصة بين السيدات، ناتج عن عيوب خلقيّة واعوجاج في الساقين، وأنّ النساء يصبن بالتصلّب المبكر بمفاصل الركبتين، بسبب الاستخدام السيّء للأحذية غير الصحيّة ذات الكعوب العالية، مما يؤثّر على مفاصل الركبتين والحوض.
يقول الدكتور جمال أحمد حسني، خبير جراحات العظام والإطالة بالشرق الأوسط: «هناك نسبة من الرياضيين في الدول العربيّة تعاني من مثل هذه الأمراض، كما تتعدّد الأعراض المصاحبة، وهي الإحساس بالألم بدرجات مختلفة مع تيبّس أحيانًا أثناء الحركة، وحدوث ارتشاح بالمفصل أحياناً، مع سماع صوت قرقعة مع الحركات الشديدة، وتزداد هذه الأعراض تدريجيّاً وببطء، وتحدث أحياناً نوبات حادّة من إلتهاب المفاصل، مصحوبة بآلام شديدة مع ارتفاع درجة الحرارة حول المفصل، مع ارتشاح وعدم القدرة على التحرك.
طرق العلاج
يؤكد الدكتور جمال أنّ أساليب العلاج تتعدّد، ولكن في معظم الأحيان يكون العلاج التحفّظي هو السمة الغالبة، حيث يتمّ إعطاء بعض المسكّنات، ومضادات الالتهاب للمريض، مع الراحة لفترة قصيرة، حيث يحصل بعض التحسّن. ثم يبدأ المريض في العلاج الطبيعي، مع الاهتمام بالعادات الصحيّة السليمة في الحركة، ومع إنقاص الوزن لتخفيف الحِمل الواقع على المفاصل. ويمكن أيضاً، في حالات نقص السائل الزلالي الموجود بالمفصل، أن تحقن المفاصل بالسائل الزلالي.
كما يمكن إعطاء بعض الأدوية لفترات طويلة، والتي تحتوي على بعض المواد المغذيّة للغضاريف، أو بعض المواد الأخرى التي توقف عمل بعض الأنزيمات، لتوقف تدهور حالة الغضاريف وتعديل مسار المرض. أما في الحالات المتقدّمة، فإنّ التدخل الجراحي قد يكون ضروريّاً لمجابهة المرض، مثل منظار الركبة الجراحي، مع رفع مناطق الخشونة الشديدة، وقد تعطي نتائج جيّدة لفترة قصيرة، وفي النهاية يكون العلاج، هو استبدال مفصل صناعي بالمفصل المصاب، وهي عمليّة نتائجها ممتازة، ولكن المشكلة أنّ هناك عمراً محدّداً للمفصل بناءً على عوامل متعدّدة، مثل نوع المفصل وطبيعة نشاط المريض.
تصلّب المفاصل
في سنّ مبكرة
أما عن التصلّب المبكر، والذي يحدث في سنّ صغيرة، فإنّ الأسباب الغالبة هي وجود إصابة سابقة بالمفصل، أو كسر ، أو اعوجاج، أو تشوّه، حيث من المعروف أنّ نسبة حوادث السيارات في بلادنا، أو في المناطق الحارّة ارتفعت بنسبة واضحة في الأعوام الأخيرة، وهذه الحوادث تؤدّي إلى نوعيّة معيّنة من الكسور توصف بالكسور عالية الطاقة، حيث أنّ اصطدام سيارتين بسرعة معيّنة، يؤدّي إلى تجمّع الطاقة في مكان الكسور، وحدوث تفتّت بالعظام قد يصل إلى تفتيت مفصل الركبة، مع خسارة جزء كبير من الدورة الدمويّة المغذيّة للعظام، مما قد يؤدّي إلى ازدياد نسبة المضاعفات، وحدوث عدم التئام، أو تصلّب مبكر في المتابعة فيما بعد. عندها يفضّل، في علاج هذه الكسور، تثبيتها مع الضغط، سواء باستخدام الشرائح والمسامير، أو المثبّتات الخارجية للحفاظ على المستوى الطبيعي لسطح المفصل.
أما المشكلة الأخرى التي تؤدّي إلى التصلّب المبكر، فهي وجود اعوجاج في العظام، مما يؤدّي إلى وقوع الضغوط بشكل غير متوازن على المفصل، وزيادة تآكله لناحية زيادة الضغط، وتزايد نسبة وجود هذه الاعوجاجات في عظام الطرف السفلي في منطقتنا، ويمكن ملاحظة ذلك في أرجل لاعبي الرياضات المختلفة، مثل كرة القدم وكرة السلة.
وأشهر أسباب حدوثها، أثناء فترة الطفولة، لين العظام، أو أسباب وراثيّة، أو بعض أمراض مراكز النمو، التي تؤدّي إلى اختلاف مع معدّل الطول بين نصفي سطح المفصل. ومشكلة هذه الإعوجاجات أنّها عادةً لا تكون مصحوبة بأيّ ألم أو تأثير على الحركة، كحال لاعبي الكرة المصابين بتقوّس شديد في الساقين، ومع ذلك يقومون بالمجهود الرياضي العنيف. وهذه الإعوجاجات قد تكون واضحة جدّاً، ويمكن تشخيصها وتحديد مقدارها وعلاقتها بالخط المحوري للجسم، عن طريق إجراء أشعة للنصف الأسفل من الجسم والمريض واقف، وتحديد انحراف العظام عن الطبيعي، ووجود ارتخاء بالأربطة وتحديد مركز الانحراف، وذلك لإصلاح الاعوجاج والوقاية من حدوث الخشونة، ويمكن إجراء هذا مع الصغار والكبار، عن طريق شرخ عند قمّة الاعوجاج، والانتظار أسبوعاً مع وضع مثبّت خارجي، ثم تحريك الأنسجة شاملة العظام، والأعصاب، والشرايين، والجلد، بمعدّل 1 مم في الاتجّاه الصحيح، مما يؤدّي إلى نمو الأنسجة، كي يعود الطرف إلى الحالة الطبيعيّة.
ويمكن إجراء هذه العملية أيضاً في حالات التصلّب المبكر بمفصل الركبة، والذي أصات جزءاً وحيداً من المفصل سواء الجزء الداخلي، أو الجزء الخارجي، وفي هذه الحالة قد تختفي مبادئ التصلّب مع العلاج، ويمكن علاج ارتخاء الرباط بشكل غير مباشر، من خلال تطويل العظمة الرئيسة لشدّ الرباط.
وبناءً على هذا، فإنه يفضّل علاج الإعوجاجات وتشوّهات الأطراف للأطفال والكبار ليس لمجرّد إصلاح الشكل، بل لتجنّب حدوث تصلّب المفاصل المبكر.