قالت فاطمة بنت الإمام الحسين عليه السلام :
« كنت واقفة بباب الخيمة ، وأنا أنظر إلى أبي وأصحابه مجزرين كالأضاحي على الرمال ، والخيول على أجسادهم تجول !!
وأنا أفكر فيما يقع علينا بعد أبي .. من بني أمية !
أيقتلوننا أم يأسروننا ؟
فإذا برجل على ظهر جواده ، يسوق النساء بكعب رمحه ، وهن يلذن بعضهن ببعض ، وقد أخذ ما عليهن من أخمرة وأسورة وهن يصحن : « وا جداه ! وا أبتاه ! وا علياه ! وا قلة ناصراه ! واحسيناه !
أما من مجير يجيرنا ؟
أما من ذائد يذود عنا ؟ »
قالت : فطار فؤادي ، وارتعدت فرائصي ، فجعلت أجيل بطرفي يميناً وشمالاً على عمتي أم كلثوم خشيةً منه أن يأتيني.
فبينا أنا على هذه الحالة وإذا به قد قصدني ، ففررت منهزمة ، وأنا أظن أني أسلم منه !! وإذا به قد تبعني ، فذهلت خشيةً منه ، وإذا بكعب الرمح بين كتفي ، فسقطت على وجهي
فخرم أذني ، وأخذ قرطي ومقنعتي ، وترك الدماء تسيل على خدي ، ورأسي تصهره الشمس ، وولى راجعاً إلى المخيم وأنا مغشي علي !!
وإذا بعمتي عندي تبكي ، وهي تقول : قومي نمضي ، ما أعلم ما جرى على البنات ، وعلى أخيك العليل ؟
فما رجعنا إلى الخيمة إلا وهي قد نهبت وما فيها.
وأخي : علي بن الحسين مكبوب على وجهه ، لا يطيق الجلوس من كثرة الجوع والعطش والأسقام ، فجعلنا نبكي عليه ويبكي علينا !!