كان العرب في الجاهلية والإسلام يؤرخون بشهور الأهلة أو الشهور القمرية وعدتها كما هو معروف اثنا عشر شهراً إلا أن أسماءالشهور اختلفت تبعاً لاختلاف الزمان والمكان فكانت العرب العاربة تسميها مع اختلاف روايات المصادر، كما نقلها لنا أبوتراب الظاهري في كتابه الموزون والمخزون:
(ناتق، نقيل، طليق، أسخ، سماح، أسلخ، أميح، أحلك، كسع، زاهر، برط ،نعس) فناتق هو المحرم ونقيل هو صفر وهكذا إلى آخر الشهور في حين كانت ثمود تسميها موجب، موجر، مورد، ملزم ، مصدر، هوبر، هوبل، موها، ديمر، دابر، حيقل ، مسبل) فموجب هو المحرم وموجر صفر وهكذا إلى آخرها إلا أنهم كانوا يبدأون بالشهور من ديمر وهو رمضان فيكون أول شهور السنة عندهم.
ثم كانت العرب تسميها بأسماء أخرى هي: (مؤتمر، ناجر، خوان، صوان، حنتم، زبا، الأصم، عادل، بايق، واغل، هواع ، برك).
لتستقر بعد ذلك على مسمياتها الحالية أما العرب المتأخرون فمع التزام بعضهم بالأسماء المعروفة إلا أن العامة في أجزاء كبيرة من الجزيرة العربية لهم تسمياتهم الخاصة أيضاً والتي نسمعها من كبار السن إلى اليوم فيسمّون شهر محرم ب(عاشور) لأنه فيه يوم عاشوراء وهو عندهم مشهور بهذه التسمية حتى في الوثائق والمكاتبات قال الخشقي:
مولفها والعين ما ذاقت الكرى
في شهر (عاشور) قليلٍ رقوده
وأما صفر فيسمونه بنفس الاسم وإن كانوا ينطقونه أحياناً بقلب الصاد سيناً (سفر)، ويسمون ربيع أول وربيع تالي ويلقبونها ب(التوم) أي التوأم لأن اسميهما واحد قال صاهود بن لامي:
غزيت أن يا عبيد بهلال عاشور
وأول صفر والتوم كله تمامِ
تسعين ليلة فوقهن تقل ناطور
جانا الشتا ما شفت زرق الوشامِ
كما يسمون الجماديين جماد أول وجماد تالي وربما جمعوها على (جمْد) ومنهم من يسميها ب(التوم) مثلها مثل الربيعين لأن اسمهما واحد، في حين يسمون رجب (غرّا)، وشعبان (قصيّر) ولعل هذه التسمية جاءت من شعورهم بمروره السريع لأنهم يريدون قضاء أشغالهم قبل حلول شهر رمضان ليتفرغوا للعبادة فلا تكاد تنقضي قال الشاعر راشد الهجلي الشمري:
التوم والغرا وليالي قصيّر
وأنا بحبس صك بابه وأنا بيه
ورمضان عندهم هو رمضان وإن كان بعضهم يصفونه بشهر الصيام أو الصوم، والافطار هما شهرا شوال وذي القعدة فالأول يسمونه فطر أول والثاني فطر تالي، أما شهر ذي الحجة فمنهم من يسميه (الضحية) ومنهم من يسميه (الموسم) ومنهم من يسميه (الحج) قال سعيدان المطوع:
زلّ رمضان وكمّلن الفطوره
قفاهن الموسم وأنا مثل مسعود
عليك ياللي كن خنة عطوره
مباخر سيقت على جمرهن عود
وتجدر الإشارة إلى أن المطلع على الوثائق المحلية وخاصة الرسائل وحتى النصف الثاني من القرن الرابع عشر الهجري يلاحظ أنهم حين يؤرخونها لا يسمّون الشهور بأسمائها وإنما يكتفون بكتابة حرف أو حرفين اختصاراً للرمز إلى الشهر فحرف (م) يشير إلى المحرم، و (ص) صفر، و(را) ربيع الأول، و(ر) ربيع الآخر، و(جا) جمادى الأولى، و(ج) جمادى الآخرة، و(ب) رجب، و(ش) شعبان، و(ن) رمضان، و(ل) شوال، و(ذا) ذو القعدة، و(ذ) ذو الحجة