بسم الله الرحمن الرحيم
قال تعالى : (قُلْ إِنْ كُنْتُمْ تُحِبُّونَ اللَّهَ فَاتَّبِعُونِي يُحْبِبْكُمُ اللَّهُ وَيَغْفِرْ لَكُمْ ذُنُوبَكُمْ وَاللَّهُ غَفُورٌ رَحِيمٌ)(31) آل عمران
الحبُّ والعشق عند الحسين(عليه السلام)
الحبُّ :هو الشوق لأنك لا تشتاق إلا إلى حبيب فلا فرق بين الحب والشوق إذا كان الشوق فرعا من فروع الحب الأصلي
ومعنى حب الله عند سيد الشهداء :هو الاستقامة في طاعة الله، والتزام أوامره ونواهيه في كل شيء .والمراد ثمرات المحبة ،
فإن أصل المحبة الميل لما يوافق المحبوب
وأن من أهم بركات معرفة الله في الحياة الفردية ، حب الله تعالى والأنس به ، إذ إن الإنسان يعشق الجمال فطريا ،
ولما كان الله سبحانه جامعا لكل ضروب الجمال ،
وكان جمال أولي الجمال مستمدا منه ، فإن المرء لا يمكن أن يعرف الله ولا يحبه ! فقد قال الإمام الحسن المجتبى ( عليه السلام )
(" من عرف الله أحبه ") .
أنَ حب الله سبحانه أحد الطرق إلى بلوغ كمال معرفته ، وأن أول أثر لمعرفة الله - جل شأنه - هو حبه ،
وخير مصداق لهذه المعرفة ظهر عند أبي عبد الله الحسين سيد الشهداء ( عليه السلام )
تأمل فيما أنشده الفرزدق الشاعر عندما لقي الإمام الحسين(عليه السلام) فسلم عليه وقال : يا بن رسول الله ( صلى الله عليه وآله )
كيف تركن إلى أهل الكوفة وهم الذين قتلوا ابن عمك مسلم بن عقيل وشيعته ؟ قال : فاستعبر الحسين ( عليه السلام ) باكياً ،
ثم قال : (" رحم الله مسلما فلقد صار إلى روح الله وريحانه وجنته ورضوانه ، أما إنه قد قضى ما عليه وبقي ما علينا " )، ثم أنشأ يقول :
فــإنْ تكنْ الدنيا تعدُ نفيســـــــــــة ................. فـــــــانَّ ثـــــــــــــوابَ الله أعلى وأنبـل
وإنْ تـــكنْ الأبدانُ للموتِ أنشأتْ ....................فــقتلُ امــرئ بالسيــــــفِ في الله أفضل
وإنْ تـكنْ الأرزاقُ قـــسما مـقدرا ......................فــقلة حرصِ المرءِ في الرزق أجمـــــل
وإنْ تـــكنْ الأموالُ للتركِ جمعها........................ فــما بالُ متروكٍ به الــمرء يبـــــــــخل
وإن كـــانت الافعال يومـا لأهلها......................... كمــالا فــحسن الخلق أبهى وأكمـــــــل
أنظر إلى معاني هذه الأبيات الشعرية التي تبين الروح الأخلاقية عند الحسين ( عليه السلام ) و استقامته المتفانية في حب الله ،
ومن هذا المنطلق ــ حبّ الله تعالى عند الحسين (عليه السلام ) ــ نفهم مما لاشك أنه ( عليه السلام ) الدّافع السديد الذي دفعه
للوقوف بوجه الظالمين اللّذين طغوا في الأرض مما دعا الإمام الحسين (عليه السلام ) الى الثورة والجهاد عليهم.
كما نعلم الجهاد أفضل الأعمال بعد العقايد الإسلامية والإيمانية حتى من الصلوات اليومية وإن كانت لها في نفسها مزيد فضل عليه
لكنه أفضل بحسب الجهات الخارجية
لان الطاعة لله والعبودية له فرع محبته والعمل بجميع التكاليف مرجعها إلى حب الله. لقد جاء المدح من العزيز الكريم
في حق النبي إبراهيم في عزمه على ذبح ولده
إسماعيل ولم يبلغ والله مرتبة خاتم الأنبياء ولا البضعة البتول الزهراء ولا الأئمة الأمناء في رضاهم بقتل سيد الشهداء
بذهاب النفس في رضا المحبوب
كما اختاره سيد الشهداء لنفسه القتل في رضا رب السماء.أنه (صلوات الله وسلامه عليه) لما قتل أهل بيته وأصحابه وبقي وحيدا
قال:صبرا على قضائك يا رب ، لا إله سواك يا غياث المستغيثين ،
ما لي رب سواك ، ولا معبود غيرك ، صبرا على حكمك يا غياث من لا غياث له ، يا دائما لا نفاد له ، يا محيي الموتى ،
يا قائما على كل نفس بما كسبت ، احكم بيني وبينهم وأنت خير الحاكمين "
ونسبت إليه (صلوات الله وسلامه عليه)هذه الأبيات الشعرية في تلك الساعة :
إلهي تركتُ الخلقَ طراً في هواكا ..................و أيتمــــــــــــــتُ الــعـــــــــــــيالَ لكي أراكا
فــــــــلو قطعتَني في الحبِّ إربا ....................لَما مالَ الفؤادُ إلى ســــــــــــــــــــــــ ـواكا
وكيف لا تكون هذه ترانيمه العرفانية وكلماته الإلهية وهو صاحب أعظم دعاء في يوم عرفة ، الذي قال فيه مخاطبا رب العالمين :
" عميت عين لا تراك ، ولا تزال عليها رقيبا ، وخسرت صفقة عبد لم تجعل له من حبك نصيبا "