في مساء اليوم التاسع من محرم نادى عمرُ بنُ سعدٍ: يا خيلَ اللهِ اركبي وأَبشري، فركِبَ النّاسُ ثمّ زحفَ نحوَهمِ بعد العصر، وحسينٌ عليه السلامُ جالسٌ أمامَ بيتِه مُحتبٍ بسيفِه، إذ خفقَ برأْسِه على ركبتَيْه
فنهض ثم قال: (يا عباس، اركب ـ بنفسي أنت يا أخي ـ حتى تلقاهم وتقول لهم: ما لكم وما بدا لكم؟ وتسألهم عمّا جاء بهم).
فأتاهم العباس في نحو من عشرين فارساً، منهم زُهيرُ بن القَيْنِ وحبيبُ بن مظاهر، فقال لهم العباس: ما بدا لكم وما تريدون؟ قالوا: جاء أمرُ الأمير أن نعرض عليكم أن تنزلوا على حكمِه أو نناجزكم ؛ قال: فلا تعجلوا حتى أرجع إلى أبي عبدالله فأعرض عليه ما ذكرتم، فوقفوا وقالوا: ألْقَه فأعلِمه، ثم ألْقَنا بما يقولُ لك. فانصرف العبّاسُ راجعاً يركض إلى الحسين عليه السلام يخبره الخبر، ووقف أصحابه يخاطبون القوم ويعظونهم ويكفونهم عن قتالِ الحسينِ.
فجاء العباس إلى الحسين عليه السلام فأخبره بما قال القوم، فقال : (ارجع إليهم فإن استطعت أن تؤخِّرهم إى الغدوة وتدفعهم عنّا العشيّة، لعلّنا نصلِّي لربنا الليلة وندعوه ونستغفرهُ، فهو يعلم أنًّي قد أُحِبُّ الصلاة له وتلاوة كتابه والدُّعاة والاستغفار).
فمضى العباس إلى القوم ورجع من عندهم ومعه رسولٌ من قبل عمر بن سعد يقول: إنا قد أجَّلناكم إلى غدٍ، فإن استسلمتم سرَّحناكم إلى أميرنا عُبيدالله بن زيادٍ، وإن أبيتم فلسنا تاركيكم، وانصرف.
الارشاد 2/89
الكامل 4 ص 57 و 58