03/11/2014 10:08
لم أجد للاسف الشديد ما يسوّد بضعة أسطر لأدون فيها أسماء الأعمال الدرامية العراقية التي جسدت ثورة الإمام الحسين(ع). لأقف متسائلاً: اين الدراما التلفزيونية في بلد الحسين من ثورته الاصلاحية العظيمة في واقعة الطف؟
على بعد ساعتين، شرقا من بغداد في الطائرة، تنتج الجارة ايران العديد من المسلسلات الدينية التي تعالج قضية الإمام الحسين"ع" وأصحابه، الذين نجهل عن حياتهم الكثير ويقتصر علمنا بهم على دورهم في واقعة الطف، وتطرحها كمنتج فني إيراني يوظف لخدمة ايران، كدولة لها منهجيتها في المنطقة، اذ نجحت عبر كثير من الأعمال الفنية في ترسيخ ومضات تاريخية، كان لشخصيات ايرانية حضور فيها قبل أو بعد ملحمة الطف.
ولعل مسلسل" المختار الثقفي" مثال حي ما زال تأثيره حاضرا بيننا، ناهيك عن مسلسلات" مريم العذراء" و"يوسف الصديق"... أنجزت بخبرة فنية متميزة في الإخراج والديكور والمكياج وممثلين متمكنين من ادواتهم الفنية، وقد أسسوا مدينة فنية متكاملة كبنية تحتية لأعمالهم الدرامية، فضلا عن كتاب نصوص مقتدرين، وخبرات سينمائية نالت جوائز في مهرجانات دولية.
على بعد ساعتين من الشمال الغربي، في سوريا، أنتج قبل عدة سنوات مسلسل" موكب الاباء" الذي شارك فيه عدد من الممثلين العراقيين، مسلطاً الضوء على رحلة" السبي" لآل الرسول من الطف إلى دمشق، والعودة الى كربلاء.
أما أصحاب العزاء في العراق فلا (فيلم او مسلسل)عزاء لهم ! ان الثورة الحسينية تدّخر الكثير من الاوجه والمسارب الفنية، التي تقودك إلى الجوهر الاصلاحي لثورة الحسين، فعندما ننتج مسلسلا عن أصحاب الحسين (ع) كدعبس او الحر الرياحي.. نقترب كثيرا من الحسين، وإذا ما أنتجنا مسلسلاً عن (أم وهب) ودورها، فاننا نقترب من الحسين، من الأرضية الفكرية التي شيد الحسين عليها قضيته.
لا يجب أن نبقى مكتوفي الايدي بحجة هل نخفي أم نظهر وجه الإمام، فتلك آلية بسيطة تجاوزتها التقنيات الحديثة، وإلا لماذا تستطيع دول الجوار أن تنتج أعمالاً لمجرد أنهم ينتمون إلى مذهب آل البيت، في حين أننا اصحاب الدار والقضية نتقاعس بحجج لا يمكن تفهمها في عصر تطورت فيه التقنية الفنية إلى أبعد الحدود؟ هل نبقى نتفرج؟
ان الوضع السياسي والامني في العراق وتداعيات ما بعد التغيير في العام 2003 قد القت بظلالها على المجتمع العراقي الذي انفتح على العالم فجأة، أعقبتها هجمة إرهابية شرسة تجاوز عمرها عقدا من الزمن، تزعزعت فيها الكثير من صفات الشخصية العراقية الغيورة التي تعتز بارثها وحضارتها، لذا كان لزاما على المعنيين بالأمر أن ينتبهوا ويقلبوا دفاتر ثقافتا وإرثنا الحضاري والإسلامي لتأسيس أرضية إعلامية وإنسانية وثورية.
والحسين كثورة، فيه من أوجه بناء الشخصية الوطنية السليمة التي ترفض الذل وتعتز بكينونتها العربية والإسلامية الكثير. وفي مثال بسيط عن مدى تأثير الثورة الحسينية، ما حدث في الموصل ،وحكمة المرجعية الدينية في وقف التدهور الحاصل، اذ استنهضت الشباب العراقي المؤمن بوطنه وباسم الحسين وثورة وثرورته كمثال لرفض الضيم والعدوان والانتصار للحق والوطن والكرامة، وسينتصرالعراق في صراع الوجود والإرادة على الفكر "الداعشي" المشوه وبواكير الانتصار الحقيقي توطدت وستستمر.
منقول