صفحة 3 من 4 الأولىالأولى 12 34 الأخيرةالأخيرة
النتائج 21 إلى 30 من 40
الموضوع:

موسوعة الفن العالمي اللوحات واعمال فنيه خالده - الصفحة 3

الزوار من محركات البحث: 3259 المشاهدات : 12472 الردود: 39
جميع روابطنا، مشاركاتنا، صورنا متاحة للزوار دون الحاجة إلى التسجيل ، الابلاغ عن انتهاك - Report a violation
  1. #21
    من أهل الدار
    الانبار فلوجة
    تاريخ التسجيل: April-2013
    الجنس: ذكر
    المشاركات: 5,226 المواضيع: 173
    التقييم: 432
    أكلتي المفضلة: دلميه
    موبايلي: ايفون
    الاتصال: إرسال رسالة عبر Yahoo إلى ابن الغربيه

    دون كيـشــوت
    للفنان الإسباني بابلـو بيكـاسـو، 1955




    كان يعيش في إحدى قرى إسبانيا رجل هزيل الجسم شاحب اللون في الخمسينات من عمره.
    لم يكن لدى الرجل الكثير ليفعله، لذا فقد كان يمضي وقته في القراءة. وكان ضوء الشمعة الشاحب يملأ زوايا غرفته مشكّلا صورا واخيلة شبحية لعمالقة وتنّينات ضخمة. كانت الكتب التي أدمن دون كيشوت على قراءتها تتحدّث عن فرسان العصور الخوالي الذين كانوا يجوبون الأرياف والقرى بحثا عن مغامرة هنا أو هناك. ويوما بعد يوم، كان الأفق ينفتح أمامه كأنّما يدعوه للشروع هو الآخر في مغامرة.
    كان يعرف أنه هو نفسه يجب أن يصبح فارسا، فبدأ الترحال بحثا عن المغامرات التي يحلم بها. وفي محاولة لتفخيم نفسه كما يفعل الفرسان فقد أسمى نفسه: دون كيشوت دي لا مانش.
    رواية دون كيشوت للكاتب الإسباني ميغيل دي سرفانتيس اعتبرت على الدوام واحدة من افضل الروايات شعبية ورواجا في العالم.
    وقد ُجسّدت الرواية في اكثر من عمل سينمائي، لكن الأفلام المستقاة من الرواية لم تنصفها. ذلك أن تعقيد الشخصيات فيها والقصص العجيبة التي تزخر بها لا يمكن أن يحيط بها عمل سينمائي مهما بلغت درجة حرفيّته وتمكّنه.
    الرواية عن دون كيشوت الرجل الإسباني البسيط ولكن الشهم، وقد سبق وأن قرأت الترجمة العربية المختصرة للرواية فأعجبتني، واكثر ما لفت انتباهي فيها هو إتقان تصوير المواقف الطريفة وروح النكتة التي نقلها المترجم بأمانة واقتدار، بالإضافة إلى جمال الأسلوب والسّرد الأخّاذ الذي يغري بقراءة هذا العمل الأدبي البديع مرّات ومرّات.
    وقد كانت الرواية مصدر الهام للكثير من الأعمال الفنية، من اللوحات التشكيلية إلى المسرحيات والمقطوعات الموسيقية.
    الفنان الإسباني بابلو بيكاسو رسم مواطنه دونكيشوت "أو دون كيخوته كما ُينطق اسمه بالإسبانية"، ولكن على طريقته الخاصة. وأول ما يلفت النظر في لوحة بيكاسو هو الطابع الكاريكاتوري الواضح الذي أضفاه الفنان على شخصية دونكيشوت. إذ اكتفى باستخدام اللونين الأبيض والاسود، وهو ملمح يتناقض كليّة مع أسلوب بيكاسو الذي تضجّ لوحاته عادة بالألوان وتدرّجاتها المختلفة.
    وكما في الرواية، يبدو دونكيشوت هنا بسيطا وعفويا لكنه مستعدّ للقتال وركوب المخاطر، وهو وتابعه سانشو يقفان تحت شمس تعطي انطباعا بالتوهّج والحرارة، رغم أن بيكاسو رسم الشمس على هيئة دائرة صغيرة تحيط بها خطوط سوداء.
    اللوحة تدفع الناظر إلى الابتسام وتشيع جوا من المرح الممزوج بالسخرية.
    ولعلّ هذا ما كان يقصده بيكاسو، إذ اللوحة كما يبدو تختصر رؤيته الخاصّة لبطل رواية سرفانتيس








  2. #22
    من أهل الدار
    الانبار فلوجة

    عائلة لاعبي السيرك المتجوّلين
    للفنان الإسباني بابلـو بيكـاسـو، 1905


    يعتبر بابلو بيكاسو أحد اكثر الفنانين نشاطا وتأثيرا خلال القرن الماضي، وقد أحرز نجاحات كثيرة في ميادين الرسم والنحت والسيراميك، كما تمرّس في العديد من الأساليب الفنية لكنه برز على نحو خاص في الرسوم التعبيرية وابتكر ما ُسمي في ما بعد بالتكعيبية.
    درس بيكاسو الرسم في أكاديميتي برشلونة وسان فرناندو في مدريد، وفي العام 1899 كانت دائرة أصدقائه تضم الفنانين والكتاب الطليعيين الشباب الذين كانوا يسافرون ما بين مدريد وبرشلونة وباريس.
    في 1904 انتقل بيكاسو إلى باريس واستقر في حي مونمارتر الذي تقطنه الطبقة العاملة فاختلط بهم وتشرّب ثقافتهم تدريجيا. ورغم أن بيكاسو استفاد كثيرا من أجواء باريس فانه كان ما يزال يشعر بالتعاسة والوحدة والفقر.
    في السنة التالية كانت أعمال بيكاسو تتسم بغلبة اللون الزهري عليها ، ومن هنا سميّت تلك المرحلة بالمرحلة الزهرية، وجزء كبير من رسوماته التي أنجزها في تلك المرحلة كانت تعالج قضايا المشرّدين والمهمشين ولاعبي السيرك.
    واللوحة المختارة هنا تنتمي لتلك المرحلة واسمها "عائلة لاعبي السيرك المتجولين" وهي تصوّر جماعة من لاعبي السيرك، لكن بيكاسو أراد أن تكون اللوحة تعبيرا مجازيا عن الفنان الحديث الذي لا جذور له حيث لا يعمل تحت رعاية ملك أو نبيل أو كنيسة، فالحداثة، طبقا لبيكاسو، حالة تشرّد وعزلة.
    أما الأشخاص الظاهرون في اللوحة فهم بيكاسو نفسه واصدقاؤه، حيث يرتدي هو ثياب المهرّج، إلى اليسار، ثم هناك ابولينير الشاعر والناقد وأول من ابتكر مصطلح السوريالية، والشاعران اندريه سالمون وماكس جيكوب ويمثلهما الولدان الصغيران، أما الأنثى الجالسة إلى اليمين فهي فرناند خليلة بيكاسو، والطفلة الصغيرة التي تمسك بيد المهرج هي ابنة بيكاسو وفرناند بالتبني.
    أما الحيز الفارغ إلى أعلى فيرمز للغياب النسبي للأفكار التي رافقت المرحلة الزرقاء: الشعور بالتوق والوحدة والنبذ والخواء.
    والأشخاص هنا اكثر تحديدا ووضوحا من أشخاص المرحلة الزرقاء الذين كانوا يتّسمون بالتشوهات المؤلمة.
    ورغم أن الألوان أصبحت فاتحة اكثر مع ألوان زهرية اكثر دفئا، فان المزاج السائد ما يزال سوداويا إلى حدّ ما مع إحساس بالارتياح النسبي المشوب بالمرارة.
    استمرت المرحلة الزهرية سنة واحدة فقط بعد المرحة الزرقاء لكن بيكاسو لم يعد يشعر بالغربة فقد اصبح له صديقة وعائلة من نوع ما، واصبح يقضي بعض الوقت في السيرك لاكتساب أصدقاء جدد.
    الأرض التي يقف عليها الأشخاص في اللوحة منعزلة ونائية، ورغم أن بيكاسو يربط كل واحد منهم بالآخر وفق وضع محسوب بعناية، فان كل شخص منهم منعزل نفسيا عن الآخرين. وفي المرحلة الزهرية ابتعد بيكاسو عن الصور المثيرة جدا للشفقة، ففي هذه اللوحة يسود جو هو مزيج من الاستبطان والتأمل الحزين.
    وختاما، قد لا تكفي لوحة واحدة ولا موضوع واحد للتعبير عن عبقرية هذا الفنان الكبير والأثر الضخم الذي تركه على حركة الفن التشكيلي في العالم








  3. #23
    من أهل الدار
    الانبار فلوجة
    وليمـة بلشـاسـار
    للفنان الهولندي رمبـرانــدت، 1635


    "لا تعبدوا الأوثان. ولا تشركوا بالله شيئا". هذا هو الدرس الديني والأخلاقي الذي تقدّمه هذه اللوحة الجميلة والمعبّرة.
    القصّة التي ترتكز عليها الصورة مختلَف عليها. فكتب التاريخ لا تكاد تأتي على ذكرها. وكلّ ما هنالك بضع إشارات وردت في سفر دانيال من كتاب العهد القديم.
    حدثت هذه القصّة عام 538 قبل الميلاد. وتتحدّث عن الملك البابلي بلشاسار الذي خلف والده نبوخذ نصّر على كرسيّ الحكم.
    بعد سنوات من جلوسه على العرش، أقام بلشاسار في إحدى الليالي مأدبة ضخمة في قصره دعا إليها ألفاً من أفراد حاشيته والأمراء والوجهاء بالإضافة إلى زوجاته ومحظيّاته.
    مناسبة الوليمة غير معروفة على وجه التحديد. لكن يقال أن بلشاسار كان شخصا متكبّرا ومفتونا بملكه وهيلمانه. وقد اختار أن يقيم الوليمة في الوقت الذي كانت فيه قوّات داريوس ملك الفرس تُحكم حصارها على بابل تمهيدا لاقتحامها واحتلالها. كانت أسوار بابل وقتها محصّنة ومنيعة إلى درجة أن بلشاسار ظنّ انه يستحيل اختراقها.
    في تلك الليلة أمر بلشاسار بإحضار كؤوس الذهب والفضّة من معبد أورشليم كي يقدّم فيها النبيذ إلى ضيوفه. هذه الأواني كانت مقدّسة بحسب الرواية. وكان ذلك الفعل كافيا لجلب غضب الربّ وسخطه على الملك المستهتر.
    وتمضي القصّة فتقول انه بينما كان الملك وضيوفه منهمكين في الشراب والمجون، رأى الملك فجأة على ضوء مصباح يداً غريبة تخرج من الجدار وتكتب عليه كلمات مرمّزة بأحرف من اللغة الآرامية القديمة.
    وهذه هي اللحظة التي اختار رمبراندت أن يرسمها في اللوحة. تأثير الصدمة واضح على وجه بلشاسار وهو يدير رأسه باتجاه اليد التي تكتب على الجدار. رقبته متوتّرة وعيناه مفجوعتان وهو ينظر إلى الكتابة المتوهّجة على الحائط، بينما يرفع يده اليسرى كأنما ليحمي نفسه من خطر داهم ووشيك.
    هذه اللوحة تصلح لأن تكون نموذجا في دراسة التأثير السيكولوجي للصدمة. براعة رمبراندت في رسم ملابس الملك الباذخة والموشّاة بالذهب والفضّة وعمامته المثبّت فوقها تاج الحكم يجعل من هذه اللوحة إحدى أروع أعمال الرسّام.
    ترتيبات الحياة الساكنة على المائدة من فواكه وأوانٍ تشبه ما كان يستخدمه الهولنديون الأثرياء في منازلهم زمن رمبراندت. كأن الرسّام يدعو الناظر إلى تخيّل فخامة القصر والتمعّن في سحر الكتابة المتوهّجة باللونين الذهبي والفضّي على حائط القصر.
    المرأة الجالسة بالقرب من الملك تخفض جسدها اتقاء حركة ذراعه القويّة والمفاجئة. أيضا من التفاصيل اللافتة للانتباه في المشهد تعابير الصدمة والرعب المرتسمة على ملامح الرجل والمرأة الجالسين إلى يسار اللوحة. نظرات الحاضرين تدلّ على أن اليد ظهرت للملك وحده دون غيره. ولهذا السبب خاف وارتعب لأنه أدرك أن ما هو مكتوب يخصّه هو شخصيّا.
    ارتبك بلشاسار جدّا وتملّكه الفزع وتغيّرت هيئته ممّا رأى. وسارع في طلب السحرة والمنجّمين كي يفسّروا له ما حدث.
    وأشار عليه بعض خلصائه أن يستشير حكيما يُدعى دانيال عُرف ببراعته في تفسير الرؤى. وعندما حضر الحكيم عرض عليه بلشاسار أن يعطيه ما يشاء من مال وجاه إن هو نجح في قراءة وتفسير الكتابة الغامضة.
    فقال له دانيال وكان رجلا صالحا وزاهدا في الدنيا: لتكن عطاياك لنفسك ولتمنح هباتك لغيري. أما الكتابة فهي نذير شرّ لك. لقد بالغت في تمجيد الأوثان وإهانة الربّ. لذا سينتهي ملكك سريعا وستُقسّم أراضي المملكة بين ميديا وفارس".
    وفي تلك الليلة سقطت بابل دون قتال بخدعة نفّذها الفرس والميديون بتحويلهم مجرى النهر. وفي منتصف الليل فتحوا الأبواب بطريقة لم يتوقعها الحرّاس في الأبراج العالية وعبر الجيش الغازي إلى وسط المدينة وقُتل بلشاسار وعدد من رجاله.
    ويبدو أن داريوس عرف بأمر المأدبة الضخمة وبأن الملك ورجاله وجنده غارقون في سكرهم وعربدتهم وأيقن أن تلك فرصته الذهبية لاقتحام المدينة واحتلالها. وكان له ما أراد








  4. #24
    من أهل الدار
    الانبار فلوجة
    الحـَــرَس الليــلـــــي
    للفنان الهولندي رمبـرانــدت، 1642


    هذه اللوحة هي أشهر لوحات رمبراندت على الإطلاق، بل ويمكن القول إنها من اكبر الأعمال الفنية حجما إذ تبلغ مساحتها أكثر من مائتي قدم.
    ومثلما هو الحال مع بقية لوحاته لجأ رمبراندت، هنا أيضا، إلى لعبة الضوء والعتمة لإضفاء شيء من الحركية والدراماتيكية على المشهد.
    اللوحة تصوّر مجموعة من الحرس ينتظرون الأوامر من قائدهم لمباشرة دوريّتهم الليلية المعتادة.
    ويقال إن رمبراندت كُلّف بإنجاز هذه اللوحة من قبل قائد الحرس الذي يظهر في منتصف اللوحة معتمرا قبّعة سوداء و "جاكيت" اسود وياقة بيضاء.
    تضمّ اللوحة 34 شخصية وهو رقم يندر أن نرى له مثيلا في أيّ عمل تشكيلي آخر.
    ويُذكر أن رمبراندت تقاضى على اللوحة مبلغ 16000 غيلدر هولندي وهو مبلغ يعتبر كبيرا جدا في تلك الأيام.
    وقد اعتُبرت اللوحة بعد انجازها عملا ثوريا وظلت على الدوام موضع اهتمام كبير من جمهور النقاد والمهتمّين بالفنّ التشكيلي.
    فهذا البورتريه الجماعي الذي يُفترض انه يصوّر منظرا ثابتا تحوّل بفضل عبقرية رمبراندت إلى كرنفال صاخب من الضوء والحركة واللون، حيث يختلط فيه ضجيج الناس وقرع الطبول بنباح الكلاب وصرخات الأطفال.
    بالإضافة إلى الشخصية المركزية في اللوحة، أي قائد الحرس، هناك مساعده الذي يقف إلى جواره متأهّبا وحاملا عتاده.
    ثم هناك الفتاة الصغيرة باللباس الأصفر، ويلاحظ أنها ثبّتت في ثوبها دجاجة ميّتة قد تكون شعارا للحرس أو رمزا لشيء ما لا نعرفه.
    عندما أتمّ رمبراندت اللوحة كان عليها طبقة كثيفة من الطلاء اللامع.
    وعبر العصور التالية قام ذلك الطلاء بمهمّة الدرع الواقي، وبفضله نجت اللوحة من التلف عندما تعرّضت للهجوم مرّتين، الأولى في العام 1975 عندما قام شخص مختلّ عقليا بمهاجمتها بسكّين.
    والثانية في العام 1990 إثر قيام رجل معتوه آخر برشّ حامض الاسيد على اللوحة بقصد إتلافها.
    ولحسن الحظ تمكن الحرّاس في الحالتين من السيطرة على الرجلين ومنعهما من إتمام مهمّتها.
    وقد لحق باللوحة بعض التلفيات والأضرار جرّاء الحادثتين، لكن أمكن إصلاحها وترميمها بطريقة مقنعة نسبيا.
    كان رمبراندت مفتونا برسم الظلال الغامضة التي تستدعي المشاعر والانفعالات المتناقضة.
    وكان يميل إلى استعمال الفرشاة العريضة ورسم مسارات من الألوان المتكسّرة واستخدام السكّين وحتى أصابعه في بعض الأحيان. وهذا ما دفع النقاد إلى وصفه بالمزاجية والخروج عن المألوف.
    كان من عادة رمبراندت أن يرسم على ضوء شمعة بعد أن يحكم إغلاق باب غرفته. وهذا هو السبب في انه أصبح يسمّى في ما بعد بـ "فنّان العتمة".
    استقبلت اللوحة زمن رمبراندت استقبالا جيّدا، ويُذكر في هذا الصدد أن الخطوط الجوّية الهولندية استخدمت هذه اللوحة في أحد إعلاناتها الترويجية.
    "الحَرَس الليلي" طافت بالعديد من متاحف العالم الكبرى وهي اليوم من ضمن مقتنيات متحف الناشيونال غاليري في لندن.








  5. #25
    من أهل الدار
    الانبار فلوجة
    قوارب مبحرة قبالة شاطئ لو بوتيه جينفيير
    للفنان الفرنسي كلـود مـونيـه، 1874



    كان كلود مونيه معلّما لا يُنافَس في رسم الماء. وقد سبق التجريد النقيّ للقرن العشرين بعالمه الصامت من الأضواء والتموّجات المائيّة. كان مونيه يرسم مياه الأنهار من على بعد أو ضمن تأثيرات الشمس والضباب. وقد قُدّر له أن يزور فينيسيا في نهايات حياته فأعجب بطبيعتها النهرية وتأسّف على انه لم يأتِها وهو شابّ.
    وكان مونيه، مع رسّامين انطباعيين آخرين مثل إدوار مانيه وبيرتا موريسو وبيير رينوار، يجدون في نهر السين وفي البلدات الواقعة على ضفّتيه مصدرا للإلهام. لذا كانوا يقصدون النهر بانتظام ليرسموا المراكب المبحرة فيه ويصوّروا الأضواء على ضفّتيه.
    فكرة الماء، بما تثيره من مشاعر وذكريات، ألهمت أيضا عددا من الروائيين والموسيقيين، من أشهرهم دي موباسان وكلود ديبوسي، بالإضافة إلى المصوّرين الفوتوغرافيين ومخرجي الأفلام الذين كانوا يجدون في الماء وانعكاساته موضوعا لأعمالهم.
    في هذه اللوحة يرسم مونيه منظرا مفتوحا لبلدة لو بوتيه جينفيير الواقعة على الضفّة اليسرى لنهر السين. وقد سجّل في هذا المنظر وببراعة لحظة من الزمن، محوّلا المكان إلى شيء خالد ولا نهائي. وهذه هي المفارقة في أعمال مونيه، فهو يمسك بانطباع متلاشٍ، ثم يحوّله إلى صورة تتّسم بالثبات والديمومة.
    القوارب المبحرة في مياه النهر تذوب وتتلاشى لتتحوّل إلى نقاط متوهّجة من الأرجوانيّ والأبيض. ضربات الفرشاة وصفيّة تُمسك بشخصيّة الأشياء كأضواء ما بعد الظهيرة ولون الشمس المبهر وانعكاسات الغيوم، وتعطي انطباعا بالعمق والتراجع. الضفّة البعيدة من الماء تنسحب وتتراجع إلى أن تصل إلى نقطة التلاشي.
    اللون القرمزيّ في هذه اللوحة هو احد الألوان التقليدية القليلة التي كان مونيه يستخدمها. وهو هنا يمزجه بألوان أخرى كالزبرجدي والأخضر والزمرّدي. وكلّ هذه الألوان كانت تُعتبر ألوانا حديثة في ذلك الوقت.
    حتى القرن التاسع عشر، كانت معظم اللوحات التي تصوّر بيئات بحرية أو نهرية تُنفّذ داخل الاستديو. وكانت في الغالب ثمرة لمخيّلة الرسّام. وكثيرا ما كان البحر أو النهر يُستخدم كخلفية لقصّة أو حدث دراميّ، من قبيل غرق السفينة المأساوي الذي صوّره ثيودور جيريكو في لوحته طوف الميدوسا.
    كان البحر حتى ذلك الوقت يُعتبر مكانا غير مضياف بالنسبة للطبقة الباريسية الثريّة. لكنّ الحال تبدّل مع اختراع سكك الحديد وازدهار السياحة إلى الشطآن الشمالية. ولم يمضِ وقت طويل حتى تحوّل الساحل الشماليّ لفرنسا من تجمّعات سكّانية تعيش على ما ينتجه البحر من غذاء وغلال إلى مكان يؤمّه الناس طلباً للهدوء والمتعة، فأقيمت المصائف والمنتجعات على طول النهر وشهدت السياحة نموّا غير مسبوق.
    وسرعان ما انتقل الرسّامون إلى الشواطئ وبدءوا يرسمون أعمالهم هناك. وأسهم ظهور رُقَع الرسم المحمولة لأوّل مرة في تشجيع الرسّامين على الذهاب إلى خارج البيوت لتسجيل أنشطة الحياة الحديثة ومظاهر التغيير الاجتماعي والاقتصادي. وكان هناك سبب آخر مهمّ يتمثّل في أن الرسّامين كانوا يأملون في أن الأثرياء الذين يقضون عطلاتهم هناك ربّما ينفقون جزءا من ثرواتهم على شراء اللوحات الفنّية.
    لو بوتيه جينفيير كانت، وما تزال إلى اليوم، مكانا للعطلات الأسبوعية ومقصدا للسيّاح من أماكن كثيرة ومختلفة. وقد بلغت البلدة أوج شعبيّتها أثناء فترة الإمبراطورية الفرنسية الثانية. لكنها كانت أيضا مكانا مهمّا بالنسبة للرسّامين الانطباعيين. وهناك ما لا يقلّ عن 300 لوحة رُسمت عن طبيعة ومعالم هذه البلدة، بما فيها بيوتها وحقولها الصفراء ومطعمها العائم الذي يمكن رؤيته في لوحة أخرى رسمها مونيه خلال فترة إقامته فيها عام 1869م.
    هدوء البلدة وجمال شواطئها اجتذب إليها مونيه الذي اخذ عائلته وانتقل إلى هناك. وقد تطلّب منه ذلك شراء قارب قام بتحويله إلى استديو عائم وأصبح السين والقوارب المبحرة فيه موضوعا مفضّلا للوحاته








  6. #26
    من أهل الدار
    الانبار فلوجة








    لوحات الفنان بابلو بيكاسو







  7. #27
    من أهل الدار
    الانبار فلوجة
    ورتريه جـان إيبيـتيرن
    للفنان الإيطالي اميديـو موديـليـانــي، 1920



    كان اميديو موديلياني رسّاما ونحّاتا ذا أسلوب متفرّد وخاص. ومن السهل التعرّف على لوحاته بفضل الطابع القوطي لشخوصها وبساطة تفاصيلها ودقّة خطوطها وأناقة ووضوح ألوانها.
    ولد موديلياني لعائلة إيطالية يهودية ودرس الرسم في روما والبندقية، ثم هاجر إلى فرنسا حيث عمل لبعض الوقت مع النحّات الروماني كونستانتين برانكوزي. لكنه ما لبث أن تحوّل إلى الرّسم متأثرا بأعمال سيزان وبيكاسو ولوتريك ورولو.
    انتهج موديلياني في البداية الاسلوب التكعيبي في الرسم لكنه لم يكن جزءا من الحركة التكعيبية في ذلك الوقت. وفي ما بعد اتبع أسلوبا هو مزيج من الكلاسيكية والحداثة ورسم جسد الأنثى بطريقة لم يسبقه إليها أحد من الفنانين. وقد ُعرف عن موديلياني بوهيميته وغرابة أطواره وإسرافه في تعاطي الكحول والمخدّرات، ما جلب له متاعب صحّية واجتماعية كثيرة.
    وفي ما بعد وقع الفنان في حبّ جان إيبيتيرن وربطت بينهما علاقة حبّ قويّة. وقد ظهرت في العديد من البورتريهات التي رسمها. أما لوحاته الأخرى فتتضمّن مشاهد لنساء في أوضاع عارية ومتكشّفة.
    موديلياني ُينظر إليه اليوم باعتباره أحد اكبر فنّاني القرن الماضي، وأعماله تزيّن قاعات متاحف العالم الكبيرة. وقد بيعت إحدى لوحاته منذ سنتين بمبلغ 27 مليون دولار، رغم انه هو نفسه عاش فقيرا ومعدما.
    في بورتريه جان إيبيتيرن تبدو السيّدة مستندة إلى الأريكة بهيئة مريحة ومزاج مسترخٍ ونظرات هي مزيج من السلبية واللامبالاة. وكما هو الحال مع بقية البورتريهات التي رسمها لنساء، فقد تعمّد موديلياني إطالة اليدين والعنق وتدقيق الأنف فيما بدت الرأس صغيرة مقارنة بحجم الجسد والعينان لوزيتين بلون يتراوح ما بين الأزرق والبنّي والأخضر. واللوحة بشكل عام تختزل أسلوب موديلياني الخاص في التوظيف البارع للخطوط المتعرّجة والخلفيات ذات الألوان الباردة لتمثيل جمال الأنثى التي تتصّف بالغموض والجاذبية.
    أما جان إيبيتيرن نفسها فتنحدر من عائلة ارستقراطية كاثوليكية، وقد تبرّأت منها عائلتها المحافظة بعد ارتباطها بالفنان.
    توفي موديلياني بالسلّ في العام 1920 عن عمر لا يتجاوز الخامسة والثلاثين. وبعد وفاته عادت جان إيبيتيرن إلى منزل أبويها في مونمارتر. لكنها لم تلبث أن ألقت بنفسها من أعلى البناية التي كانت تقطنها عائلتها لتموت منتحرة مع طفلها الجنين. وبعد مرور عشر سنوات على وفاتها سمح أهلها بنقل رفاتها لتدفن إلى جوار زوجها.
    كان موديلياني مصرّا منذ البداية على خلق نموذجه الصوري الخاصّ والشائك عن الجمال. وقد نجح في اختراع جنس جديد من الكائنات ذوات الأطراف المستطيلة والخصور الضّيقة والوجوه الدقيقة اللاتي يغلب على ملامحهنّ الهدوء والبرود وأحيانا الانفعالات الجامدة والمحايدة.
    غير أن بعض أعماله لا تخلو من حسّية لإظهارها بعض المناطق الخاصّة من الجسد. ونساؤه إجمالا رقيقات مع شيء من الحزن والتأمّل. وميلان الشفاه الخفيف والأعين المظلمة أو الغائرة وسمات زوايا الجسد تعطي إحساسا بالهجر والغربة والانفصال.
    اليوم ينظر إلى موديلياني باعتباره جسرا ما بين تولوز لوتريك ورسّامي الفنّ الديكوري الذين ظهروا في عشرينات القرن الماضي.
    ولوحاته النسائية الممتلئة بالحبّ الرثائي والتوق والخشوع ما تزال تذكّر الناس به وبموهبته التي تستحقّ الإعجاب والاحترام اللذين ُحرم منهما في حياته. وقد بيعت إحدى لوحاته مؤخّرا بأكثر من 27 مليون دولار أمريكي.
    وفي العام الماضي تحوّلت قصّة الحب المأساوي بين موديلياني وجان إيبيتيرن إلى فيلم سينمائي أخرجه ميك ديفي
    س ولعب دور الفنان فيه الممثل اندي غارسيا بينما قامت بدور إيبيتيرن الممثلة الفرنسية إلسا زيلبيريستين.

  8. #28
    من أهل الدار
    الانبار فلوجة

    لصـحــوة
    للفنان الكندي جوناثان باوزر، 1998


    لوحات هذا الفنّان، لا تلمس أثرا لمعاناة الإنسان وهمومه ومشاغله. فهو يعتقد أن العالم، برغم ما ينوء به من صراعات ومشاكل، ما يزال مكانا يضمّ بين جنباته الكثير من مفردات وعناصر الجمال الذي لا تحدّه حدود.
    ومناظر باوزر البديعة يمكن اعتبارها محاولة لاكتشاف قدسيّة الحياة ورمزية الأسطورة ودعوة للكشف عن غموض وجمال الكون المختبئ وراء المظاهر المادّية والمصطنعة للأشياء.
    يقول واصفا مغزى لوحته "الصحوة": في اللوحة تعبر الآلهة عتبات الأبعاد لتدخل عالما مفقودا في الثلج والظلام. وعلى خطاها التي تحتضن العالم، تتناثر ستّون زهرة لوتس ترمز للخلق. وحولها هالة مضيئة بينما تمسك بيدها برعما مشعّا يرمز إلى حضورها الدائم الذي يولّد في العالم أمواجا من الضوء الواهب للحياة. وحول الهالة الشمسية العظيمة، تطير سبع حمامات بصحبة سرب من الفراشات المضيئة".
    وظّفت هذه اللوحة في أعمال شعرية وأدبية كثيرة. وقد أثار وضعها منذ سنوات على غلاف رواية صدّام حسين "زبيبة والملك" خلافا قانونيا بين الرسّام والحكومة العراقية. إذ اتهم باوزر وزارة الإعلام العراقية وناشري الرواية بانتهاك حقوق الملكية الفكرية عندما وضعوا اللوحة على غلاف الكتاب دون إذن مسبق منه.
    وفي ما بعد، أزيلت اللوحة من غلاف النسخة الانجليزية من الرواية واستبدلت بصورة للرئيس العراقي عند أسره. وقد ثار سؤال وقتها عن سبب إعجاب صدّام بامرأة غامضة ومسالمة. وقيل انه ربّما رأى في الأقواس التي تظهر في خلفية اللوحة ما ذكّره بأقواس مدينة بابل القديمة.
    "الصحوة" لوحة تختزل رؤية الفنان الباحث دوما عن المعرفة القديمة والأزلية التي تتأتّى من خلال الكشف الشعري والوجداني كلّ ما هو مقدّس وسامٍ في هذا الكون.
    وباوزر يعتقد بأن الميثولوجيا، سواءً كانت اعتقادا دينيا أو استعدادا نفسيا للحياة، يجب أن ُينظر إليها باعتبارها الروح الضرورية والدائمة لعالمنا المعاصر المدفوع بالتكنولوجيا والتغيير الدائم والمستمر.
    كما انه يحاول في أعماله تمثيل الجمال وقوى الطبيعة والتاريخ والفلسفة ومزجها بالجوانب الروحية والسيكولوجية.
    من الأشياء الملفتة في لوحات الرسّام هذا الحضور الدائم والمتكّرر للنساء وكأنه يؤكّد على صورة الأنثى باعتبارها رمزا للخصب والتجدّد والخلق والنماء.
    ومن الواضح أنه متأثّر مثل كثيرين غيره من الفنانين المعاصرين بالفلسفات الشرقية القديمة التي تربط بين عناصر الطبيعة والأسرار الكلّية للكون ووحدة الوجود.
    ولد جوناثان باوزر في كندا ودرس فيها الرسم والتصميم. وقد تأثر منذ بداياته بـ بوغورو ونسائه الصامتات المتأمّلات. كما تأثر بـ البيرت بيرشتادت الذي اشتهر بمناظره الطبيعية ذات السمات المقدّسة والغامضة.
    وتتوزّع لوحاته اليوم على العديد من المتاحف والغاليريهات والمجموعات الفنّية الخاصّة

  9. #29
    من أهل الدار
    الانبار فلوجة
    أزهــار الـريــح
    للفنان البريطاني جون وليام ووترهاوس، 1903

    ظلت أعمال الفنان جون ووترهاوس تحظى بالشعبية والتفضيل دائما، وقد تخصص في تصوير مشاهد من أساطير القرون الوسطى والعالم القديم.
    وفي العام 1902 ظهرت هذه اللوحة الهامة "أزهار الريح" في مقدمة سلسلة من اللوحات التي تعالج فكرة جديدة تتمثل في تصوير فتيات في ملابس فضفاضة وهن يجمعن الأزهار في طبيعة مفتوحة.
    ووترهاوس كان يحب الأزهار وهناك العديد من الدراسات النقدية المكرسة لتحليل هذه الظاهرة اعتمادا على تفاصيل بعض لوحاته.
    ولد الفنان ووترهاوس في روما، وعندما أتى إلى انجلترا درس في استديو والده، الفنان هو الآخر، ثم في أكاديمية الفنون الملكية.
    تأثر بـ لورانس تاديما ورسم مشاهد من الحياة في إيطاليا حيث كان يقيم.
    في 1891 اكتشف "موديلا" جميلة ظهرت في معظم لوحاته التي رسمها في ما بعد.
    يغلب على لوحات ووترهاوس الطابع الكلاسيكي، لكنه مصنف بكونه منتميا للأسلوب ما قبل الرافائيلي بسبب تركيزه على رسم النساء الجميلات وافتتانه بفكرة الأنوثة وتبنيه للاتجاه الواقعي في الرسم.
    لوحته الجميلة "أزهار الريح" تتميز برومانسيتها الفائقة ورقة خطوطها وأناقة توزيع الألوان فيها.

  10. #30
    من أهل الدار
    الانبار فلوجة
    فتـيات علـى الجسـر
    للفنان النرويجي إدفـارد مونـك، 1902

    ما أن يُذكر اسم رسّام ما حتى تقفز إلى الذهن إحدى لوحاته باعتبارها الأشهر والأكثر رواجا. فـ دافنشي غالبا ما يرد اسمه مقرونا بـ الموناليزا. ومانيه بـ اوليمبيا. وكليمت بـ القبلة. وادوارد هوبر بـ صقور الليل. وبول سيزان بـ لاعبي الورق. وويسلر بلوحته عن والدته. وماتيس بـ العارية الزرقاء. وهكذا..
    وما يحدث في غالب الأحيان هو أن اللوحة التي تعارف الناس على أنها الأكثر شهرة قد تحجب أعمالا أخرى للرسّام ربّما لا تقلّ عن تلك اللوحة إبداعا وتميّزا.
    ادفارد مونك هو الآخر لا يتذكّره الناس إلا من خلال لوحته الأشهر "الصرخة". ومع ذلك، هناك من مؤرّخي الفنّ من يتساءلون عن السبب في أن "الصرخة" أصبحت أشهر لوحة لـ مونك، في حين أن لوحته هنا لا تقلّ عنها، إن لم تتفوّق عليها، من حيث جمالها وقوّتها التعبيرية.
    "فتيات على الجسر" هي إحدى أشهر لوحات مونك. وقد رسمها أثناء إحدى اشدّ الفترات معاناة في حياته. غير أن تلك الفترة بالذات شهدت ولادة مجموعة من أكثر لوحاته نضوجا وعمقا. الرمزية القويّة في هذه اللوحة لها علاقة بلوحة مونك الأخرى رقصة الحياة. وهو من خلال هذين العملين كان يحاول استكشاف الأفكار التي تتناول مراحل تطوّر المرأة من النضوج إلى الشيخوخة فالموت.
    كان إدفارد مونك يرسم ما يمكن تسميته باللوحات المزاجية أو الانفعالية. وكانت تلك سمة خاصّة بفنّ شمال أوربّا حتى نهاية القرن التاسع عشر. وقد تخلّى مونك عن الرسم في الهواء الطلق الذي كان مهيمنا على لوحات الطبيعة النرويجية، وفضّل أن يرسم الطبيعة وفق رؤية مشحونة انفعاليا وعاطفيا.
    في هذه اللوحة اخذ الرسّام منظرا كان قد رآه من قبل في منتجع اوسكوشراند الصيفي يشبه المكان الذي رسم منه "الصرخة". وقد عاد إلى نفس المكان واستخدم القوّة التعبيرية للألوان والخطوط كي يحصل على لوحة أخرى ذات قوّة غنائية وشعرية كبيرة.
    كان مونك يعرف المنطقة جيّدا بشاطئها الجميل وأشجار الزيزفون الوارفة فيها وأسوارها البيضاء التي تتوهّج مثل المصابيح في ليالي الصيف.
    وقد سبق له وأن قضى عددا من عطلاته هناك، واستطاع أن يغمر نفسه في المكان بحيث تحوّل إلى انعكاس لتأمّلاته الداخلية الخاصّة.
    في اللوحة يرسم الفنّان مجموعة من الفتيات يرتدين ملابس خضراء وحمراء وبيضاء وهنّ يقفن على جسر. والسياج الخشبي الذي يستندن إليه يمتدّ إلى خلفية المنظر حيث يقوم بيت صغير تنهض على احد أطرافه شجرة زيزفون ضخمة تظهر انعكاساتها في مياه النهر إلى جوارها على شكل خطوط متماوجة.
    ملامح وجوه النساء غير واضحة. وهذا مؤشّر آخر على أن لوحات مونك لا تحكي قصصا بل تثير انفعالات وأمزجة متباينة. وظاهريا اللوحة تتحدث عن الطبيعة. لكنّها في الحقيقة تقود الناظر إلى طبيعة داخلية من المشاعر والانفعالات. وضربات الفرشاة القوّية والطلاء السميك يضيفان غموضا أكثر إلى الجوّ الانفعالي للوحة.
    الجسم الدائري الأصفر الصغير الذي وضعه مونك في سماء اللوحة إلى أقصى اليسار ظلّ هو الآخر مثارا للجدل والتكهّنات. البعض قال انه شمس منتصف الليل. والبعض الآخر ذهب إلى انه قمر يوشك على الغروب. وثمّة من تساءل عن سرّ غياب انعكاس ضوء هذا القمر في مياه النهر.
    كان مونك يتحدّث كثيرا عن الضوء الغامض للقمر في ليالي شمال أوربّا. وقد رسم الضوء الخافت هنا أيضا، كأنّما يحاول من خلاله أن ينزع عن الأشياء طابعها الفيزيائي ويضفي عليها معاني وسمات روحية. وقد يكون الضوء الغامض كناية عن ذكريات توشك أن تغرب وتتلاشى.
    هناك أيضا شيء ما نبيل في طريق اختيار مونك للألوان. حتى الألوان الساطعة عادة كالأصفر والأخضر والأحمر والبرتقالي تبدو هنا مخفّفة وفاتحة، ما يضفي على اللوحة جوّا من الدفء الممزوج بشيء من الحنين.
    النقّاد المعاصرون امتدحوا هذه اللوحة باعتبارها أكثر أعمال الفنّان نضجا. وهناك من وصفها بأنها طبيعة للخلاص ورغبة في العودة إلى عالم نظيف وصاف لا يسكنه سوى الأبرياء. كما قوبلت بحماس كبير في برلين عندما عرضها الرسّام هناك لأوّل مرّة.
    وبالنظر إلى النجاح الكبير الذي حققته، عاد مونك إلى فكرتها مرارا ورسم منها على امتداد ثلاثين عاما 12 لوحة تحمل جميعها نفس العنوان. الغريب أن الأشجار والسياج والجسر والبيوت التي تظهر في اللوحة ما تزال إلى اليوم على حالها عندما رسمها الفنّان قبل أكثر من مائة عام








صفحة 3 من 4 الأولىالأولى 12 34 الأخيرةالأخيرة
تم تطوير موقع درر العراق بواسطة Samer

قوانين المنتديات العامة

Google+

متصفح Chrome هو الأفضل لتصفح الانترنت في الجوال