كل من أراد أن يتعلم درس البطولة والفداء والإيمان والقيم فبإمكانه أن يتعلمه من كربلاء ، فهي مدرسة متكاملة للرجال والنساء ، والكهول والأطفال ... فهي حقاً جامعة إلهية لاتزال تربي الأجيال جيل بعد جيل من المستبسلين في سبيل الله .
فعلي الأكبر كان واحداً من الأساتذة الكبار في هذه المدرسة التاريخية ، إذ كان أشبه الناس برسول الله محمد ( صلى الله عليه وآله ) خَلقاً وخُلقاً و منطقاً ، حتى ان المسلمين جميعا والأسرة الهاشمية وبالذات الإمام الحسين ( عليه السلام )كانوا اذا اشتاقوا لرسول الله وهو حبيب هذه الأمة وشفيعها ، نظروا الى علي الأكبر ، حيث نطقه نطق النبي وشمائله شمائل النبي محمد ..
ولقد لعن الحسين قاتل علي الأكبر ، كما لعن عمر بن سعد قائلا له : (( مالك ؟ قطع الله رحمك ; ولابارك الله لك في أمرك ،وسلط عليك من يذبحك بعدي على فراشك ، كما قطعت رحمي ولم تحفظ قرابتي من رسول الله ( صلى الله عليه وآله ) ))... و هكذا كان .
فعلي الأكبر برز وقاتل قتال الأبطال ، وقتل من أعدائه حوالي مئتي شخص ، رغم انه كان عطشاناً و مرهقاً ، وكان الأعداء بالإضافة الى من يحاربه بالسيف أو الرمح بصورة مباشرة ، كانوا يمطرونه بالسهام والحجارة .. وليس المهم كم قتل منهم ، ولكن المهم أنه قاتل بأقصى درجات الشجاعة والإقدام والإيمان ..
كان علي الأكبر سليل الشجاعة من أبناء البطولة ، بل كان وأقرانه البطولة بعينها وكانت أرجوزته في كربلاء كلها دفاعاً عن القيم والمبادئ . وهذا هو الدرس الذي نتعلمه من هذا البطل .
فهو حينما وقع صريعاً ; وبتلك الصورة الفجيعة ، حيث استقبل السيف بأم رأسه ، واعتنق الجواد ، فحمله الى جانب الأعداء ، فانهالوا عليه بالسيوف حتى قطعوه إربا إربا . قال : (( ياأبتاه هذا جدي رسول الله قد سقاني بكأسه الأوفى شربة لاأضمأ بعدها أبداً )) .
ان علي الأكبر ( عليه السلام ) كان قطعة اليقين والإيمان والصدق ، وقد جزاه الله تبارك وتعالى ـ قبل أن تعرج روحه ـ أن أراه جده رسول الله في عالم الشهود وقد دفع اليه كأساً روياً لايضمأ بعده أبداً .
وكانت هذه الكلمات هي العزاء الأجمل للحسين ( عليه السلام ) حيث فقد أحب الذين قتلوا من أهل بيته ..