قبره الطاهر عليه السلام
إذا نظرنا إلى فعل الإمام زين العابدين في وضع (علي الأكبر) قريبا من أبيه الحسين عليه السلام نعرف من ذلك الغرض الباعث له، وهو تعريف الناس وعلى مر العصور بما حواه علي الأكبر عليه السلام من مزايا جليلة وصفات فاضلة، وأنه أقرب من بقية الشهداء إلى المهيمن تعالى لما حواه من ملكات لا تدركها أحلام البشر.
قال الإمام الصادق عليه السلام لحماد البصري: (إن الحسين بن علي غريب مدفون بأرض غريبة يبكيه
ويحزن له من لم يزره ويحترق له من لم يشهده ويرحمه من نظر إلى قبر ابنه عند رجليه في أرض فلاة ولا حميم قربه ولا قريب ثم منع الحق وتوازر عليه أهل الردة حتى قتلوه وضيعوه وعرضوه للسباع ومنعوه شرب ماء الفرات الذي يشربه الكلاب وضيعوا حق رسول الله (صلى الله عليه وآله وسلم) ووصيته به وبأهل بيته فأمسى مجفواً في حفرته صريعا بين قرابته وشيعته بين أطباق الثرى قد أوحش قربه في الوحدة والبعد عن جده والمنزل الذي لا يأتيه إلا من امتحن الله قلبه للإيمان وعرفه حقنا. ولقد حدّثني أبي أنه لم يخل مكانه منذ قتل من مصلّ عليه من الملائكة أو من الجن والأنس أو من الوحش وما من شيء إلا ويغبط زائره ويتمسح به ويرجو في النظر إليه الخير لنظره إلى قبره.وإن الله ليباهي الملائكة بزائريه.وأما ما له عندنا فالترحم كل صباح ومساء. ولقد بلغني أن قوما من أهل الكوفة وناسا من غيرهم يأتونه في النصف من شعبان فبين قارئ يقرأ وقاص يقص ونادب يندب ونساء يندبنه وقائل يقول المراثي. فقال حماد: قد شهدت بعض ما تصف.قال الصادق (عليه السلام): الحمد لله الذي جعل في الناس من يفد إلينا ويمدحنا ويرثي لنا وجعل عدونا يطعن عليهم ويقبح ما يصنعون).